أعلنت موسكو، أمس، أن مقاتلات روسية قصفت مواقع لمتطرفين في سورية، انطلاقاً من قاعدة جوية في مدينة همدان، لتكشف بذلك للمرة الأولى، أنها تستخدم قاعدة جوية إيرانية، في حين قتل 19 مدنياً على الأقل، بينهم ثلاثة أطفال، في غارات مكثفة على حيّين تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في مدينة حلب شمال سورية. وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان، إن قاذفات «تي يو-22 إم 3» و«إس يو-34» أقلعت، أمس، من مطار همدان في إيران، و«قصفت أهدافاً للجماعتين الإرهابيتين (داعش) وجبهة النصرة (جبهة فتح الشام) في مناطق حلب ودير الزور وإدلب». وأضافت أن هذه الضربات أتاحت تدمير «خمسة مخازن كبرى للأسلحة والذخائر»، ومعسكرات تدريب في دير الزور وسراقب في ريف إدلب، ومدينة الباب التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» في منطقة حلب. وضربت الطائرات الروسية أيضاً ثلاثة مراكز قيادة في مناطق الجفرة ودير الزور، ما أدى إلى مقتل «عدد كبير من المقاتلين»، بحسب البيان. وعبر شنّ غارات من إيران، تختصر المقاتلات الروسية البعيدة المدى، بشكل كبير، الوقت الذي يلزمها للوصول إلى سورية، بعدما كانت تنطلق في الآونة الأخيرة من قاعدة في جنوب روسيا. وبهذه الغارات تكون روسيا أعلنت للمرة الأولى أنها تستخدم قاعدة في بلد شرق أوسطي غير سورية، منذ أن أطلق الكرملين حملة الضربات الجوية دعماً لحليفه الرئيس السوري بشار الأسد في سبتمبر الماضي. وقال المحلل بافل فيلغنهاور، «إنها خطوة جديدة في الحملة العسكرية الروسية في سورية». وأضاف أن «استخدام هذه القاعدة يعطي روسيا تقدماً تكتيكياً، لأن قاذفاتها الثقيلة يمكنها نقل قذائف أكثر بكثير، إذا كان وقت طيرانها أقل»، معتبراً أن هذه الاستراتيجية ستنطوي على إلقاء «عدد هائل من القنابل». وتستخدم روسيا طائرات حربية متمركزة في قاعدة حميميم قرب مدينة اللاذقية الساحلية السورية، وكذلك سفناً حربية متمركزة في بحر قزوين، وغواصة في البحر المتوسط، لإطلاق صواريخ عابرة على سورية. وقال مسؤول روسي، الأسبوع الماضي، إن البلاد تدرس خططاً لتوسيع قاعدتها الجوية في سورية، لكي تصبح منشأة عسكرية دائمة. وكان رئيس لجنة الدفاع في مجلس النواب الروسي القائد السابق لأسطول البحر الأسود، فلاديمير كوموييدوف، صرّح أول من أمس، بأن العراق وإيران ستوفران ممراً جوياً لتحليق الصواريخ المجنحة الروسية فوق أراضيهما. من جهته، قال الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني، لوكالة الأنباء (إرنا)، أمس، حول استخدام روسيا أجواء وإمكانات إيران، للهجوم على الإرهابيين في سورية، إن «التعاون بين طهران وموسكو استراتيجي لمكافحة الإرهاب في سورية، وإننا نتبادل القدرات والإمكانات بهذا الشأن». من جهتها ندّدت منظمات حقوقية، أمس، باستخدام الطائرات الحربية السورية والروسية، وبشكل متكرّر، أسلحة حارقة ضد المدنيين في محافظتي حلب وإدلب، واصفة هذه الهجمات بـ«المشينة». وأعلنت موسكو، أول من أمس، أن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، توجه إلى طهران، حيث استقبله وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، لبحث النزاع السوري بشكل خاص. من جانب آخر، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أول من أمس، إن موسكو وواشنطن اقتربتا من اتفاق حول تعاون عسكري في مدينة حلب، لكن الولايات المتحدة لم تؤكد هذه المعلومات. من ناحية أخرى، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، مقتل 19 مدنياً على الأقل، بينهم ثلاثة أطفال، أمس، جراء غارات مكثفة على حيّين تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في مدينة حلب. وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن، لـ«فرانس برس»، أمس، «قتل 19 مدنياً على الأقل، بينهم ثلاثة أطفال، وأصيب العشرات، جراء غارات نفذتها طائرات لم يعرف إذا كانت سورية أم روسية، على حيي طريق الباب والصاخور»، في شرق حلب. وقال مراسل لـ«فرانس برس»، إن الغارات لم تهدأ الليلة قبل الماضية وصباح أمس، على الأحياء الشرقية، وبينها هذين الحيّين. من جهتها، قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أمس، إن خمسة أشخاص قتلوا، وأصيب تسعة آخرون بجروح، «جراء اعتداء المجموعات الإرهابية بالقذائف الصاروخية على حي صلاح الدين». وأفاد عبدالرحمن بمقتل 12 مقاتلاً على الأقل، أمس، جرّاء غارات روسية استهدفت موكباً تابعاً للفصائل المقاتلة على طريق الراموسة، كان في طريقه إلى الأحياء الشرقية في حلب. وتمكنت الفصائل المقاتلة في السادس من الشهر الجاري من التقدم في جنوب غرب حلب، ما مكّنها من قطع طريق إمداد رئيس لقوات النظام إلى الأحياء الغربية، يمر عبر منطقة الراموسة، وفك الحصار عن الأحياء الشرقية في حلب.
مشاركة :