تأثير معدلات الفائدة السلبية على النشاطات الاستثمارية - اقتصاد

  • 8/15/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

قرر بنك إنكلترا أخيراً الانضمام إلى البنوك المركزية الأخرى حول العالم، وخفض أسعار الفائدة إلى مستوى الصفر، مع احتمال أن يعتمد في وقت لاحق معدلات فائدة سلبية. وكان البنك قد أعلن خلال الأسبوع الماضي، خفض سعر الفائدة الرسمي إلى 0.25 في المئة، وألمح في الوقت نفسه إلى أن تخفيضات أخرى ستحصل في المستقبل. وقد كانت ردة فعل الأسوق المالية على هذا القرار عادية، بما أن المستثمرين في جميع أنحاء العالم، اعتادوا على أسعار الفائدة المنخفضة جداً، التي تقرب من الصفر أو السلبية، ونحن مع ذلك غير متأكدين ما إذا كان معظم المستثمرين يدركون الآثار المترتبة لأسعار الفائدة السلبية على مختلف فئات الأصول. ومما لا شك فيه أن معدلات الفائدة التي تعادل الصفر أو السلبية، رفعت قيمة بعض فئات الأصول، بما في ذلك بعض العملات مثل الدولار الأميركي، والين الياباني، في الوقت الذي يواصل فيه عدد البلدان التي تعتمد أسعار فائدة سلبية بالارتفاع. وكانت اليابان أول من قرر اعتماد أسعار فائدة سلبية، تبعتها ألمانيا، وفرنسا، وسويسرا، وهولندا والنمسا والسويد، وإننا على ثقة من أن بعض الاقتصاديات المتقدمة ستنضم عاجلاً أو آجلاً إلى هذه الدول. إذ يعمل مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي، على دراسة وتحليل الآثار المترتبة على تحريك سعر الفائدة على الأموال الاتحادية الأميركية، إلى المنطقة السلبية أيضاً. ونعتقد أن العديد من المستثمرين يتساءلون عن كيفية تأثير معدلات الفائدة السلبية، على استثماراتهم في كافة فئات الأصول. وهنا يجب على البنوك، عندما تكون أسعار الفائدة التي تقدمها سلبية، دفع رسوم للبنوك المركزية مقابل الأموال الاحتياطية التي تودعها لديها، وهو الأمر الذي يعني حرفياً أن المقرضين يدفعون للمقترضين للحصول على القروض، كما يحدث الآن مع بعض البنوك في منطقة اليورو، التي تودع أموالها الاحتياطية لدى البنك المركزي الأوروبي. وتهدف هذه السياسة إلى تشجيع البنوك، على إقراض أموالها الفائضة لرجال الأعمال والمستهلكين، بدلاً من إيداعها لدى البنوك المركزية ودفع رسوم عليها، هذا من الناحية النظرية. ولكن الواقع مختلف تماماً، فكيف تؤثر أسعار الفائدة السلبية على الأسهم، والسندات والعملات، وفي الوقت نفسه يُفترض بها أن تدعم الأنشطة الاقتصادية، هذا أمر ليس من السهل على المستثمرين استيعابه. ومن المرجح، من وجهة نظر استثمارية، أن تستمر أسعار الفائدة السلبية بالتأثير، على فئات الأصول المختلفة لفترة طويلة. الأسهم إن القطاع المصرفي، وهو في العادة شريان الحياة في أي اقتصاد، هو الأكثر عرضة للمخاطر، نتيجة معدلات الفائدة السلبية، ليس فقط لأن على البنوك التي تقدم الخدمات المصرفية التجارية، تسديد رسوم للبنوك المركزية لإيداع احتياطياتها من النقد، ولكن لأن نموذج الأعمال التجارية للقطاع المصرفي مبني على الاقتراض على الأجل القصير لمنحنى العائد أي من المودعين، والإقراض على الأجل الطويل أي القروض. وبما أن الأجل الطويل لمنحنى أسعار الفائدة، رُسّخ بعد سنوات من برامج التيسير الكمّي، فإن أسعار الفائدة السلبية تضر بهوامش ربحية البنوك في الأجل القصير، خصوصاً أن العديد من البنوك تحجم عن فرض رسوم على المودعين. وبناء على ذلك فإن معظم البنوك في تلك البلدان التي تعتمد أسعار فائدة سلبية مثل ألمانيا، وسويسرا، وإيطاليا والسويد هي في حالة يرثى لها، وقد تجد نفسها في ورطة كبيرة في وقت قريب جداً. ويتم حالياً تداول أسهم معظم البنوك الأوروبية أقل من قيمتها الدفترية، وهو الأمر المثير للقلق بالنسبة للمستثمرين، ولكن ينبغي أن يكون لأسعار الفائدة السلبية، من الناحية النظرية، التأثير الإيجابي نفسه الذي تركته أسعار الفائدة التي تقرب الصفر، منذ بداية الأزمة المالية على الأسهم. وهنا تحاول البنوك المركزية عن طريق خفض معدلات الفائدة إلى مستويات سلبية، خفض معدلات الفائدة طويلة الأجل، وهي سياسة لم تكن ناجحة تماماً واقتصر نجاحها المحدود على تشجيع الشركات والأسر للاقتراض والإنفاق. ونحن نعتقد أن المستثمرين سيشعرون بمزيد من الراحة، إذا تم تقديم شرح لهم حول سبب استهداف البنوك المركزية لمعدلات الفائدة السلبية، بدلاً من تنفيذ سياسة المعدلات السلبية. السندات إن معدلات الفائدة السلبية هي في الأوقات العادية، مؤشر على قلق محافظي البنوك المركزية، بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي، وخوف أكبر من الانكماش. وتميل أسعار السندات الحكومية إلى الارتفاع في بعض الأوقات، التي تسود فيها معدلات الفائدة السلبية، بينما تنخفض عوائد السندات الحكومية وهو بالضبط ما حدث، إذ تراجعت عائدات السندات الحكومية طويلة الأجل في جميع أنحاء العالم. العقار يجب على المستثمرين التطلع إلى السوق العقاري، خلال الفترات التي تسود فيها معدلات الفائدة السلبية، وبما أن معظم المستثمرين ينشطون بالفعل في سوقي الأسهم والسندات، فإن البحث عن فئة من فئات الأصول الأخرى التي يمكن أن تحقق لهم عوائد، لا يمكن أن تكون جيدة بمقدار قطاع العقارات. وتهدف آثار هذه المنهجية إلى دفع المستثمرين خارج سوقي الأسهم والسندات، وقد بدأت تظهر بالفعل من خلال إيجاد حركة كبيرة في أسواق العقارات السكنية والتجارية في جميع أنحاء العالم. ومن المؤكد أن المستثمرين والملاك سيتمتعون بميزة كبيرة، مع انخفاض تكلفة التمويل، كما من المرجح أن يستفيد المستثمرين والمروّجين للاستثمارات العقارية، بشكل كبير في قطاع الاستثمار العقاري، إذ إن معدلات الفائدة السلبية ستقلص بالتأكيد من حجم العوائد الموعودة. ولكن تحقيق عائد من رقم مزدوج قد يكون ممكناً في القطاع العقاري، وقد لا تعمل بعض الاقتصاديات على تطبيق معدلات سلبية على الفائدة الآن، ولكن من المرجح أن يحدث ذلك الأمر الذي سيجعل من الاستثمار العقاري أكثر جاذبية، وسيساهم في تعزيز العوائد وزيادة مستويات الطلب في السنوات المقبلة.

مشاركة :