مدرسة هولندية تحت مِـجهر تلفزيون الواقع

  • 2/8/2014
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

300 كاميرا وزعت في معظم زوايا وساحات وصفوف مدرسة هولندية في مدينة ألكيمار شمال العاصمة أمستردام. هي جزء من تجربة تلفزيونية جديدة تهدف إلى تسجيل الأيام الدراسية للمدرسة وتقديمها للمشاهد في ساعات تلفزيونية (بعد تقطيعها وتوليفها)، ضمن برنامج يحمل عنوان «المدرسة»، وتعرضه القناة الحكومية الهولندية الثالثة. فهل هناك ما يستحق المُتابعة في تفاصيل الأيام الدراسية لتلاميذ مدارس عاديين؟ اللافت إن برنامج «المدرسة»، يُعرض في الوقت ذاته الذي تبث فيه إحدى القنوات التلفزيونية التجارية برنامجاً هولندياً آخر بعنوان «يوتوبيا»، يُراقب مشتركين على مدار الساعة وهم يشيدون عالمهم المثاليّ الخاص. البرنامجان هما من إنتاج هولندي، أي من البلد ذاته الذي قدم النسخة الأصلية لبرنامج «الأخ الأكبر». هذا على رغم أن هولندا، تُعتبر واحدة من الدول القليلة التي تملك قوانين واضحة عن موضوع الخصوصية في الإعلام، كما لا يعرف عن الهولنديين ولعهم الكبير بالظهور الإعلامي، حتى إن مجموعة من تلاميذ ومدرسي برنامج «المدرسة»، فضلت ألا تظهر وجوهها واضحة في البرنامج. هناك كثير من الفروقات بين «المدرسة» وبرامج «الأخ الأكبر» بكل أنواعها، والتي ترجع في جزء منها للجهة الحكومية المنتجة للبرنامج الجديد، والتي تُخضِع برامجها بالعادة لمراجعات مُفصلة، تتعلق بمراعاة برامج الواقع التي تنتجها لخصوصيات الأفراد المشتركين فيها، إضافة إلى دراسات أخرى تخص جدوى الأفكار التلفزيونية المُقدمة. كما أن هناك اختلافات مهمة بالنسبة إلى هامش التجريب الواسع الموجود على القنوات الحكومية واختلاف مقاييس النجاح الشعبي لها، مقارنة بتلك التي تعرض على القنوات التجارية التي يجب أن تجذب أرقاماً معينة من المشاهدة، وألا تتوقف وتُستبدل بأخرى. أهم ما يميز «المدرسة»، إنه يُصور أيام دراسة عادية في مدرسة لا يُميَّزها الكثير عن مدارس أخرى. صحيح إن الطلاب يعلمون بوجود الكاميرات، لكنّ الأخيرة لا تقطع أو تعرقل اليوم الدراسي. كما لا يبدو أن شخصيات «المدرسة» مشغولة بتقديم نُسَّخ مُحَّسنة عن ذواتها. في المقابل يركّز البرنامج في كل حلقة على قصص مُعينة لتلاميذ الصف. فمثلاً، ستركز الحلقة الأولى على تلميذة التحقت بالمدرسة حديثاً، لتقتنص الكاميرا المخاوف والخجل في خطوة الانتقال إلى مدرسة جديدة، خصوصاً أن هذه الطالبة مولودة في هولندا لأب مصري وأم اسكتلندية، وهذا بدوره سيلفت الانتباه. هناك في الحلقة أيضاً طالب هولندي، يستعد لترك المدرسة المتوسطة، والالتحاق بدورة مكثفة لتعليم قيادة الشاحنات، بما أن طموحه العمل كسائق. ويقيناً أن البرنامج يختار بذكاء أن يُركز على صف دراسي نهائي في المدرسة المتوسطة، والضغط المُسلط على التلاميذ الذين يتوجب عليهم في نهاية العام الدراسي أن يختاروا طريقهم، والذي سيوجّه أحياناً حياتهم كلها، بين إكمال تعليمهم، أو ترك الدراسة والبحث عن عمل. أياً يكن الأمر، ومنذ انطلاق حقبة برامج تلفزيون الواقع، وهي مُحاصرة بالسؤال ذاته تقريباً: لماذا تُثير هذه البرامج التي تقدم أشخاصاً عاديين فضول الجمهور وحماسته؟ الإجابات تختلف بحسب اتجاهات البرامج وتركيباتها، لكنها يمكن أن تكون سهلة، فالبرامج تلك، وبخاصة الصادقة منها والحسنة النيّة، تنجح بإعادة إنتاج «اليوميّ» من حياتنا العادية، ومنحه الطزاجة والبعد الإنساني لجذب جمهور واسع، كما يفعل برنامج «المدرسة»، الذي وفّق في اختيار القصص التي تعكس صعوبة أيام الدراسة لتلاميذ من سن معينة، وتسليط الانتباه على تفاصيل مجهولة من يوميات فتيان وفتيات، كجزء من دور التلفزيون في التوعية وأحياناً في إطلاق إشارات التحذير.

مشاركة :