عادت قضية خربة سوسيا، الواقعة شرق بلدة يطا جنوب مدينة الخليل في الضفة الغربية المحتلة، إلى الواجهة بعد التحذير الذي وجهته الولايات المتحدة ودول أوروبية إلى إسرائيل قبل أيام من عواقب إقدامها على هدم عشرات المنازل (الأكواخ) في القرية، فيما تنتظر المحكمة الإسرائيلية العليا موقفاً رسمياً من وزير الدفاع الجديد أفيغدور ليبرمان يفترض أن يقدمه حتى يوم الإثنين المقبل في شأن مصير القرية ومخططات الجيش. وتلاحق إسرائيل منذ أكثر من ثلاثة عقود سكان القرية وغيرهم ممن يقيمون في الخيام والكهوف جنوب الخليل لاقتلاعهم من أرضهم وضمها إلى أراضٍ سبق أن صادرتها وأعلنتها «حديقة وطنية» وأقامت على الأراضي المجاورة لها مستوطنات لغلاة المستوطنين الذين لا ينفكون عن الاعتداء على السكان البدو في المنطقة. وفي القرية التي تقع في المنطقة (ج) الخاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي عسكرياً ومدنياً، 40 مبنى تقريباً يسكنها نحو 340 شخصاً، ويصر جيش الاحتلال على هدمها بداعي بنائها بلا ترخيص، فيما يقول المستوطنون المجاورون إنهم الأحق بهذه الأرض. ويعيش سكان القرية على رعي الماشية والزراعة ويفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة والبنى التحتية. وذكرت صحيفة «هآرتس» أمس، أن الإدارة الأميركية حذرت قبل أيام إسرائيل رسمياً من مغبة تنفيذ مخطط الجيش هدم القرية، وأنه في حال أقدمت على ذلك «فسترد بحدة». وأضافت أن تحذيراً مماثلاً وصل في الأيام الأخيرة من الاتحاد الأوروبي والحكومة البريطانية ومؤسسات دولية مختلفة. وتابعت أن لندن أوضحت لمكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو أن هدم القرية سيشكل عائقاً أمام بريطانيا للدفاع عن إسرائيل في المحافل الدولية. وطبقاً لمسؤولين إسرائيليين كبار، فإن مردّ رسائل التحذير الأميركية والأوروبية هو توجه السلطة الفلسطينية لواشنطن والحكومات الأوروبية وتحذيرها من نية إسرائيل هدم البيوت في القرية. وبحسب الصحيفة، فإن مكتب رئيس الحكومة أوضح للأميركيين والأوروبيين أنه «في هذه المرحلة» لا توجد خطة للهدم، وأن الحكومة ستتصرف وفقاً لقرار المحكمة العليا التي ما زالت تبحث الملف بعد توجه «منظمة الحاخامات لحقوق الإنسان» بطلب تدخلها لتسوية الموضوع، فيما تخوض حركات يمينية استيطانية معركة قضائية من جانبها بداعي أن بيوت القرية أقيمت بلا ترخيص وينبغي هدمها. وبدأ مسلسل اقتلاع السكان من أماكن سكناهم عام 1986 مع إعلان سلطات الاحتلال الخربة «حديقة وطنية»، فقامت بإخلاء السكان ونقلهم للإقامة في أراضيهم الزراعية، وعادت واقتلعتهم من أراضيهم هذه عام 2001 وهدمت المغر والمنازل التي أقاموا فيها. وإذ عادت لتقتلعهم مرة أخرى قبل سنوات، تدخلت المحكمة العليا بإصدار تعليماتها بعدم هدم المنازل، وصادقت على بقاء سكانها فيها، لكنها لم تأمر الإدارة المدنية في جيش الاحتلال بمنح السكان تراخيص بناء. من جهتها، اقترحت الإدارة المدنية على السكان الانتقال إلى تجمع سكاني قرب قرية يطا بمحاذاة المنطقة (أ) التي تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية، لكنهم رفضوا الاقتراح، فيما واصل المستوطنون ضغوطهم على سلطات الجيش لهدم المنازل، آملين في أن تكون الحكومة اليمينية المتطرفة إلى جانبهم. ومع بداية العام الحالي، دارت مفاوضات بين الإدارة المدنية والأهالي في محاولة لتسوية الموضوع، لكنها لم تسفر عن نتيجة. وكان مفروضاً عقد جولة أخرى من المفاوضات الشهر الماضي، لكن تم إلغاؤها، ما أثار مخاوف السكان بأن الجيش يعتزم هدم المنازل. وبحثت المحكمة الموضوع مجدداً الأسبوع الماضي، وأصدرت في نهايته أمراً لوزير الدفاع بأن يقدم خلال أسبوعين موقفه الرسمي، على ألا يتم هدم أي منزل حتى تقديم الموقف. على صلة، ناقشت لجنة التنظيم والبناء في البلدية الإسرائيلية للقدس المحتلة أمس اقتراح مصادرة أراضٍ من حي الشيخ جراح في المدينة المحتلة لبناء كنيس ومؤسسات دينية يهودية تخدم 90 عائلة لمستوطنين يرتعون في قلب الحي، على غرار ما فعلت في حي الطور الفلسطيني. واحتج عضو البلدية من حزب «ميرتس» اليساري على الاقتراح، وقال إن الأولى بلجنة التنظيم والبناء تشييد غرف تعليمية للطلاب الفلسطينيين ليس صرف مبالغ كبيرة على مستوطنين جاؤوا إلى حي ليس لهم.
مشاركة :