سجلت اللجنة الوطنية اليمنية المستقلة للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان أكثر من 9817 ادعاء بانتهاك في مختلف المناطق اليمنية خلال فترة عملها منذ مارس (آذار) الماضي وحتى الآن. ووفقًا للجنة فإن الانتهاكات شملت وقوع 3054 حالة قتل مدنيين بينهم 129 طفلا و102 من النساء، كما وثقت 3906 جرحى سقطوا نتيجة النزاع المسلح خلال الفترة من مارس (آذار) 2015 وحتى 30 يوليو (تموز) 2016. و387 حالة تتعلق بتجنيد الأطفال، إلى جانب قيام اللجنة بالرصد والتحقيق في عدد 450 حالة قتل خارج نطاق القانون. وأوضحت اللجنة أنها تحقق أيضًا في 358 حالة اعتقال تعسفي وإخفاء قسري تمت أثناء فترة الحرب خلال عامي 2015 - 2016، بالإضافة إلى 81 حالة زراعة ألغام موزعة على محافظات اليمن، والتحقيق في تفجير 143 منزلا في عدد من المحافظات. وفي لغة تعبر عن خيبة أمل اللجنة في المفوضية السامية لحقوق الإنسان، أوضح القاضي قاهر مصطفى علي رئيس اللجنة أن العلاقة مع المفوضية لم تتجاوز خطابات الاستفسارات العامة بعيدًا عن الاختصاص الفني والاستشاري الذي كانت تعول عليه اللجنة من المفوضية السامية للحقوق الإنسان، إلا أنه استدرك بقوله «العلاقة حسنة مع المفوضية ومستمرون في التواصل معهم». يذكر أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته الثلاثين المنعقدة في جنيف في سبتمبر (أيلول) 2015 قرر إنشاء اللجنة المذكورة طالبًا من المفوضية السامية لحقوق الإنسان تقديم المساعدة للجنة التحقيق بالدعم الفني. وأضافت اللجنة «لم تقدم المفوضية أي نوع من الدعم الفني والتقني وفقا لقرارات مجلس حقوق الإنسان واكتفت فقط بتوجيه خطابات تضمنت أحيانا استفسارات بعضها لم يكن له علاقة بالدعم الفني والتقني، ومع ذلك حرصت اللجنة على التعاون مع المفوضية وتزويدها بردود مكتوبة على تلك الاستفسارات وفقا لما يسمح قرار إنشاء اللجنة، ولائحتها والقوانين الوطنية النافذة». وأشارت اللجنة إلى أن دور المنظمات الدولية ونشر بعض التقارير غير الدقيقة عن الوضع الإنساني في اليمن قد يمثل إشكالية سياسية، رافضة الخوض فيها، وأضاف عبد الرحمن برمان عضو اللجنة بقوله: «ربما هناك مماحكات بين دول وضغط من دول أخرى». وفي رد على سؤال «الشرق الأوسط» عما إذا كانت اللجنة ستقدم قائمة بأسماء منتهكي حقوق الإنسان في اليمن خلال اجتماع مجلس حقوق الإنسان الذي يعقد منتصف الشهر المقبل، أوضحت اللجنة أن تقريرها الحالي مبدئي ولن يحوي أي أسماء، على أن يشمل التقرير النهائي الذي سيقدم خلال عام أسماء منتهكي حقوق الإنسان. وكشفت اللجنة أن قانون إنشائها يبين أنها تقدم تقريرها النهائي لمجلس النواب اليمني والقضاء اليمني للبت في الانتهاكات كافة ومحاسبة مرتكبها أمام القضاء الوطني، مؤكدة بأن أحدًا لن يفلت من العقاب وأن القضايا لا تسقط بالتقادم. أما التعذيب وسوء المعاملة، فإن اللجنة تحقق في 132 حالة تعذيب، وتسع حالات استهداف لأعيان ثقافية في كل من عدن، صنعاء، تعز، مأرب، حجة، البيضاء، والمحويت، وأضاف التقرير «كما رصدت اللجنة قصفا لطائرات من دون طيار لعدد 15 حالة في محافظات البيضاء، مأرب، شبوة، وحضرموت». وأفادت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان أن لديها 30 راصدًا في مختلف المناطق اليمنية، تلقوا تدريبات خاصة للقيام بعملهم بحيادية تامة، ولديهم المؤهلات والقدرات اللازمة للعمل في مجال رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان وفقا للمعايير المعمول بها في وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية. وأشارت اللجنة أنها قامت خلال الفترة الماضية بإجراء 4498 مقابلة مع الضحايا والشهود والمبلغين، واستمعت إلى روايات كثير من المبلغين وشهود العيان في الانتهاكات كافة التي تقوم اللجنة بالتحقيق فيها. كما كشفت أنها وإعمالا لمبدأ الحيادية والاستقلالية قامت ومنذ بدء اجتماعاتها بوضع خطة وآلية عملها للتواصل مع أطراف النزاع الجاري (باليمن)، حيث قامت بتوجيه مذكرات لجميع الأطراف تحمل في طياتها طلب التعاون مع اللجنة وتحديد ضابط اتصال لتتمكن اللجنة من التواصل مع كل طرف من خلاله، ووجهت خطاباتها إلى الحكومة وقيادة تحالف دعم الشرعية وجماعة أنصار الله (الحوثيين) وقد تجاوبت بعض تلك الجهات مع اللجنة وحددت ضابط اتصال لها وتم التواصل مع هذه الجهات عبر الضابط الذي حدد من قبلها، فيما رفضت جماعة الحوثي والقوات التابعة لصالح تعيين ضابط اتصال لها حتى تاريخ صدور التقرير. وقالت اللجنة إنها تلقت أكثر من 150 ملفا من منظمات يمنية غير حكومية محلية تتضمن معلومات تم جمعها عن الانتهاكات التي حدثت منذ بداية عام 2011 وحتى منتصف عام 2016 من مختلف المحافظات، وتسلمت اللجنة 5 تقارير من منظمة هيومان رايتس ووتش، مشيرة إلى أنها تعاملت مع هذه الملفات كبلاغات تم التحقق منها بشكل دقيق. وأصدرت اللجنة عدة توصيات من أبرزها، دعوة أطراف النزاع المسلح كافة على ضرورة الالتزام والتقيد بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي، وإعطاء الأولوية لمعالجة الجرحى قبل التحقيق معهم، وعدم استخدام أو استهداف المناطق السكنية والمنشآت المدنية والخدمية والأعيان الثقافية أو اتخاذها كمنطلقات للقتال أو مستودعات لتخزين الأسلحة. كما دعت اللجنة جماعة الحوثي وقوات صالح إلى الالتزام بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بحظر استخدام الألغام المضادة للأفراد لما يترتب عليها من تعريض حياة المدنيين للخطر، ووقف عمليات تفجير المنازل، ووقف عمليات التعذيب والإخفاء القسري للمدنيين، والمبادرة إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين والموقوفين لدى الأطراف كافة.
مشاركة :