احتدمت المعارك خلال الساعات القليلة الماضية في مدينة حلب وريف محافظتها في الشمال السوري بين قوات النظام وحلفائها من جهة، وفصائل المعارضة من جهة أخرى. وهو ما يشكل إعلانًا صريحًا عن سقوط طرح الهدنة الذي سبق الترويج له أخيرا من قبل الأمم المتحدة وموسكو. وبدل أن تحاول الأخيرة ضبط إيقاع المعارك، كثف الطيران الحربي الروسي غاراته الجوية بشكل غير مسبوق، كما أكد أكثر من مصدر معارض، مستهدفًا مناطق داخل مدينة حلب وفي ريفها كما مشفى توليد في كفر حمرة. كانت حلب قد شهدت في ساعات متأخرة من ليل الخميس – الجمعة تطورًا نوعيًا تمثل في تمكّن فصائل المعارضة السورية من قطع طريق إمداد النظام الوحيد من جهة الجنوب إلى محافظة حلب؛ وذلك عقب السيطرة على محمية الغزلان؛ ما مكّنها من التمركز في مواقع مشرفة على الطريق وشلّ حركة قوات النظام عليه ناريًا. إلا أن كثافة قصف الطيران الحربي أجبرت المقاتلين على التراجع لتتحول محمية الغزلان إلى نقطة اشتباك لا يسيطر عليها أي من الأفرقاء، كما أكّد الناشط السوري البارز هادي العبد الله. ومما ذكره العبد الله في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن السيطرة على طريق خناصر استمرت لساعات عدة، لكن النظام وحلفاءه شنوا ما يزيد على 50 غارة جوية أجبرت فصائل المعارضة، وبالتحديد مقاتلو «حركة بيان» و«جيش النصر» على التراجع. ومن جهته، أعلن «جيش النصر» في بيان بوقت سابق، أن مقاتليه بالاشتراك مع «حركة بيان» طردوا قوات النظام من محمية الغزلان بشكل كامل، بعد ساعة على بدء معركة أطلقوا عليها اسم «غزوة حمراء الأسد» ليقطعوا بذلك طريق خناصر ناريًا، وهو الطريق الاستراتيجي الذي يربط مدينتي حماة وحلب مرورًا بسلمية فاثريا ثم خناصر والسفيرة. كذلك ذكرت «شبكة شام»، أن فصائل من المعارضة أحكمت سيطرتها على معسكر محمية الغزلان بريف محافظة حلب الجنوبي، بعد نحو ساعتين من بدء عملية عسكرية بالمنطقة تكبدت فيها قوات النظام والميليشيات المساندة لها الكثير من القتلى والجرحى. غير أن قناة «روسيا اليوم» التلفزيونية كما «الإعلام الحربي» التابع لما يسمى «حزب الله» نفيا تمكن المسلحين من قطع طريق خناصر المؤدي إلى حلب، وأكدا استمرار حركة السير عليه دخولاً وخروجًا إلى المدينة. والتطورات على جبهة خناصر جاءت بعد ساعات من كلمة أوردها موقع «سي إن إن» الأميركي، لعبد الله محمد المحيسني، الذي يشغل منصب القاضي العام لـ«جيش الفتح»، قال فيها من داخل حلب «اليوم يا إخوتي أريد أن أؤكد لكم بأن أقل من 20 في المائة من قدراتنا البشرية استخدمت.. الأيام المقبلة ستكون أعظم». وتابع: «يقولون نفتح لحلب أربعة معابر، نبشّرهم فتحت كل معابر حلب ونبشّرهم وصل اليوم إلى هنا ألف انغماسي، وأبلغوا الشهيد إبراهيم يوسف أن أحفاده وصلوا، وأن دمه لم يذهب هدرًا». أما على جبهة الراموسة داخل مدينة حلب، فحاول مقاتلون إيرانيون كما عناصر مما يسمى «حزب الله» بغطاء جوي روسي كثيف تنفيذ أكثر من محاولة اقتحام على محور كلية الفنون والمشروع 1070، إلا أن مقاتلي المعارضة تصدوا لهم وأوقعوا قتلى في صفوفهم، كما أكد هادي العبد الله. وقال محمد حاج قاسم، مدير المكتب الإعلامي لـ«تجمع فاستقم كما أمرت» في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «عناصر ما يسمى (حزب الله) حاولوا السيطرة على قطاع البلدية والكراج في الراموسة، إلا أن الثوار نصبوا لهم كمائن متقدمة وحاصروهم؛ ما أدى إلى مقتل 6 عناصر منهم على الأقل وإصابة ضابط برتبة عالية». وتحدث قاسم عن «كثافة نارية كبيرة» يعتمدها الطيران الروسي منذ ترويجه طرح هدنة الـ3 ساعات، التي لم ينفذ منها أي شيء يُذكر. وكان المتحدث باسم غرفة عمليات حلب التابعة لفصائل المعارضة ياسر عبد الرحيم قد أعلن الخميس أن «جيش الفتح» وفصائل أخرى من المعارضة استعادوا كل النقاط التي كانت قد سيطرت عليها قوات النظام والميليشيات في منطقة الراموسة، من بينها مبنى البلدية ومحطة المحروقات وقتل عدد كبير من قوات النظام. ومن جهته، تحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن «قصف الفصائل الإسلامية بقذائف الهاوين تمركزات لقوات النظام في محيط معمل الإسمنت، قرب حي الشيخ سعيد بجنوب حلب»، لافتا إلى أن «طائرات حربية قصفت مناطق في بلدتي حيان وحريتان ومنطقة آسيا بريف حلب الشمالي؛ ما أسفر عن سقوط 7 قتلى وعدد كبير من الجرحى». وخارج حلب نفسها، أفادت مصادر ميدانية بأن اثني عشر قتيلا بينهم أطفال، إضافة إلى عشرات المصابين، سقطوا جراء غارات روسية استهدفت بلدتي أورم الكبرى وكفرناها بريف حلب الغربي ومستشفى توليد في كفر حمرة بريفها الشمالي، مشيرة إلى أن الغارات الروسية أصابت أيضا عناصر من الكوادر الطبية لمستشفى كفر حمرة بجروح، وأن عمليات رفع الأنقاض لا تزال جارية بحثا عن ضحايا.
مشاركة :