«أهل غزة يصدّرون الفن ورسالة السلام، فيما تصدر إسرائيل إرهاب الدولة المنظم وتحرم الشعب الفلسطيني من ممارسة فنه وتراثه وتوجيه رسالة السلام التي تُجمع عليها كل شعوب العالم»، قال منسق مهرجان فلسطين الدولي في قطاع غزة عادل عبد الرحمن في مقابلة مع «الحياة» عقب منع سلطات الاحتلال فرقة «دواوين» من مغادرة القطاع للمشاركة في مهرجان فلسطين الدولي 2016، مضيفاً أن «المحتل الاسرائيلي يقمع الشعب الفلسطيني في مناحي حياته كافة، بما فيها الفن الذي يحمل أسمى معاني السلام». وزاد أن «هذه رسالة واضحة أن المحتل غير معني بالسلام». وتساءل: «هل هناك مقارنة بين الإرهاب والفن؟»، ليجيب: «نعم، الفن رسالة سلام تتغنى بها شعوب العالم، والإرهاب ماكينة للقتل». عبدالرحمن الفلسطيني الذي يحمل الجنسية المصرية والمتحمس جداً للفن والسلام سعى جاهداً لتمكين فرقة «دواوين» من غزة وفرقة «اسكندريلا» المصرية من المشاركة في المهرجان من دون جدوى. وقال إنه تقدم بطلبات الى سلطات الاحتلال من خلال وزارة الشؤون المدنية الفلسطينية، لاستصدار تصاريح مسبقة تمكن الفرقتين من المشاركة في المهرجان الى جانب فرق مقدسية وأخرى من الضفة الغربية. وأضاف أن المهرجان، الذي وُلد قبل عشر سنوات، تم تنظيمه في عدد من مدن الضفة، من بينها القدس ورام الله وجنين والخليل. لكن الشاب حليق الرأس قرر أن يكشف عنجهية الاحتلال ويُظهر الوجه الحقيقي للدولة العبرية التي تدعي زوراً وبهتاناً أنها واحة الديموقراطية في الشرق الأوسط، وتلتزم المواثيق والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الانسان وحرية التعبير والتنقل. ويُعتبر منع الفرقتين من التنقل مخالفاً للمادة 19 من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية اللتين تنصان على الحق في التعبير بأشكاله كافة، بما فيها الفن. وقرر عبدالرحمن تنظيم فعالية احتجاجية على قرار المنع أمام حاجز بيت حانون «ايرز» شمال القطاع الذي تسمح اسرائيل من خلاله لعدد محدود جداً من الفلسطينيين باجتيازه بتصاريح تصدرها مسبقاً، من بينهم المرضى وعشرات من رجال الأعمال، فيما تحبس مليوني فلسطيني داخل سجن لا تتجاوز مساحته 365 كيلومتراً مربعاً. وفي منطقة تقع بين حاجزين يُطلق عليهما الفلسطينيون «حاجز 44» الذي تديره حركة «حماس» و «حاجز 55» الذي تديره السلطة الفلسطينية، ويقعان داخل أراضي القطاع قبل حاجز «ايرز»، اصطف أعضاء فرقة «دواوين» الثلاثة عشر، وغنوا أمام عشرات من الصحافيين والحقوقيين، من دون جمهور. ألهب مغني الفرقة رؤوف البلبيسي ورفاقه حماسة الصحافيين والحقوقيين وعدد قليل من سكان المنطقة الذين مروا صدفة في المكان. وعلى جزء من الطريق المغلق نظراً لإغلاق حاجز «ايرز» كل أيام السبت، وفق الدين اليهودي، وبين سلك شائك وأراضٍ جرداء مزقتها أسنان جرافات عسكرية اسرائيلية، لم تجد الفرقة بداً من الغناء: «راجع ع بلادي راجع ع بلادي على أرضي الخضرة راجع ع بلادي أنا وولادي أنا وولادي على أرضي الحرة راجع ع بلادي». ونظراً الى أن سلطات الاحتلال منعت البلبيسي ورفاقه من مغادرة القطاع للمرة الأولى في حياتهم الى مدينة رام الله، مقر السلطة الفلسطينية، غنى الشبان المفعمون بالطاقة والحيوية: «وين ع رام الله، وأنت يا مسافر وين ع رام الله... ما تخاف من الله، كويت قليبي، وين ع رام الله». ووسط تشجيع الصحافيين وتصفيقهم، غنت الفرقة نحو 15 أغنية، من بينها أغنية «منتصب القامة أمشي، مرفوع الهامة أمشي» للموسيقار والمغني اللبناني الشهير مارسيل خليفة الذي تربت أجيال من الفلسطينيين على موسيقاه وأغانيه وأغاني «مطربة المقاومة» جوليا بطرس التي غنت لها الفرقة أغنية «يا ثوار الأرض ثوروا ع الطغيان». ولم يفت الفرقة تقديم مجموعة من أغاني الثورة الفلسطينية التي طالما استمع اليها الفلسطينيون سراً تحت الاحتلال وحفظوا، عن ظهر قلب، كلماتها التي كتبها الشاعر والملحن الفلسطيني مهدي سردانة الذي يرقد على سرير الشفاء حالياً في أحد مستشفيات الضفة الغربية. وبينما كان منطاد اسرائيلي مزود آلات تصوير «يتابع» ما يحدث، تراقصت أغصان شجرة زيتون قريبة على أنغام أغنية «طالعلك يا عدوي طالع، من كل بيت وحارة وشارع».
مشاركة :