إسقاط القروض عن مرابطي الحد الجنوبي

  • 8/16/2016
  • 00:00
  • 40
  • 0
  • 0
news-picture

< في جنوب المملكة العامرة، هناك قبالة ساحل الانقلاب والإرهاب، ساحل خيانة العروبة والدين، ينهض رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، لا يشك عاقل في شجاعتهم، إنهم جنود السعودية، سليلو أمجاد العرب، في كرمهم ونخوتهم وفروسيتهم وجميل مآثرهم. بطولات لا تنقطع، وشرف لا يضام، ماض عريق مع البذل، وحاضر زاهر من التضحيات التي تجمّل أصحابها والوطن الذي ينتمون إليه، تاريخ من حكايا العز التي تسمو بمقالها المقامات الرزينة. ولأنهم يستحقون الفخر ولا شيء دونه، فإنني سأخالف - بوجهة نظري - تيار الأصوات التي علت ساحات مواقع التواصل الاجتماعي، تدعم مطالب «بعض» أولئك الأفذاذ بإسقاط القروض عنهم، ولأن النقطة السوداء تظهر في الثوب الأبيض فتكون شديدة الوضوح، فإنني سأركز حديثي باتجاهها، حتى وإن اعتبرها كثيرون جزءاً من بهائه وألقه، فلست ممن يرى مثل تلك المطالب في مثل هذا التوقيت الذي يؤدي فيه المحاربون مهماتهم على جبهات الكرامة، إلا واحدة من منغصات نشوة الفخر التي تحيط بنا كسعوديين جراء عاصفة الحزم، التي كان المخلصون يرجون هبوبها منذ زمن، فلما شُنت حرب النزاهة حميّة للدين والمستضعفين والوطن الذي تكالب عليه الأعداء من كل صوب، فإذا ببعض المشاهد «السلبية» في أقل ما يمكن أن توصف به، تنقلها إلينا شاشاتنا المحمولة. «رجل» بمرتبة حامي الحمى وتاج من تيجان هيبة الوطن، يلف عمامته على رأسه فوق سفوح الجبال، أمامه قدح من الشاي وهو يلقي على أسماعنا قصيدة يباهي بها غيره من موقعه المتقدم في الذود عن أرضه وعرضه، وحقّ له، إلا أنه لا يلبث أن يدس «لغم» مصلحته في ثنايا الكرب! مثل أولئك في الحقيقة كان الأجدر بهم أن يتوجهوا إلى مسارح التمثيل، فهذا الوطن دونه من الأبطال ملايين السعوديين، وكنا وما زلنا نجزم بأن الحاجة لو دعت، فإن مسلمي الدنيا كلها سيثورون لنجدته وهم يحملون أعناقهم على أكفهم، و«بالمجان»، في سبيل الله ثم في سبيل الدفاع عما خصنا الله به عمن سوانا، أقدس البقاع وأطهرها على وجه الأرض. في الواقع، لو كان لي من الأمر شيء، لأتيت بأمثال أولئك «الانتهازيين» الذين ظهرت «مخالفاتهم» تلك، وأقمت لهم المحاكمة العسكرية التي تليق بأشباههم لينالوا الجزاء الذي يستحقون، وإني لأستغرب حلم الدولة وصبرها عليهم، على رغم هذا المظهر غير اللائق الذي تفردوا به عمن سواهم من زملائهم من الرجال، الذين نسمع في كل يوم عن إقدامهم وبسالتهم ما يثلج الصدور، وتفردوا به أيضاً عن بقية الجنود المشاركين من بقية دول التحالف الذين اختلطت دماؤهم بدماء السعوديين، ولا يجادل أحد بأن ذلك من أهون حقوقهم نظير الذي يقدمونه، فإن ذلك مما يمكن قبوله لو أنهم قالوه من ثكناتهم بعد عودتهم منصورين، وليس في عز اشتداد المعارك بعد أن حمي الوطيس. إن أولئك «القلة» القليلة في جنبات الشجعان، إنما هم ممن يشرّع الأبواب لكثير من المخذّلين، وغيرهم من المتسلقين المتملقين، ممن يركبون موجة التعاطف بكل تبجح، كعادتهم في الذهاب حيث اتجاه الريح، ولسان حالهم في سبيل ذلك «اللي تغلب به العب به»، فلا تهمهم قضايا ولا هم يحزنون، يعيشون حياتهم بالطول والعرض، وأحياناً بكل مجون، بكل أسى! والعاقل يعلم أن مثل تلك المطالب - بتوقيتها هذا - تفسح المجال أمام أعداء الوطن للنيل منه بألسنتهم وتحريضهم الممنهج الذي يتحين فرصاً كهذه للانقضاض، إنهم من حيث لا يعلمون يدقون أسافين الوشاية والفرقة بالمقارنات الخداعة، التي تغض الطرف عن الدعم الحكومي، الذي كان آخره أمس، إذ أمر الملك بصرف مرتب شهر للمشاركين «الفعليين» في عاصفة الحزم وإعادة الأمل. الجندي السعودي بجميع فئاته يعد الأعلى دخلاً بين أقرانه من الذين يحملون نفس مؤهله التعليمي، ويتقاضى مرتبه لسنوات في ظل ما أفاء الله به على هذه البلاد من نعم الأمن والاستقرار، لأجل ذلك، ولأجل رفعة الدين والوطن، فإنه لا يقبل منه ما قد يدخل في باب «المقايضة» التي تتحين الفرص. ما أود قوله، إن الوطن كله شرفاء، فالطبيب الذي يعالج المرضى، والمهندس، والجندي الذي يجوب الشوارع بسيارته يسهر على أمنه، وكذلك رجال مكافحة المخدرات، وزملاؤهم ممن يبذلون أرواحهم يكافحون إرهاب الجهلة الخارجين على الدولة، وجميع الذين يخدمون بنزاهة وصدق مع الذات، كل في مكانه، يقدم الغالي والنفيس في سبيل علو شأن الوطن وتقدمه وازدهاره، كل أولئك يستحقون من الجميع الشكر والعرفان، من غير تمييز، وبلا مزايدات.

مشاركة :