مع وصول الحماسة إلى ذروتها قبيل إطلاق الدوري الإنكليزي الممتاز لموسم 2016-2017 اليوم، تترقب الجماهير بحذر بالغ معانقة النادي الأحب إلى قلبها لقب الدوري الكروي الأقوى على امتداد العالم. وحط أبرز المدربين العالميين الرحال في بلاد الضباب بغية خوض تجربة سامية في دوري كروي يعد بإثارة عارمة، ويصبو هؤلاء لإسقاط رانييري عن عرشه وبلوغ منصة التتويج مع فرقهم في 21 مايو المقبل. ولم يتوقع أكثر المتفائلين أن يتوج ليستر سيتي في الموسم الماضي، حيث منحته الترشيحات نسبة 1 إلى 5000 لخطف اللقب أمام أعتى الأندية، أسوة بحامل اللقب تشلسي، وقطبي مانسشتر، يوناتيد وسيتي، وأرسنال وتوتنهام، فضلاً عن العريق ليفربول. لكن رجال "الفيلسوف" الإيطالي كلاوديو رانييري خالفوا المنطق، وخطفوا اللقب الأسمى بفارق عشر نقاط كاملة عن أقرب ملاحقيهم أرسنال، ليتأكد للجميع أن المدربين يشكلون العلامة الفارقة في عالم الكرة المستديرة المتشعب والمعقد، علماً بأن مدرب الذئاب اعترف بصعوبة الحفاظ على اللقب العتيد، قائلاً: "مجيء الكائن الفضائي أي تي إلى سيرك بيكاديللي أقرب إلى الواقع من معانقتنا اللقب". وعاد البرتغالي جوزيه مورينيو إلى عالم الكرة الإنكليزية من بوابة مانشستر يونايتد، بعدما أقيل من منصبه مدرباً لتشلسي الموسم الفائت نتيجة ترنح أداء حامل لقب الموسم ما قبل الماضي، ويبدو الـ"سبيشيل وان" جاهزاً لخوض غمار التحدي مع أبناء الشمال، حيث تعاقد مع المدافع العاجي أريك بايي، ولاعب الوسط الأرميني هنريك مخيتاريان والمهاجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش، ولاعب الوسط الفرنسي بول بوغبا، في صفقة قياسية لم يشهد لها عالم الكرة المستديرة مثيلاً، حيث قدرت بـ89 مليون جنيه إسترليني وسط سعي الشياطين الدؤوب لاعتلاء منصات التتويج محلياً وقارياً، وجاء أول الغيث من بوابة درع المجتمع الإنكليزي الذي آل لمصلحة يونايتد في إثر تخطيه عقبة حامل لقب الدوري ليستر 2-1 على استاد ويمبلي الشهير. وفي الجهة المقابلة من المدينة، ينشد مدرب مانشستر سيتي الجديد الإسباني بيب غوارديولا، الذي خلف التشيلي مانويل بيليرغيني، إعادة "السيتيرن" إلى سابق عهدهم، إذ تعاقد مع الألمانيين غوندوغان وساني، والمدافع الإنكليزي ستونز، والإسباني نوليتو، واليافع البرازيلي غابريال جيسوس، والكولومبي مارلوس مورينو، مما يؤكد سعي السيتي الدؤوب للعودة إلى سكة الألقاب واعتلاء القمة في عالم الكرة الإنكليزية. ووعد غوارديولا بنقل فلسفة برشلونة الكروية إلى استاد الاتحاد، مؤكداً أنه لم يأت إلى إنكلترا لتغيير مفاهيم الكرة، حيث قال: "لم آت إلى هنا بهدف تغيير الثقافة الكروية في البلاد". ويرنو بدوره الفرنسي أرسين فينغر لحصد النجاح المتوخى مع ناديه أرسنال، الذي حل ثانياً على سلم ترتيب الدوري الإنكليزي الموسم الفائت، ويدرك المدرب الطويل الباع أن مستقبله على المحك، خصوصاً أن عقده مع "المدفعجية" ينتهي في يونيو المقبل، وهو ما اعترف به بقوله: "مستقبلي مرتبط بنتائج الفريق في الموسم الجديد". وقد اكتفى أرسنال بالتعاقد مع لاعب الوسط السويسري الدولي غرانيت تشاكا، في حين يأمل إتمام صفقة قلب الدفاع الألماني شكودران مصطفي من فالنسيا، في ظل الأزمة الدفاعية التي يعانيها بغياب الألماني العملاق بير ميرتيساكر، والبرازيلي غابريال بداعي الإصابة، والعودة المتأخرة للمدافع الآخر الفرنسي لوران كوسييلني. وفي غرب العاصمة، ينوي المدرب الإيطالي أنطونيو كونتي إرساء فلسفة كروية خاصة داخل أروقة تشلسي بعيد تعيينه مدرباً للبلوز، الذين عرفوا موسماً للنسيان اكتفوا خلاله بالمركز العاشر على لائحة الترتيب، ما أفضى لإقالة البرتغالي جوزيه مورينيو في منتصف الموسم، والإتيان بالمخضرم غوس هيدينك على نحو مؤقت. وظفر كونتي بخدمات لاعب الوسط المتألق نغولو كانتي، الذي أدى دوراً مؤثراً في خطف ليستر اللقب الموسم الفائت، ومع البلجيكي ميشي باتشوايي، في حين يرنو للتعاقد مع روميلو لوكاكو (لاعب الفريق السابق) لتعزيز صلابة الخط الأمامي، لكن الصفقة لم تبصر النور حتى الساعة. ويصبو الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو لمواصلة التألق مع فريقه توتنهام، الذي نافس على اللقب حتى الأمتار الأخيرة في الموسم الماضي، وتخلى عن مركز الوصافة لمصلحة جاره أرسنال، لكن أبناء العاصمة أظهروا صلابة كبيرة، مما يؤكد قدرتهم على المنافسة وسط وجود كوكبة من النجوم يتقدمهم المهاجم الفذ هاري كاين والحارس الفرنسي هوغو لوريس. بدوره، عبر مدرب ويست هام الكرواتي سلافن بيليتش عن إعجابه الشديد بالدوري الإنكليزي وقارنه بهوليوود، قائلاً إن "الدوري الممتاز يشبه هوليوود إلى حد بعيد. إنه أفضل مكان للعيش والعمل". وأرست كتيبة بيليتش أداء صلباً في الموسم الفائت، وتبوأت المركز السابع على سلم الترتيب في ظل تألق النجم الفرنسي ديميتري باييه الذي تتهافت الأندية للظفر بخدماته، بيد أن "الهامرز" طالبوا بـ50 مليون جنيه إسترليني بغية التنازل عن نجم منتخب فرنسا. من جانبه، يأمل مدرب ليفربول يورغن كلوب، الذي يخوض موسمه الثاني مع الفريق، تحقيق نتيجة إيجابية ومحاولة الظفر باللقب الغائب عن خزائنه منذ 1990 بعد تدعيم صفوفه بعدد كبير من اللاعبين هذا الصيف، بعدما خاض الفترة التي تولى فيها الفريق الموسم الماضي بمجموعة لم تكن من اختياره. غياب ليفربول عن المنافسة في البطولات الأوروبية قد يكون له شق إيجابي بالقدرة على العودة إلى وضعه الطبيعي بين مصاف الكبار، نظراً لأن تركيزه كله سيكون منصباً على الدوري المحلي. وتخلى كلوب عن مجموعة من اللاعبين، وعزز صفوفه بآخرين أبرزهم المهاجم السنغالي الدولي ساديو ماني من ساوثهامبتون، ولاعب الوسط المهاجم الدولي الهولندي جورجينيو والحارس لوريوس كاريوس من ماينز، والمدافعان جويل ماتيب من شالكه وراجنار كلافان من أوغسبورغ. في المقابل، رحل عن الفريق مجموعة كبيرة أبرزها جوردان إيبي وجو ألين ومارتين سكرتل وكولو توريه وويون فلاناجان. ومن المؤكد أن الضغوط الهائلة ستلقي بظلالها على المدربين مهما علا شأنهم، والحقيقة تقال أن قوة الدوري الإنكليزي وجماليته دفعتا أبرز الأسماء في عالم التدريب لخوض غمار تجربة فريدة من نوعها في بلاد الضباب، وبقاء هؤلاء في مناصبهم مشروط بنتائج فرقهم وأدائها داخل المستطيل الأخضر.
مشاركة :