حافظ النفط الخام على مكاسبه السعرية وبقى في أعلى مستوى على مدار ستة أسابيع وسط تنامي الآمال في السوق بتحرك كبار المنتجين لضبط المعروض ودعم الأسعار، وذلك قبل نحو شهر من انطلاق الاجتماع الوزاري المرتقب للمنتدى الدولي للطاقة في الجزائر بمشاركة وزراء النفط والطاقة في "أوبك" ومن خارجها. واستمر ارتفاع الأسعار لليوم الرابع على التوالي وحقق «برنت» أعلى مستوى في ستة أسابيع، والخام الأمريكي أعلى مستوى في أربعة أسابيع، فيما كسب الخام 16 في المائة منذ بداية شهر آب (أغسطس) الجاري. وزادت التكهنات بشأن تحرك المنتجين في ضوء التوافق السعودي الروسي على ضرورة تعزيز السوق، وفي إطار الضغوط الفنزويلية المتواصلة على كبار المنتجين لتعزيز مستوى الأسعار وتخفيف الأعباء الاقتصادية على الدول المنتجة الأقل نموا في منظمة أوبك وخارجها. وفي سياق متصل، قال لـ"الاقتصادية" أندرياس جيني؛ مدير شركة "ماكسويل كوانت" للخدمات النفطية، إن السوق تترقب اجتماع كبار المنتجين في "أوبك" خلال المؤتمر الوزاري للمنتدى الدولي للطاقة في الجزائر الشهر المقبل، وسط آمال في اتخاذ إجراءات فاعلة للسيطرة على تخمة المعروض التي تضغط بقوة على الأسعار وتحول دون تعافيها إلى المستويات المرتفعة المأمولة. وأشار إلى أن قطاعا كبيرا من المعنيين في سوق النفط الخام يتوقع ألا يسفر الاجتماع عن إجراءات جديدة لدعم الأسعار وفي مقدمة هؤلاء وزير النفط النيجيري الذي استبعد خفض أو تجميد الإنتاج، استنادا إلى حالة التنافس الشديد على زيادة الإنتاج واقتناص الحصص السوقية بين كبار المنتجين إلى جانب التجارب السابقة السلبية، وبالأخص إخفاق اجتماع الدوحة في أبريل الماضي في التوافق على تجميد الإنتاج. وأضاف، أن إنتاج بعض الدول وصل إلى مستويات قياسية في الارتفاع، ما عزز وفرة المعروض وضغط على تعافي الأسعار، مشيرا إلى أن الأسعار تلقت بعض الدعم من انخفاض الدولار الأمريكي ووصوله لأدنى مستوى في شهر. وأوضح، أن البعض يتمسك بالإشارات الإيجابية حول هذا الملف التي صدرت عن وزير الطاقة السعودي، بإمكانية بحث إجراءات جديدة لدعم السوق التي توافقت مع تصريحات أخرى لنظيره الروسي، أكد فيها التعاون مع السعودية واستعداده لإحياء ملف تجميد الإنتاج. من جانبها، أوضحت لـ"الاقتصادية" إيرينا روميلهوف؛ مدير قطاع الطاقة المتجددة في شركة "شتات أويل" العملاقة، أن قناعة الجميع باستمرار هيمنة الطاقة التقليدية، خاصة النفط والغاز على مزيج الطاقة العالمي لعقود مقبلة يجب ألا تقلل قناعتنا بأن الطاقة المتجددة سيكون لها بصمات واسعة على قطاعات رئيسة مثل الكهرباء والتدفئة والنقل حتى عام 2030، حيث سيتضاعف حجم الاعتماد عليها في هذه المجالات، مشيرة إلى أن ما يعزز زيادة الاعتماد على تلك الطاقات هو انخفاض تكلفة الإنتاج بشكل قوي ومتسارع، خاصة فيما يتعلق بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وأشارت إلى أن التحولات الواسعة في قطاع الطاقة وضغوط المجتمع الدولي من أجل التصدي لتغير المناخ فرضت على جميع الدول والشركات الدولية التوسع في فرص الاستثمار في المشاريع منخفضة الكربون، مؤكدة أن الاستثمار في الطاقة المتجددة هو استثمار المستقبل وستكون المشاريع في هذا المجال الأعلى في الربحية والأكثر أمانا للبيئة والمجتمع. وأوضحت، أن "شتات أويل" نجحت في خفض تكاليف الإنتاج حاليا بنحو 30 في المائة، وتخطط لزيادة الخفض إلى 40 في المائة بحلول عام 2030، كما تولي اهتماما خاصا لمشاريع طاقة الرياح من المزارع البحرية، حيث تستعين فيها بأحدث تكنولوجيات توليد الطاقة وتقوم هذه المشاريع بتوليد 750 ميجاواط، بما يوفر احتياجات الطاقة لنحو 750 ألف منزل، ومن المخطط له أن يصل إنتاجها إلى 1200 ميجاواط في عام 2020. وأضافت، أن "شتات أويل" توظف كل طاقتها وخبراتها لتحقيق أعلى من مستوى من الكفاءة والعائد من النفط والغاز، مشيرة إلى أن وكالة الطاقة الدولية تضغط في اتجاه زيادة مشاريع التقاط وتخزين الكربون من أجل خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 13 في المائة بحلول عام 2050. وأضافت أن "شتات أويل" تقود بعضا من أكبر المشاريع العالمية لتخزين الكربون التي نجحت في التقاط 1.8 مليون طن من الكربون سنويا، وهو ما يعادل انبعاثات 850 ألف سيارة نقل سنويا. من جانبه، بين لـ"الاقتصادية" رينارد فلوري المدير المالي لشركة "أو أم في" النمساوية للطاقة، أن سوق الطاقة تواجه عديدا من الصعوبات والتحديات بسبب تقلبات الأسعار إلى جانب التغيرات الجوهرية المتلاحقة، خاصة ما يتعلق بطفرة الموارد الواسعة التي حدثت في السنوات الأخيرة. وأشار إلى أن تحرك المنتجين أمر جيد ومطلوب، والنتائج متوقفة على وجود رغبة قوية في العمل المشترك وتنحية الخلافات وإعلاء المصلحة العامة دون المكاسب الفردية السريعة. ولفت إلى أن الفترة المقبلة تتطلب مزيدا من علاقات الشراكة والتعاون بين الشركات الدولية من أجل النهوض بمنظومة الطاقة عالميا، ولن يتحقق ذلك إلا بإعطاء اهتمام خاص للابتكار والتكنولوجيا والطاقة الآمنة الصديقة للبيئة. ونوه إلى أن "أو إم في" ستركز في المرحلة المقبلة على الشفافية، والوصول إلى أعلى معدلات الكفاءة في الأداء والحفاظ على معدلات نمو جيدة تتناسب مع قيمة الشركة وتأثيرها في خريطة شركات الطاقة العالمية. من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، ظلت أسعار النفط قرب أعلى مستوى لها في خمسة أسابيع أمس، مدعومة بالحديث عن نية المنتجين التحرك لتعزيز السوق، رغم أن بعض المستثمرين اتجهوا لجني الأرباح خلال التعاملات الآسيوية، بعد ارتفاع الخام 16 في المائة منذ أوائل آب (أغسطس). وقال تجار، إن التراجعات التي سجلتها الأسعار في السابق نتجت عن البيع لجني الأرباح، بعد موجة ارتفاع استمرت أسبوعين، فيما جاءت المكاسب بدعم من تكهنات المستثمرين باحتمال اتخاذ منتجي الخام إجراء قد يتمثل في تثبيت الإنتاج لكبح تخمة المعروض من الخام. إلى ذلك، ارتفعت أسعار النفط في السوق الأوروبية أمس، مواصلة صعودها لرابع يوم على التوالي، وسجل الخام الأمريكي أعلى مستوى في أربعة أسابيع وخام برنت أعلى مستوى في ستة أسابيع، استنادا إلى توقعات نجاح مفاوضات تجري الشهر المقبل في الجزائر بين معظم منتجي النفط في الاتفاق على تجميد الإنتاج العالمي وتحقيق الاستقرار بالسوق ودعم الأسعار. وبحلول الساعة 09:05 بتوقيت جرينتش، ارتفع الخام الأمريكي إلى مستوى 45.90 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 45.54 دولار، وسجل أعلى مستوى 46.07 دولار الأعلى منذ 21 تموز (يوليو) وأدنى مستوى 45.33 دولار. وصعد خام برنت إلى مستوى 48.40 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 48.17 دولار، وسجل أعلى مستوى 48.64 دولار، الأعلى منذ 7 تموز (يوليو) الماضي وأدنى مستوى 47.88 دولارا.
مشاركة :