نجاح حظر الأسلحة في جنوب السودان مرهون بدعم دول إفريقية

  • 8/14/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

منذ أن اندلعت الحرب الأهلية في ديسمبر عام 2013، أنفقت حكومة جنوب السودان مئات الملايين من الدولارات على شراء الأسلحة والمعدات العسكرية من السوق الدولية، بما في ذلك طائرات هليكوبتر هجومية وعربات جنود مدرعة، وصواريخ موجهة بالحرارة، تم استخدامها للقضاء على عدد غير معروف من المدنيين. وراوحت تقديرات عدد القتلى، خلال فترة العامين ونصف العام الماضية، ما بين 50 ألفاً و300 ألف قتيل. ويندرج ذلك تحت ما تصنفه الأمم المتحدة بجرائم الحرب. وتم الحصول على كل هذه الأسلحة بصورة قانونية، طالما أن مجلس الأمن الدولي رفض فرض حظر على تصدير الأسلحة لجنوب السودان، على الرغم من النداءات المتكررة من قبل الدول الأوروبية. واستطاعت قوات المتمردين أيضاً الحصول على أسلحة أثناء الحرب، لكن بكميات صغيرة نسبياً معظمها من جمهورية السودان. وتعتبر الولايات المتحدة إحدى أكبر العقبات التي تحول دون فرض حظر أسلحة لجنوب السودان. فقد ساعدت أميركا في التفاوض على انفصال جنوب السودان عن السودان عام 2011، وظلت داعماً مهماً له. ومنذ بداية الحرب الأهلية الحالية ـ التي كانت من المفترض أن تنتهي منذ ما يقرب من عام، بعد أن وقع الرئيس، سالفا كير، على اتفاق لتقاسم السلطة مع زعيم المتمردين ونائب الرئيس السابق، رياك مشار في أغسطس 2015 - استخدمت الولايات المتحدة ثقلها السياسي في مجلس الأمن الدولي لحماية حكومة جنوب السودان من حظر السلاح. وقدم المسؤولون الأميركيون مبررات مختلفة، من بينها أن حظر السلاح من شأنه أن يحفز الحكومة على تصعيد الحرب، وأن حظر السلاح لن ينجح إلا إذا وافقت الدول المجاورة لجنوب السودان على الالتزام بذلك. وكانت مستشارة الأمن القومى الأميركي، سوزان رايس، التي يعود ارتباطها بسياسة جنوب السودان منذ عهد إدارة الرئيس السابق، بيل كلينتون، تعد من أشد المعارضين للحظر المقترح على تصدير السلاح لجنوب السودان. أميركا ضد الحظر تعتبر الولايات المتحدة إحدى أكبر العقبات التي تحول دون فرض حظر على الأسلحة لجنوب السودان، وهي التي ساعدت في التفاوض على انفصال جنوب السودان عن السودان عام 2011، وظلت داعماً مهماً لهذا البلد. ومنذ بداية الحرب الأهلية الحالية ـ التي كانت من المفترض أن تنتهي منذ ما يقرب من عام، بعد أن وقع الرئيس، سالفا كير، على اتفاق لتقاسم السلطة مع زعيم المتمردين ونائب الرئيس السابق، رياك مشار، في أغسطس 2015 ـ استخدمت الولايات المتحدة مكانتها السياسية في مجلس الأمن الدولي لحماية حكومة جنوب السودان من حظر السلاح. • أصبحت دولة مثل أوغندا مورداً رئيساً للأسلحة إلى جنوب السودان، ومن المعتقد أنها تشتري أسلحة من إسرائيل وغيرها من البلدان نيابة عن حكومة جنوب السودان. ألا أنه بعد اندلاع قتال عنيف مرة أخرى، الشهر الماضي، في العاصمة جوبا، أدى لمقتل المئات، وألقى ظلالاً من الشك على جدوى اتفاق السلام الموقع في أغسطس 2015، بدأ مسؤولون أميركيين يعملون وراء الكواليس لفرض حظر على الأسلحة. وفي الأسبوع الماضي، التقى مسؤولون أميركيون مع نظرائهم الروس والصينيين في الأمم المتحدة، لمناقشة مشروع القرار الذي يتضمن حظراً على الأسلحة، وتفويضاً بقوة حفظ سلام إقليمية جديدة. وتأتي هذه المفاوضات في وقت حرج ومحفوف بالمخاطر في جنوب السودان، حيث تهدد المعارضة المسلحة بالزحف نحو العاصمة إذا لم يتم إرسال قوة تدخل إقليمية لتأمين جوبا، وإنفاذ اتفاق السلام المتعثر. وفي غضون ذلك، تقول الحكومة إنها لن تقبل بإرسال قوة إقليمية، وهدد متحدث باسم الجيش الحكومي بقتال القوات الأجنبية التي تدخل البلاد من دون إذن. وهذا من شأنه أن يفاقم أكثر الموقف المعقد أصلاً، واحتمال إراقة المزيد من الدماء، وسيتبعه بالطبع شراء مزيد من الأسلحة. ويقول خبراء إن حظر الأسلحة لن يوقف بالكامل تدفق الأسلحة الصغيرة والذخائر إلى جنوب السودان. حيث إن الطلقات النارية يمكن نقلها بسهولة ويصعب تفتيشها واقتفاء الجهة المصدرة لها، ما يجعل من السهل على الموردين الالتفاف على الحظر. وبالمثل، فإن الأسلحة الخفيفة، مثل رشاشات «إيه كي»، منتشرة بالفعل حتى في القرى أو المناطق النائية. لكن يمكن أن يظهر تأثير هذا الحظر جلياً، كما يقول الخبراء، في منع استيراد المعدات العسكرية الثقيلة - بما في ذلك السيارات والطائرات - التي أحدثت بالفعل أثراً مدمراً ضد الجنود والمدنيين على حد سواء، خلال فترة العامين ونصف العام الماضية. ووفرت طائرات الهليكوبتر الهجومية، التي حصلت عليها الحكومة خلال الفترة بين 2014 و2015، للجيش الحكومي ميزة عسكرية رئيسة، حيث استطاعت بوساطتها استعادة ما استولى عليه المتمردون من مناطق في الجزء الشمالي من البلاد. واشترت الحكومة أربع مروحيات من طراز «إم آي-24» خلال هذه الفترة، ثلاث منها على الأقل من شركة أوكرانية جزءاً من صفقة بلغت قيمتها 42.8 دولار أميركي، لكنّ الجنود والمتمردين ليسوا وحدهم هم ضحية هذا الصراع، ففي يوليو عام 2015 أطلقت مروحيات «إم آي-24» الحكومية صواريخ على مستشفى الصليب الأحمر في مدينة كدوك بولاية أعالي النيل، ما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة 11 آخرين، وتم استخدام طائرات الهليكوبتر الهجومية مرة أخرى، الشهر الماضي، لتدمير مجمع مشار في جوبا خلال اندلاع القتال الذي خلّف 500 قتيل على الأقل، بينهم العشرات من المدنيين. وتشمل الأسلحة الثقيلة الأخرى، التي اشترتها الحكومة خلال الحرب، ناقلات الجنود المدرعة، من نوعَي كوجار وتايفون، التي وردتها شركة كندية، إضافة إلى ما يعتقده الخبراء من شراء 10 دبابات برمائية روسية الصنع، لاتزال الجهة البائعة لها مجهولة. ويبدو أن جميع هذه المركبات استخدمت لاستهداف المدنيين. وخلال هجوم «الأرض المحروقة» في ولاية الوحدة، الصيف الماضي، على سبيل المثال، استخدمت الحكومة الدبابات البرمائية التي تم شراؤها في عام 2014 لمطاردة «المقاتلين والمدنيين في مستنقعات السدود»، كما أكد تقرير للأمم المتحدة. وبالمثل، أورد تقرير «هيومن رايتس ووتش» في 2015 أن عدداً كبيراً من الحالات استخدمت فيها الحكومة الدبابات لسحق المدنيين خلال الهجوم نفسه. وينبغي ألا يمنع حظر الأسلحة فقط شراء طائرات هجومية ودبابات ومركبات برمائية إضافية، وإنما يجب أن يعني أيضاً أن على الموظفين الأجانب، مثل المواطنين الأوكرانيين الذين يصينون مروحيات «أم آي -24» مغادرة البلاد، وفقاً للعضو السابق في لجنة الأمم المتحدة للخبراء بجنوب السودان، لوكاس فان دي فنديرفورت، وبالتالي تصبح معدات مثل هذه الطائرات غير صالحة للعمل في نهاية المطاف. ومن شأن الحظر على الأسلحة أيضاً أن يكون رادعاً رمزياً للدول التي تنقل الأسلحة إلى الأطراف المتحاربة. فقد تعهدت الصين بوقف عمليات نقل الأسلحة إلى الحكومة، بعد أن خرجت للعلن أنباء شحنة نورينكو عام 2014، ما أثار احتجاجات جماعات حقوقية، لكن تدخلت دول أخرى لملء الفراغ. وأصبحت دولة مثل أوغندا مورداً رئيساً للأسلحة إلى جنوب السودان، ومن المعتقد أنها تشتري أسلحة من إسرائيل وغيرها من البلدان، نيابة عن حكومة جنوب السودان. وسعت حكومة جنوب السودان أيضاً لشراء أربع طائرات هليكوبتر هجومية إضافية بقيمة 35.7 مليون دولار أميركي، من شركة مقرها كمبالا يطلق عليها «بوساسي لوجيستيك». ولم يتضح ما إذا كانت تلك الصفقة قد تمت أم لا. وعلى جانب المتمردين، كان السودان هو المورد الرئيس للأسلحة، وفي بعض الأحيان يتم إسقاط الأسلحة والذخيرة في عمق أراضي جنوب السودان. في عام 2014 حللت منظمة «كونفليكت آرمامينت ريسيرش» ـ وهي منظمة أبحاث تعمل في مجال الأسلحة والصراع - المئات من القذائف الصغيرة والثقيلة التي تم إسقاطها جواً في مناطق المتمردين، لكنها سقطت في وقت لاحق في أيدي الحكومة. وكشفت هذه الشركة أن نسبة كبيرة من الذخيرة تم تصنيعها في السودان بعد أن بدأت الحرب الأهلية. ويبدو أن نجاح الحظر المقترح على الأسلحة مرهون، على الأرجح، بدعم من دول إفريقية أخرى. وليس من المتوقع أن تعترض روسيا والصين، اللتان اعترضتا على تدابير مماثلة في الماضي، على فرض حظر على الأسلحة لجنوب السودان، إذا شكلت البلدان الإفريقية جبهة موحدة لمصلحة الحظر في مجلس الأمن الدولي.

مشاركة :