كييف: «الشرق الأوسط» تستعد المعارضة الأوكرانية للمشاركة في مظاهرة ضخمة اليوم في كييف، في الوقت الذي فُرض فيه كتمان شديد على مضمون المحادثات التي أجراها الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين مساء أول من أمس في سوتشي. ودعت أحزاب المعارضة إلى تجمع ظهر اليوم في ساحة الاستقلال التي يحتلها أصلا أنصار المعارضة، والتي تحيط بها الأسلاك الشائكة منذ أكثر من شهرين. وأعلنت أن قادة المعارضة الثلاثة سيلقون كلمات بالمناسبة وهم فيتالي كليتشكو وارسيني ياتسينيوك وأوليغ تياغنيبوك. وتمكنت وكالة الصحافة الفرنسية، أول من أمس، من الحصول على معلومات حول الأوكراني الذي حاول خطف طائرة تركية باتجاه سوتشي، حيث كان بوتين ويانوكوفيتش يشاركان في افتتاح الألعاب الأولمبية الشتوية. فقد بدا هذا الأوكراني القريب من المعارضة عشية الحادث «مضطربا»، حسبما قال مسؤول في حزب معارض التقى الخاطف أول من أمس. وفي ختام اللقاء بين الرئيسين الروسي والأوكراني صدر بيان مقتضب في موسكو، في حين أن المكتب الإعلامي في الرئاسة الأوكرانية لم يأت على ذكر اللقاء. كما أن المعارضة التي كانت تتخوف من نتائج هذا اللقاء التزمت الصمت حياله. واعتبر لقاء سوتشي بين يانوكوفيتش وبوتين مساء الجمعة هو الأول بين الاثنين منذ قيام موسكو بتقديم مساعدة اقتصادية سخية لأوكرانيا إثر قيام كييف بتعليق اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي. ومنحت روسيا في السابع عشر من ديسمبر (كانون الأول) أوكرانيا قروضا بـ15 مليار دولار، دفع منها حتى الآن ثلاثة مليارات، كما التزمت ببيع الغاز الروسي لأوكرانيا بحسم يبلغ الثلث. وعلقت موسكو دفع الشريحة الثانية من القروض بانتظار رؤية أوضح لتطور الوضع السياسي في أوكرانيا. وكان رئيس الحكومة الأوكرانية ميكولا أزاروف استقال الأسبوع الماضي ولم يعين الرئيس الأوكراني بعد خلفا له. واتهمت المعارضة الأوكرانية الرئيس بأنه زار سوتشي للتشاور مع بوتين في هوية رئيس الوزراء المقبل. وربط وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف، أول من أمس، دفع الشطر الجديد البالغة قيمته ملياري دولار بأن تسدد أوكرانيا ثمن الغاز الروسي الذي تسلمته في 2013، وفي يناير (كانون الثاني) الفائت، والذي يقدر بـ3.29 مليار دولار. وفي مؤشر على الضغوط الروسية المتزايدة، يحتجز رجال الجمارك الروس عدة شحنات من المواد الغذائية والفحم، مصدرة من شرق أوكرانيا المؤيد لروسيا منذ السادس من فبراير (شباط)، كما قالت غرفة تجارة لوغانسك التي تقع في المعقل الانتخابي ليانوكوفيتش. واللجوء إلى هذه الوسائل ليس جديدا.. ففي أغسطس (آب) الماضي، عرقلت الجمارك الروسية مرور مجمل البضائع الأوكرانية إلى روسيا في أوج المفاوضات حول اتفاق شراكة بين كييف والاتحاد الأوروبي. وأعلن الأوروبيون هذا الأسبوع أنهم يعدون لمساعدة اقتصادية لأوكرانيا، لكنهم اعترفوا بأنها لا يمكن أن تعادل ما تقدمه روسيا. وستكون المساعدات مشروطة بإصلاحات مؤلمة ستواجه السلطة والمعارضة إذا تولت الحكومة صعوبة في تطبيقها مع اقتراب الانتخابات. وقالت فيكتوريا نولاند، مساعدة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أول من أمس الجمعة في كييف، إنه «لا أحد سيقدم دعما اقتصاديا (الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي وأوروبا) إلى أوكرانيا ما لم تجر إصلاحات». من جهته، قال صندوق النقد الدولي إن السلطات الأوكرانية «لم تبد اهتماما باستئناف المفاوضات مؤخرا» بشأن مساعدة مالية. في الوقت نفسه، خفضت وكالة التصنيف الائتماني «فيتش» التصنيف السيادي لأوكرانيا إلى «سي سي سي» مقابل «بي -» من قبل، مرفقة تقديراتها بتوقعات سلبية بسبب تفاقم الأزمة السياسية في البلاد منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ومن جهته، فرض المصرف المركزي الأوكراني أول من أمس قيودا على شراء العملات الأجنبية للحد من تراجع سعر العملة المحلية. وتواجه أوكرانيا منذ أكثر من شهرين أزمة غير مسبوقة.. فتظاهرات الاحتجاج التي فجرها في أواخر نوفمبر الماضي تراجع الحكومة الأوكرانية عن اتفاق شراكة كانت على وشك توقيعه مع الاتحاد الأوروبي، واختيارها سياسة التقارب مع موسكو، تحولت رفضا للنظام الرئاسي الذي أقامه يانوكوفيتش. ويحتل المعارضون وسط كييف منذ ذلك الحين. وأسفرت صدامات عن سقوط أربعة قتلى على الأقل وإصابة 500 بجروح في يناير الماضي. وهذا الأسبوع، ناقش البرلمان بناء على طلب المعارضة إصلاحا دستوريا يقلص من صلاحيات الرئيس لمصلحة رئيس الوزراء والبرلمان، لكنه لم يحقق نجاحا يذكر. وفي سعي إلى تهدئة التوتر، أعلنت أجهزة الاستخبارات الأوكرانية أول من أمس ختم التحقيق الذي بدأ في ديسمبر الماضي حول «محاولات للاستيلاء على السلطة». وأوضحت الأجهزة في المقابل أنها تحقق حول «تهديد بارتكاب عمل إرهابي»، بعدما حاول أوكراني أول من أمس الجمعة خطف طائرة تركية إلى سوتشي.
مشاركة :