يظهر أن الاستحقاقات الدستورية المرجأة لن تنال نصيبها من النقاش في البرلمان المصري قريباً في ظل القضايا الخلافية التي تُثار داخله من فترة لأخرى، وآخرها سفر وفد برلماني برئاسة رئيس لجنة حقوق الإنسان محمد أنور السادات وعضوية ثمانية نواب من اللجنة إلى جنيف لحضور مؤتمر نظمته «منظمة الحوار الإنساني». وعلى رغم أن مشاركة وفد برلماني معني بحقوق الإنسان في مؤتمر دولي يناقش قضايا مرتبطة بحقوق الإنسان أمر لا غرابة فيه، إلا أن سيطرة نظرية المؤامرة على تفسير كل ما يجري في مصر جعل من تلك المشاركة قضية مثيرة للجدل فيها أخذ ورد ومطالب باتخاذ إجراء تجاهها. وكان رئيس البرلمان علي عبدالعال رفض قبل شهور سفر وفد من نفس اللجنة لحضور مؤتمر حقوقي في فرنسا، وهاجم قبل أيام النواب المشاركين، مهدداً بمعاقبتهم على المشاركة في دورات تدريبية «تنظمها جهات مشبوهة تعمل على هدم الدولة». وقالت وسائل إعلام محلية إن السادات سيخضع للتحقيق أمام لجنة القيم في البرلمان بسبب سفره إلى جنيف. وشنت صحف هجوماً حاداً على النائب الذي أطلق في الشهور الماضية تصريحات قد لا تلقى قبولاً لدى الحكم الحالي، إذ طالب بإطلاق الشباب المحبوسين على ذمة المشاركة في التظاهرات المعارضة لاتفاق ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، وتحدث عن مساعٍ لتأميم المجال العام في مصر. وقال السادات لـ «الحياة» إن «مجال عمل اللجنة يحتم عليها التعامل مع العالم الخارجي من أجل عرض الاتفاقات الدولية في المجال الحقوقي للتعامل معها في مصر»، معتبراً أن «التشكيك في الوطنية والولاء بات أمراً مريباً». وأضاف أن «المؤتمر لم يتناول مصر من الأساس، وهو عبارة عن جلسات عمل تساعدنا على الاستيعاب والفهم. المؤتمر كان جلسات عمل يقودها خبراء دوليون في مجال حقوق الإنسان. كان الهدف التعلم، وليس تناول حالات دول معينة»، مشدداً على أنه مسؤول عن تلك الرحلة. وقال: «سعيت إلى السفر وسأسعى إلى المشاركة في أي مؤتمر أقدر أنه سيفيد أعضاء اللجنة في مجال عملهم». واستغرب «سيطرة التخوين والتشكيك على التفكير في مصر. كيف نتهم بالاستقواء بالخارج، ونحن نواب الشعب؟ تلك أمور غريبة جداً». وأشار إلى أنه أبلغ رئيس البرلمان والجهات الأمنية ووزارة الخارجية «وكل الجهات المعنية بتلك الرحلة وفعالياتها كاملة». واعتبر أن الجدل في شأن تلك الرحلة هدفه «استباق تجديد انتخاب قيادات لجان البرلمان في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل». لكن وكيل لجنة حقوق الإنسان النائب عاطف مخاليف الذي هاجم قرار سفر الوفد منذ البداية قال لـ «الحياة» إنه لا يعلم شيئاً عن الرحلة وترتيباتها، لافتاً إلى أن «العلاقات الخارجية مع العالم تنظمها اللائحة، والوفود يجب أن يختارها رئيس البرلمان. أما خارج ذلك الإطار فالأمر مثير للريبة». وأضاف أن «أمانة البرلمان ورئيسه يجب أن يكون لهما رأي في تلك الوفود، خصوصاً أننا نعمل في إطار دولة». وأوضح أن «هناك حديثاً عن مساندة تلك المنظمة لجماعة الإخوان المسلمين، وأن هناك دوراً مشبوهاً لتلك المنظمة في العالم العربي». وقال: «كان يجب شرح خلفية تلك المنظمة للوفد المدعو إلى حضور مؤتمرها. ألوم صاحب الدعوة في هذا الإطار، ويجب أن تطبق اللائحة في مثل تلك الأمور من أجل وضع حد لتلك المشاكل».
مشاركة :