ارتدت أسعار النفط عن خسائرها واتجهت للصعود أثناء التعاملات أمس (الجمعة) مع تراجع الدولار، لتبقى قرب مستوياتها المرتفعة التي سجلتها في الجلسة السابقة بفعل محادثات محتملة بين المصدّرين لبحث سبل دعم السوق، التي ما زالت تعاني من وفرة المعروض من الخام. وبحلول الساعة 14:15 بتوقيت غرينتش ارتفع سعر العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 26 سنتاً أو 0.56 في المئة إلى 46.30 دولار للبرميل، بعدما بلغ أعلى مستوى له في ثلاثة أسابيع في وقت سابق من الجلسة عند 46.66 دولار للبرميل. وبلغ سعر خام القياس الأميركي غرب تكساس الوسيط 43.83 دولار للبرميل، مرتفعاً 34 سنتا أو 0.78 في المئة، بعد ما لامس أعلى مستوى له منذ 25 تموز (يوليو) عند 44.17 دولار للبرميل. وصعد الخامان القياسيان أكثر من أربعة في المئة أول من أمس (الخميس)، بعد ما قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إن منتجي النفط سيناقشون أثناء اجتماع الشهر القادم في الجزائر تحركاً محتملاً لتحقيق استقرار أسعار النفط. وتلقت الأسعار دعماً من توقعات نشرتها وكالة الطاقة الدولية بأن يتحسن التوازن بين العرض والطلب قرب نهاية العام. كما وجدت الأسعار دعماً في حديث تجار عن انخفاض إنتاج الصين من الخام بنسبة 8.1 في المئة في يوليو ليصل إلى أدنى مستوى في خمس سنوات، لأن ذلك يعني أن أكبر اقتصاد في آسيا مضطر لاستيراد المزيد من الخام. إلى ذلك، قالت مصادر بقطاع الطاقة إن شركة إيني الإيطالية تجري مفاوضات مع شركات نفط من بينها لوك أويل وإكسون موبيل وتوتال وبي بي بشأن بيع حصة لا تقل عن 20 في المئة في حقلها العملاق للغاز في مصر. وتملك إيني حقل ظهر بالكامل، وقالت إنها ترغب في إدخال شركاء ضمن استراتيجيتها لبيع بعض أنشطتها للمساعدة في تحقيق هدف جمع خمسة بلايين يورو من خلال التخلص من أصول على مدار العامين المقبلين. ويقول محللون إن حصة نسبتها 25 في المئة في حقل ظهر - وهو الأكبر في البحر المتوسط - قد تجلب ما يصل إلى بليوني يورو (2.24 بليون دولار). وقال الرئيس التنفيذي كلاوديو ديسكالزي لايني إن أي اتفاق بشأن حقل ظهر سيتعين أن ينتظر حتى العام المقبل عندما يبدأ الإنتاج. وقال مصرفي على دراية بالمجموعة الإيطالية: «ما زال الوقت مبكراً لكن إيني بدأت المفاوضات». ولم يصدر تعقيب من إيني وتوتال وإكسون موبيل في حين قالت بي بي إنها لا تعلق على الشائعات أو التكهنات، وامتنعت لوك أويل عن التعقيب على الفور. وكان من شأن عدد من اكتشافات الغاز الكبرى قبالة سواحل مصر أن جعلت البلاد واحدة من أهم وجهات استثمارات الطاقة، حتى في الوقت الذي تسعى فيه الشركات لتوفير سيولة للتعاطي بصورة أفضل مع انخفاض أسعار النفط. والكثير من الشركات التي تتطلع إلى حقل ظهر المملوك لإيني إما لديها نشاط بالفعل في مصر أو بدأت في الآونة الأخيرة أنشطة في الجارة قبرص مثل إكسون موبيل وتوتال. ويقدر حجم احتياطات الغاز في حقل ظهر - وهو أحد أكبر الاكتشافات هذا القرن - بنحو 30 تريليون قدم مكعبة، كما أن الحقل يتميز بانخفاض تكاليف تطويره نسبياً. ويتم تنفيذ الكثير من أعمال البنية التحتية بالفعل، بما في ذلك منشأة للغاز الطبيعي في دمياط، كما أن القاهرة مستعدة لدفع أسعار مغرية لشركات التنقيب لتغطية الطلب المحلي. وقال المحلل لدى وود ماكينزي آدم بولارد: «بالنسبة للشركات من أمثال بي بي وإيني هناك حجم هائل من الطلب المحلي، ومن ثم فإن أي غاز يجدونه من الممكن إرساله إلى السوق المحلية ويمكنهم الحصول على سعر جيد». وضخت بي بي - وهي بالفعل منتج كبير للنفط والغاز في مصر - بلايين الدولارات لتطوير امتيازها للغاز في دلتا غرب النيل، كما أنها سرعت وتيرة العمل في اكتشافها الأحدث وهو حقل أتول في مصر. وقال بولارد إن رغبة بي بي في الحصول على حصة في «ظهر» قد تنحسر بسبب تكاليف تطوير حقل أتول البالغة ثلاثة بلايين دولار. وفي شأن آخر، قال رئيس المؤسسة الوطنية للنفط الليبية مصطفى صنع الله لـ«رويترز» إن خطط ليبيا لزيادة إنتاجها النفطي إلى خمسة أمثاله بنهاية العام لن تكلل بالنجاح حتى تخصص الحكومة أموالاً لإصلاح الضرر في البنية التحتية النفطية. وقال صنع الله: «إذا تلقينا نحو بليون دولار فسنفعل الكثير»، مضيفاً أن المؤسسة قدمت موازنتها إلى المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في الثالث من يوليو ولا تزال تنتظر الأموال. وانخفض إنتاج ليبيا - التي تحوز أكبر احتياطات نفطية في أفريقيا - إلى 207 آلاف برميل يومياً من النفط الخام هذا الأسبوع من ذروته البالغة 1.6 مليون برميل يومياً، قبل أن تقع البلاد في براثن الحرب الأهلية. وتعتمد ليبيا بشكل شبه حصري على إيرادات النفط لتغطية إنفاقها ومواجهة أزمة حادة في السيولة النقدية نظراً للانقطاعات في صادرات النفط، لكن صنع الله قال إن الأموال التي ستتجه إلى المؤسسة الوطنية للنفط ستدر زيادة كبيرة في إيرادات البلاد من خلال زيادة مبيعات النفط.
مشاركة :