يا هوه: احنا فين والعالم فين ؟!

  • 2/9/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

هل أصبح مجتمعنا حقلا خصبا لانتشار (الشعوذة) بين أرجائه؟! أخشى أن أقول: لا، فأكذب، وأخشى أن أقول: نعم، فاصدم. وإلا كيف نفسر تلك الإعلانات من بعض المشعوذين التي تقول: عالج نفسك بنفسك، عالج أهل بيتك من العين والمس والسحر؟!، ليصدقها صغار العقول، فيتهافتون على مشايخ الرقية الشرعية، ويدفعون لهم ما في جيوبهم لمعالجتهم بالضحك على ذقونهم. وإلا كيف نفسر الأجهزة الصينية الصنع التي غزت الأسواق، وتخصصت في مجال الرقية الشرعية المسجلة القراءات و(النفث)، ولا يتطلب الأمر سوى أن يشتريها المصاب، ثم يجلس أمامها ويفتح التسجيل، لتتقافز الشياطين هاربة وخارجة من جسده وعقله؟! ولقد ضحكت كثيرا في رمضان الماضي، عندما أتى لي أحدهم بإعلان من إحدى الشركات (المتدينة) في إحدى الدول العربية، وهذا الإعلان موجه بالدرجة الأولى لمجتمعنا، وجاء فيه: «تفرغ لعملك في رمضان، واترك الدعاء علينا». وقد قسمت تلك الشركة الدعاء إلى عدة أقسام، فهناك دعاء المغرب، والدعاء بعد الإفطار، ودعاء الخشوع، وأغلاها ثمنا هو دعاء التضرع مع البكاء، وزينوا عروضهم تلك مصحوبة بهدايا أهمها حواسيب تعليمية للأطفال، وفوق ذلك كله هم على استعداد لتوصيلها للمنازل مجانا. والواقع أنني عندما قرأت تلك الحوافز (ارتخت أذني) قليلا، وفكرت فعلا أن أتفرغ للعمل وأترك الدعاء عليهم، متذكرا المثل القائل: (صاحب شغلتين كذاب). وأروع من كل ذلك هو القوارير المختومة المقروء عليها، وقيمة القارورة فقط مائة ريال، وجاء في تعليماتها أنه يمكنك أن تخلطها بالمياه العادية وتستحم بها، ولكن الأفضل هو أن تسمي بالله ثم تشربها؛ لأن مفعولها يكون أسرع. ولو أن هؤلاء المشعوذين لم يجدوا لهم سوقا ناجحة، لما اتعبوا أنفسهم بترويج لتلك المواد والإعلانات عنها. ولكي أزيدكم بيتا آخر من الشعر أو السحر، فاقرأوا معي هذا الخبر الذي ورد في إحدى الصحف: "اكتشف أحد المواطنين عملا سحريا مخبأ في سيارة والده (كبير السن)، وتقدم به إلى وحدة مكافحة السحر التابعة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالرياض، وبعد فحصه تبين أنه عمل (سحر) موجه لأبيه ليصرفه عن بعض أقاربه في العائلة، وأن مفعول هذا العمل امتد لأكثر من 20 عاما. حيث قامت الفرقة المختصة التابعة للهيئة مشكورة بمعالجة القضية وإبطال السحر وحرقه وفق الطريقة المتبعة في ذلك» ــ انتهى. وأكثر ما رعى انتباهي وزادني إعجابا وعجبا: هو نهاية الخبر، حيث أن تلك الفرقة المذكورة التابعة للهيئة قد استعانت ــ حسب قولها ــ (بالتقنيات الحديثة) لتحقيق الكفاءة والجودة في الأداء ــ تصوروا (التقنيات الحديثة)!! وما زلت أضرب كفا بكف متمنيا أن أعرف ماهية تلك التقنيات. يا هوه: احنا فين والعالم فين؟!.

مشاركة :