ماذا يريد الشباب من وزارة الثقافة والإعلام

  • 8/16/2016
  • 00:00
  • 50
  • 0
  • 0
news-picture

الحنكة والخبرة من الأدباء والإعلاميين موجودة بيننا، كما يوجد الطموح من القيادة بتحسين المستوى الثقافي والفكري والإعلامي، كل هذا يحتاج ترتيبا إداريا وخططا من وزارة الثقافة والإعلام تقدم من خلالها ما نتمنى نستطيع تحوير هذا السؤال بعدة أشكال، ونتساءل تحت جناحه ألف سؤال ليكون مثلا: ماذا قدمت وزارة الثقافة والإعلام بهذين الرافدين المهمين في شأن بناء الوعي الحضاري والاجتماعي لدى الشباب في بلدنا؟ وما رأي الشباب بشكل عام في وسائل الإعلام والثقافة في دولتهم وتطلعاتهم حولها؟ وما رأي الشباب المعني بالثقافة والإعلام على وجه الخصوص فيها؟ والسؤال الأهم والأكبر في نظري: ما جدوى فصل الثقافة عن الإعلام، وكيف بالإمكان أن يخدم هذا الفصل بين هذين الرافدين لو مؤقتا مصلحة العملية الإعلامية والثقافية في المجتمع السعودي؟. من الأحداث اللافتة في الأيام الماضية خلال انعقاد سوق عكاظ في نسخته العاشرة المقامة حاليا؛ الحوار المفتوح الذي عقد بين عدد من الشباب المثقف، وبين الأمير خالد الفيصل رئيس اللجنة الإشرافية العليا لسوق عكاظ ووزير الثقافة والإعلام عادل الطريفي على مسرح جامعة الطائف، تحدث فيها أولئك الشباب المختار للمشاركة عما يدور بخلدهم من آمال وتطلعات، واستمعوا لإضافة الأمير المثقف خالد الفيصل، وتعليق الوزير الشاب عادل الطريفي. ولعل في هذه الخطوة كسرا لحاجز البيروقراطية الذي يبعد المشاركات الثقافية والإعلامية الشابة عن اهتمام ومتابعة المسؤول أو المثقف والإعلامي المخضرم. العمل الثقافي والإعلامي له دوره الكبير في تطور المجتمعات، وبحجم جودتهما واستمرارهما برتم يواكب المقاييس العالمية في الأداء، والحضارية في التمثيل الدولي يقاس وعي المجتمع ويعول على تقدمه وتغييره للأفضل. ما نشاهده الآن من خلط بين العمل الإعلامي والثقافي، وعدم وضوح معايير لهما، في ظني يسيء إلى كل جانب، مع يقيني المسبق أن الشأنين رغم اتفاقهما في بعض المضامين إلا أن لكل واحد منهما قالبه الخاص الذي ينبغي أن يتشكل فيه بشكل خاص ومتقن، ويلقى فيه الاهتمام والرعاية الخاصة حتى ينضج ويقدم مواد لها قيمتها وثقلها. من الناحية الثقافية، ودون محاكمة الأعمال الإبداعية الخاصة أو تفنيدها، فإن القطيعة بين الشباب وبين المؤسسات الثقافية كالأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون ليس فقط بسبب قلة أنشطتها الجاذبة لتطلعات الفئات الشابة، ولا سيطرة الروح الأكاديمية والنخبوية، عليها التي تضع معايير عالية لا يستطيع الشاب المبتدئ في عمله الإبداعي والفني تجاوز سقفها إلا بعد سنوات من التجربة والخبرة، ولا الرتابة والآلية القاتلة للروح المبدعة في التعامل مع ما تقدمه تلك الفئة، بل يعود أيضا إلى ضعف الخطة الوزارية للعناية بالثقافة –وأقول الثقافة وحدها- ووضع أهدافها التي تجعل لها مخرجات واضحة تدور حول توفير بيئة إبداعية للأدباء والفنانين، كبارا وصغارا، تخولهم إبراز نشاطهم الثقافي ويحقق عكس صورة حضارية لدى المتلقي حول العالم، لها هوية واضحة تبرز هوية مجتمعنا بإيجابية وتحافظ فيه على موروثها، بينما تحلق في سماء التنوير بثبات وإبداع. إعلاميا، يطول الحديث ويتشعب داميا، وهو يحكي عن حال العمل الإعلامي لدينا، المرئي أو المسموع أو المقروء، فلفظ "إعلامي" –مع تقديري لكل مجتهد- تفرق دمه بين كل من صاغ خبرا ركيكا في صحيفة إلكترونية مغمورة أو غرد خارج السرب الافتراضي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، دون حرفية وتطور نوعي وتقني ومهني في تناول الأخبار وتقديمها ومواكبتها لخط الإعلام العالمي، خاصة في الإعلام الرسمي الحكومي، ناهيك عما يقدم من أعمال فنية ومسرحية ووثائقية متواضعة، يهرب منها المتلقي نحو الإعلام الخاص والقنوات الفضائية العالمية، أو تزرع –وهذا ما حدث بالفعل- في اللاوعي الجمعي نمطا من الإسفاف في التعاطي مع الأخبار وتداولها، وابتذالا في الذائقة الفنية مع ما نشاهد ونسمع من تهريج وتسطيح. العمل الثقافي- الإعلامي المحلي يغفل دوره الكبير في نقل صورة جيدة ومحسنة عن الداخل السعودي، وبإمكانه أن يحسن تلك المشوهة لدى الآخر. وهذا لن يتم إلا من خلال الوصول إلى ذلك الآخر بنفس مهاراته وآليته، وباستخدام وسائل لا تقل حداثة وتطورا عن وسائله، وعبر روح لا تستخف من مبدعيه ولا من نتاجهم مهما كان حجمه. كما يجب ألا نغفل دوره في إخراج الجيل الحالي من دوائر الصراع الطائفي والمذهبي والاجتماعي، وما تؤدي إليه مستقبلا من عنف وإرهاب. الدور في تحسين الإعلام والثقافة قد يبدأ حينما ينفصلان عن بعضهما البعض، ولو عبر وكالتين مستقلتين تماما ماديا وإداريا، حتى يتحسن أداء ودور كل جهة فيهما، ثم يعودان إلى التجانس تحت مظلة واحدة مشتركة، فضلا عن الدور المهم للإعلاميين والأدباء الكبار الذين تعلق عليهم الآمال اليافعة في أن يتوقفوا عن الخصام الثقافي المعلن والخفي بينهم، وعن الاستهتار والتعالي على أي عمل إبداعي، مع تقنين منظم للعمل الإعلامي بكل جوانبه، يحد من الإسفاف، وينمي الذائقة، ويواكب العصر بخلعه أسمال الماضي البالية، وينتهج المهنية والحرفية في كل أبجدياته. الروح الشابة المتدفقة بالعطاء والمتطلعة إلى الأفضل موجودة بيننا، والحنكة والخبرة المخضرمة من الأدباء والإعلاميين توجد أيضا، كما يوجد الطموح من القيادة بتحسين المستوى الثقافي والفكري والإعلامي في الوطن، كل هذا يحتاج ترتيبا إداريا وخططا محكمة من وزارة الثقافة والإعلام، تقدم من خلالها ما نتمنى وما نأمل أن يبهرنا بشموليته وجرأته في الاعتراف بالخلل والنقص وإصلاحها وتقديم الأفضل والمميز.

مشاركة :