يظن البعض أن النظام المصري حالياً، يسعى إلى حقن الدواجن وبعض الحيوانات التي يأكلها الإنسان بمواد تقلل الخصوبة لدى الإنسان، وذلك لتقليل تعداد السكان الذي تجاوز 90 مليوناً، في السنوات المقبلة، البعض صدقها يقيناً بحكم خصومتهم مع النظام ومع "السيسي" تحديداً، وعلى الجانب الآخر استبعد آخرون أن يسعى النظام لفعل ذلك، فالأمر يعتبر قتلاً بشكل غير مباشر. يوجد سؤال يطرح نفسه علينا جميعاً: هل حقاً الحكومة لا تسطيع الاعتناء بأبنائها؟ وإذا فرضنا جدلاً أن هناك اتجاهاً لتقليل الخصوبة حالياً قد يأخذ مسار جهاز الكفتة ويفشل ويقتل البعض دون أن يعلم السبب، ولماذا لا تكشف ذلك الحكومة للشعب وتطلب منه تقليل الإنجاب؟ الحكومة المصرية في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك حاولت أن تقلل تعداد المواليد المتزايد في فترة نهاية تسعينات القرن الماضي وبداية الألفية الحالية، وذلك عن طريق حملة لإرشاد الأسرة عن بعض طرق لخفض عدد الأطفال في الأسرة والاحتياطات التي يجب أن تأخذها المرأة، ووجهت بعض الإعلانات المتلفزة إلى الرجل لميزة أن يكون لديه طفل أو اثنان، النتيجة كانت ضعيفة لكنها كانت مقبولة حينها. الأمر ليس صعباً أو عسيراً إذا كان هناك إدارة تفكر في لغز المعادلة التي تحقق لها خفض تعداد المواليد دون أن تضر بالرجل أو تمس أنوثة المرأة، ويكون ذلك باقتناع عقلي من جميع الأطراف. سنة 1974 تجاوز عدد سكان الهند خمسمائة مليون، وأعلنت حكومة أنديرا غاندي أن الوقت حان لاتخاذ إجراءات صارمة للحد من هذا التزايد، فتم إنشاء معسكرات للتعقيم، وطلبوا من الرجال الذين بقي لكل منهم 3 أطفال على قيد الحياة أن يتقدموا إلى المعسكر ليتم تعقيمهم، وكان مصير مَن يتخلف الاعتقال والإكراه على الحقن، واتخذت الشرطة الهندية مسار منع بطاقات تموين الطعام والعلاج وتصاريح القيادة حتى تجبرهم على الذهاب إلى المعسكر. هذا المشروع القمعي لم يمر عليه إلا عام واحد، تم تعقيم خلاله أكثر من ثمانية ملايين من الهنود، الحكومة حينها كانت تخوض معركة ضد الأساس الاجتماعي والمعتقدات الإنسانية والرغبات الشخصية، وفي النهاية أثبتت كل التجارب أن الفرض والإكراه ليس لهما نتيجة إيجابية. وكان هناك إقليم في الهند بأقصى الجنوب يسمى "كيرالا" يهتم أهله بزراعة الأرز والشاي والتوابل، المواطن هناك تقليدي إلى أقصى درجة، هذا الإقليم نجح في ما فشلت فيه باقي الهند دون قمع أو قهر أو فرض، في تقليل عدد السكان وكان ذلك باقتناع. وفي أواخر ثمانينات القرن الماضي، اتجهت بعض منظمات المجتمع المدني بعشرات الألوف من المتطوعين للعمل على محو أمية أهل "كيرالا"، وبالفعل بدأت بخمسين ألفاً من الأميين، وثلثهم من النساء، كان الأمر أشبه بجيش يجهز لحرب، كلها كانت حرباً ضد الجهل، فالدراسة تحدث في حظائر الماشية وفي الهواء الطلق وفي مداخل البيوت، حتى يتم تعليمهم القراءة والكتابة وأساسيات الرياضيات. المفاجأة كانت عندما أعلنت الأمم المتحدة عام 1991 ميلادياً، أن إقليم "كيرالا" يعتبر الولاية الوحيدة في العالم التي بلغت نسبة التعليم بها 100 في المائة، وكان نتيجة ذلك أن تعداد المواليد في الهند أصبح طفلين على الأكثر، ووصف ذلك أحد المتخصصين الهنود قائلاً: "من أنجب في كيرالا أكثر من طفلين، يقع في الحرج، فمنذ سبع سنين كان المتوسط ثلاثة أطفال، والآن أصبح المعدل واحداً لدى أوفر الناس حظاً من التعليم". الشاهد هنا أن الحلول النمطية لبعض المشكلات لا تأتي بثمارها في الغالب، وتكون إهداراً للمال والوقت، فتعليم المرأة وتخلصها من الأمية هو سبب تخلص "كيرالا" من خفض معدل المواليد. التعليم للعامة ينجح في حل أي مشكلة، وللنساء خاصة، عن طريق التعليم يمكنك التخلص من العقاقير الطبية ووسائل منع الحمل والتعقيم الإجباري والحملات الإعلانية لتنظيم الأسرة. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :