فاز السباح السنغافوري جوزيف سكولينغ بذهبية سباق 100 فراشة، حارما الأمريكي مايكل فيلبس من ذهبيته الخامسة في ألعاب ريو والثالثة والعشرين في مسيرته الأسطورية، حيث اكتفى فيلبس بالفضية. كان السنغافوري جوزيف سكولينغ في الثالثة عشرة من عمره عندما التقى مثاله الأعلى الأمريكي مايكل فيلبس للمرة الأولى، لكن أيا منهما لم يخطر بباله أن اللقاء التالي بينهما سيكون في أحواض ريو وأن ذلك الصبي سيتحول إلى قاهر الأسطورة وسيهدي بلاده أول ذهبية أولمبية في تاريخها. من المؤكد أن فيلبس لا يتذكر حتى بأنه التقى سكولينغ قبل 8 أعوام في سنغافورة حين كان بصحبة المنتخب الأمريكي في معسكر تدريبي تحضيرا لحملته الأسطورية في أولمبياد بكين 2008 حيث أصبح أول رياضي يتوج بثماني ذهبيات في نسخة واحدة. لكن ذلك اللقاء بين الاثنين ترك أثره على حياة سكولينغ الذي كان حينها في الثالثة عشرة من عمره وأفضل سباح في بلده الصغير في فئته العمرية. وعندما كان فيلبس يحطم الأرقام في أحواض بكين، اتخذ سكولينغ قراره وأدرك أنه إذا أراد السير على خطى مثاله الأعلى يتوجب عليه مغادرة بلاده، فاتصل والداه بالمدرب الإسباني سيرخيو لوبيز الفائز مع بلاده ببرونزية 200 م صدرا في أولمبياد سيول 1988. السفر إلى الولايات المتحدة انتقل سكولينغ الذي اصبح الآن في الحادية والعشرين من عمره، إلى الولايات المتحدة وتحديدا إلى ولاية فلوريدا من أجل التمرن في مدرسة بولس في جاكسونفيل حيث عين لوبيز مدربا، ومن هناك بدأت القصة. اعتمد لوبيز مقاربة مختلفة مع سكولينغ وفضل التركيز على تقنيات السباحة عوضا عن التركيز على بناء العضلات لأنه رأى بأن هذه المسألة تتحقق بشكل طبيعي مع تقدم التمارين. وأثمرت مقاربة لوبيز لأن سكولينغ بدأ يصنع اسما لنفسه وفي 2011 توج بذهبيتين في ألعاب جنوب غرب آسيا التي أقيمت في أندونيسيا وتأهل أيضا إلى أولمبياد لندن 2012 عن سباق 200 م فراشة لكنه لم يتمكن من تجاوز التصفيات. معضلة الخدمة العسكرية الإجبارية وواجه سكولينغ معضلة عام 2013 بعد أن انهى مرحلة الثانوية في مدرسة بولس، فهو حصل على منحة جامعية من جامعة تكساس حيث هناك المدرب المعروف إيدي ريس لكن المشكلة أنه كان مطلوبا للخدمة العسكرية الإجبارية في أندونيسيا والتي تصل مدتها لعامين. تدخلت المؤسسة السنغافورية للرياضة التي تعنى بمساعدة الرياضيين الصاعدين وتقديم الرعاية لهم على عدة أصعدة، وطالبت بأن يسمح لسكولينغ بتأجيل الخدمة العسكرية لثلاثة أعوام بهدف التحضير للمشاركة في أولمبياد ريو 2016 وقد استمعوا لقصتنا عن الموهبة المميزة التي يتمتع بها وعن أن أشخاصا من هذا النوع نادرون، يأتون مرة في العمر خصوصا في بلدان صغيرة، وذلك بحسب ما كشف لوكالة فرانس برس ريتشارد غوردون، مدير المؤسسة السنغافورية للتميز الرياضي. وواصل: خدمة الوطن تعتبر من الأمور التي ترتدي أهمية مميزة في سنغافورة وإذا كان هناك أمر نفخر به كثيرا هو أننا منحناه فرصة لكي يواصل السباحة. ثمار القرار السليم وأثمر هذا القرار بالتأكيد وبعد أن وضع لوبيز الأسس الصحيحة في بناء سكولينغ، تولى ريس مهمة صقل هذه الأسس ومساعدة السباح السنغافوري على النمو والتطور من خلال إدخاله في البطولات كسباح مغمور بمواجهة آخرين من نجوم الرياضة. كان سكولينغ نجما معروفا في سنغافورة لكن بانتقاله إلى الولايات المتحدة تحرر من الضغط الإعلامي والاجتماعي المترافق مع النجومية في عالم الرياضة وسمح له بالتركيز على تطوير نفسه وهذا الأمر أثمر في 2014 عن حصوله على فضية 100 م فراشة في ألعاب الكومنويلث ثم أصبح لاحقا في العام ذاته أول سنغافوري منذ 32 عاما يحرز ذهبية في دورة الألعاب الآسيوية التي أقيمت في كوريا الجنوبية. ثم بدأ سكولينغ يلفت الأنظار على الصعيد العالمي وأظهر امكانية أن يكون من المنافسين على الميداليات في ألعاب ريو 2016 بعدما حل ثالثا في بطولة العالم العام الماضي لكن فيلبس لم يكن موجودا حينها بسبب إيقافه من قبل الاتحاد الأمريكي نتيجة قيادته السيارة تحت تأثير الكحول. أعظم لحظة رياضية في تاريخ سنغافورة ودخل سكولينغ إلى ألعاب ريو دون أية ضجة ولم يكن حتى في الحسابات لكنه خرج فجأة من الظل وأجبر مثاله الأعلى الذي التقط معه صورة عام 2008 نشرت الجمعة في وسائل الإعلام، على الاكتفاء بفضية سباق 100 فراشة حارما إياه من ذهبيته الخامسة في ألعاب ريو والثالثة والعشرين في مسيرته الأسطورية. كما حرم سكولينغ الذي حقق رقما قياسيا أولمبيا، مثاله الأعلى من إحراز ذهبية هذا السباق للمرة الرابعة على التوالي، مؤكدا بأنه عندما يتمتع المرء بالإرادة والرغبة باستطاعته تحقيق المعجزات لأن إسقاط الدلفين البشري يعتبر معجزة بالنسبة لسباح من بلد لم يسبق له أن أحرز أي ذهبية أولمبية ليس في السباحة وحسب بل في تاريخ مشاركاته في الألعاب. وكان رئيس سنغافورة توني تان شاهدا على إحدى أكبر المفاجآت في تاريخ الألعاب وعلى أعظم لحظة رياضية في تاريخ سنغافورة. هذه اللحظة التي شبهها ريتشارد غوردون، مدير المؤسسة السنغافورية للتميز الرياضي بلحظة اغتيال الرئيس الامريكي جون كينيدي قائلا الناس يتحدثون عن لحظة كينيدي، عندما اغتيل كينيدي. ما حصل ليس بنفس الدراماتيكية لكن هذه لحظة كيندي بالنسخة السنغافورية حيث سيتذكر الناس دائما لحظة فوز جوزف سكولينيغ بالميدالية الذهبية في الألعاب الأولمبية. فرانس24/أ ف ب نشرت في : 13/08/2016
مشاركة :