لو أعاد الزمن عقاربه إلى الوراء لاستذكرنا نشيد (طلع البدر علينا من ثنيات الوداع)، وقد عانق في جماله وإخلاصه عنان السماء، رتله أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم حباً وإيماناً واحتفاءً بقدوم الهادي المصطفى، ما بين مرحب ومستبشر تقاسموا الدار والأرض والمال، وشهدت تلك المدينة (يثرب) أعظم خطوات إنقاذ البشرية من الضلال، وانطلقت منها أقوى الجيوش الإسلامية لنشر الإسلام وبرزت منها أقوى الشخصيات التاريخية ذات التأثير في المسيرة الإسلامية، باتت يثرب تلك المنارة التي يهتدي إليها البشر لتعانقهم وتريحهم من العناء بنسمات الحب والسلام. مؤخراً، أفاقت المدينة على ذاك الصوت الذي اهتز له الوجدان قبل السمع، اليد الغاشمة امتدت لتتجاوز تلك الحرمة التي لا يتعداها مسلم أيقن بإيمانه وانتمائه العميق للإسلام، أتى منفذ جريمة المسجد النبوي نائر البلوي، وقد اضمر نية السوء وقلبه وعقله اكتضا ضلالاً، إلا أن طيبة الطيبة اليوم وكل يوم عصية على هؤلاء ومن خلفهم من عصابات الشر والتفجير والإرهاب، وها هي اليوم تستقبل قوافل ضيوف الرحمن من زوار المسجد النبوي وكل جزء منها ينعم بالأمن والسكينة والاطمئنان والخدمات المتكاملة التي توفرها الدولة بسخاء واهتمام لزوارها. إرث تاريخي في البداية تحدث عبدالله الحربي عن المدينة المنورة: طيبة الطيبة أول عاصمة في تاريخ الإسلام وثاني أقدس الأماكن لدى المسلمين بعد مكة، ومن المعالم الدينية والسياحية بالمدينة المنورة مسجد النبي، ثم يأتي مسجد قباء، وهو أول مسجد بني في عهد النبي محمد عليه الصلاة والسلام، فيه بئر تنسب لأبي أيوب الإنصاري وكان فيه مبرك الناقة وقد شارك النبي محمد صلى الله عليه وسلم في بنائه وذلك في طريقه الى المدينة أثناء هجرته، مسجد القبلتين، وكذلك البقيع وهي المقبرة الرئيسية لأهل المدينة المنورة منذ عهد النبي محمد، ومقبرة شهداء أحد، وهي أحد معالم المدينة المنورة تقع شمال المسجد النبوي عند جبل أحد. وأضاف الحربي: تضم المدينة المنورة الكثير من المساجد الأثرية والقديمة وأولها المسجد النبوي ومسجد قباء ومن أبرز معالمهما الروضة والقبة الخضراء، ومسجد القبلتين من أهم معالم المدينة المنورة، وسمي بهذا الاسم لأنه المسجد الوحيد الذي صلى فيه المسلمين صلاه واحدة وإلى قبلتين مختلفتين هما المسجد الأقصى والمسجد الحرام بمكة، ومسجد العنبرية وهو مسجد أنشاه السلطان عبدالحميد الثاني عام 1908 ليكون جزءا من مشروع محطة المدينة المنورة التابع لسكة حديد الحجاز، ومسجد الفتح وسمي بهذا الأسم لأنه كان خلال غزوة الأحزاب مصلى للنبي محمد وللصحابة، ومسجد علي بن أبي طالب وسمي بهذا الإسم لأن علي بن أبي طالب قتل في هذ الموقع، ومسجد ذو الحليفة وهو ميقات الإحرام لأهل المدينة المنورة. مقصد المسلمين ويقول سامي خواجي -معلم- نسمع ونرى كثيرا عن مايحدث من الإرهاب ولكن لم نتوقع تلك الجرأة في العدوان فقد تجاوزوا الحد في التطاول على مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام. ويتكلم سمير خان -باكستاني- وقد خالطت كلماته بدموعه قائلاً: هناك في بلدي يحلم كل شخص منا بزيارة مكة والمدينة المنورة فإلى جانب السعي في تربية الأسرة والأطفال يسعى الفرد إلى ادخار مبلغ بسيط طيلة عمره ليتمكن من الحج وزيارة مدينة رسول الله الطاهرة. ويقول دخيل النزاوي -معلم- إن ما حدث مؤخرا بجوار المسجد النبوي الشريف من تفجير كان بمثابة الصدمة ليس لنا فقط كسكان لهذه المدينة المقدسة بل لكافة العالم الإسلامي وبما أن بلادنا مستهدفة من عملاء في الخارج، يستغلون صغار السن في بلادنا ويستغلون غيابهم للفهم الديني والفقه ومن تلك الثغرة المؤثرة، استطاعوا توجيههم وتحريكهم ضد وطنهم الأم طبعا أنا أتحدث عن أعداد فردية أضاعت الطريق فضاعوا بدورهم، وكانوا حطبا وركاما لتلك التنظيمات القاتلة. ويضيف محمود حافظ -مواطن- حرمة الإنسان أعظم من قداسة الأرض والذي يظن أن بفعله هذا يقصد التقرب لله، فقد نال سخط رب الخلائق، وساهم في صنع هذه الجرائم التي هي من فساد تلك العقول وتطرفها وانحرافها. ويتساءل إبراهيم مدني -منشد- ماهو الدين وما هي الإنسانية التي يتكلم عنها هذا الفكر الضال، تفجيرات وانتحار وترويع وإرهاب وتضليل وخراب، ويجب أن نقف جميعا ضد هذا الفكر بديننا وأخلاقنا، وكذلك بالتوعية المستمرة للشباب. ملحمة الوفاء اجتمعوا على الحب والوفاء لوطن لاينافسهم في حبه أحد (الجندي محمد المولد، والجندي هاني الصبيحي، والجندي عبدالمجيد الحربي، والجندي عبدالرحمن الجهني)، رحمهم الله جميعاً.. رسمت تلك الابتسامة على وجوههم، كان حلم أحدهم الزواج، وآخر فكر بإجازة آخر الأسبوع وآخر فكر بلحظته فقط مع زملائه، وأخر أنهكه الصيام بعد ليلة من السهر في تأدية الواجب، اجتمعوا خارج أسوار الحرم ليتشاركوا الإفطار مع بعضهم بعضا، وشتان بين الموقفين ما بين مخرب وضال ضحى بنفسه للشيطان وبين مخلص ومتفانٍ، التحمت تلك الصورة مابين مهاجم ومدافع، لتمضي تلك الأرواح نحو السماء بين أجنحة الغمام دون أن تودع من تحب.. رحمهم الله جميعاً. زوار المسجد النبوي ينعمون بالأمن والسكينة وتكامل الخدمات
مشاركة :