صادرات اليابان تسجل أكبر تراجع منذ أزمة 2009

  • 8/19/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

هبطت صادرات اليابان في الشهر الماضي بأسرع وتيرة منذ الأزمة المالية العالمية بفعل قوة الين وضعف في الاقتصادات الخارجية وهو ما يرسل إشارة تحذير بأن ثالث أكبر اقتصاد في العالم لا يمكنه أن يعول على الصادرات لقيادة النمو. وبحسب "رويترز"، فقد أظهرت بيانات من وزارة المالية اليابانية أن الصادرات انخفضت بنسبة 14.0 في المائة على أساس سنوي الشهر الماضي وهو أكبر هبوط منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2009 ومتماشيا مع متوسط تقديرات المختصين الاقتصاديين. وأشارت البيانات إلى أن الصادرات هبطت في تموز (يوليو) بسبب تراجع شحنات السيارات إلى الولايات المتحدة والسفن إلى أمريكا الوسطى والصلب إلى إيطاليا، وهبطت الصادرات إلى الصين -أكبر شريك تجاري لليابان- 12.7 في المائة بعد انخفاض سنوي بلغ 10 في المائة في حزيران (يونيو). وتراجعت شحنات الصادرات إلى الولايات المتحدة 11.8 في المائة في الشهر الماضي مقارنة بانخفاض سنوي بلغ 6.5 في المائة في الشهر السابق، وصعدت العملة اليابانية نحو 20 في المائة مقابل الدولار منذ بداية 2016 وإذا واصلت الارتفاع فسيؤدي ذلك إلى تقليص أرباح المصدرين وزيادة الضغوط الانكماشية بخفض أسعار الاستيراد. وأظهرت البيانات أيضا أن واردات اليابان هبطت 24.7 في المائة مقارنة بمتوسط التقديرات البالغ 20.6 في المائة، وسجل ميزان التجارة فائضا بلغ 513.5 مليار ين (5.15 مليار دولار) مقارنة بمتوسط التقديرات لفائض قدره 283.7 مليار ين. وبعد تسجيل نمو بنسبة 0.5 في المائة في الفصل الأول من السنة، تعثر الاقتصاد الياباني في الربيع على خلفية تخوف الشركات من الاستثمار، كاشفا نتائج دون التوقعات تطرح تحديا على رئيس الوزراء شينزو آبي والبنك المركزي. ولم يسجل إجمالي الناتج الداخلي الياباني أي حركة وبقي بمستوى الصفر بين نيسان (أبريل)، وحزيران (يونيو) مقارنة بالفترة بين كانون الثاني (يناير) وآذار (مارس)، بعدما توقع محللون استطلعتهم وكالة "بلومبرج نيوز" المالية ارتفاعا بنسبة 0.2 في المائة. لكن عند احتساب الوتيرة السنوية لإجمالي الناتج الداخلي، تشير الأرقام إلى تسجيل نمو ضعيف بمستوى 0.2 في المائة، وقالت جونكو نيشيوكو الخبيرة الاقتصادية لدى شركة "سوميتومو ميتسوي بانكينج كوربوريشن" إن المعطيات مخيبة جدا للآمال، والوضع يزداد تعقيدا بسبب ارتفاع سعر صرف الين والغموض المتزايد في الخارج حيث يواجه النمو صعوبات. ولفتت نيشيوكو إلى أن التشاؤم بات يسيطر على الشركات بعدما كانت في الأساس تتردد في الاستثمار وزيادة أجور موظفيها حتى حين كانت الأوضاع مواتية أكثر بالنسبة لها، وعمدت الشركات للحد بشكل إضافي من استثماراتها في الفصل الثاني من السنة (- 0.4 في المائة)، إلا أن هذه الأرقام لا تأخذ في الاعتبار عمليا التأثير السلبي لقرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي. وسرَّع هذا القرار الذي اتخذ خلال استفتاء نظمته بريطانيا في حزيران (يونيو)، ارتفاع سعر الين الذي يشكل عملة آمنة يقبل عليها العملاء في البورصة خلال فترة التقلبات، كما أن الأسر لا تبدي إقبالا على الإنفاق، ولو أن الاستهلاك الذي تراجع كثيرا منذ زيادة ضريبة القيمة المضافة في نيسان(أبريل) 2014، حقق ارتفاعا طفيفا بنسبة 0.1 في المائة. وحذر تورو سوهيرو من شركة "ميزوهو سيكيوريتيز" بأن الآفاق على هذا الصعيد أيضا غير مشجعة كثيرا على ضوء النمو الضعيف في الأجور، ولم يعد بوسع اليابان أن تعول على الصادرات التي شكلت تاريخيا محرك نموها الاقتصادي، إذ تراجعت بنسبة 1.5 في المائة خلال الفترة ذاتها، في ظل التباطؤ في الصين وغيرها من الأسواق الناشئة الآسيوية التي ترتبط مع اليابان بعلاقات اقتصادية وثيقة. ويواجه رئيس الوزراء المحافظ منذ أكثر من ثلاث سنوات معضلة حقيقية تقضي بإعادة الحيوية إلى اقتصاد يواجه تراجعا ديموغرافيا، ويتعثر نهجه الاقتصادي الذي يعرف باسم "إبينوميكس" القائم على الإنفاق وسياسة نقدية شديدة الليونة ووعود بإصلاحات بنيوية، وبات إجمالي الناتج الداخلي فصلا بعد فصل يراوح ما بين انكماش ونمو ضئيل. وسجل تحسنا طفيفا بين كانون الثاني(يناير) وآذار(مارس)، وهو فصل استفاد من تأثير السنة الكبيسة التي تتضمن يوما إضافيا من التسوق في شباط (فبراير)، وفي محاولة جديدة لإعادة إطلاق محرك متعثر، صادقت الحكومة في مطلع الشهر الجاري على خطة ضخمة بقيمة 28 الف مليار ين (240 مليار دولار). وصرح آبي عند إقرارها بأن حكومته ستواجه المخاطر الدولية وستعمل بكل قواها لوضع حد لانهيار الأسعار، مؤكدا طموحه الكبير ولا سيما على صعيد النمو وتوظيف النساء، غير أن ربع هذه القيمة فقط استخدم في نفقات جديدة، بحسب ما يقول محللون أعربوا عن تشككهم المتزايد مطالبين بإصلاحات عميقة. ويجد البنك المركزي الياباني نفسه في الخطوط الأمامية، حيث عمد الشهر الماضي إلى إدخال تصحيحات طفيفة على سياسته النقدية، وبموازاة ذلك، أعلن عن إجراء تقييم لحملته الواسعة النطاق التي باشرها في ربيع 2013 ولم تنجح بعد في وقف انهيار الأسعار الذي يعيق الاقتصاد الياباني منذ سنوات. ومن المتوقع صدور نتائج هذا التقييم خلال الاجتماع المقبل للبنك المركزي في آيلول(سبتمبر)، ويرى عديد من المختصين الاقتصاديين أن ذلك قد يفتح الطريق أمام تدابير جديدة، غير أن توبياس هاري نائب رئيس مكتب "تينيو انتيليجنس" للدراسات رجح عدم حصول ثورة في المستقبل، مؤكدا أن البنك المركزي الياباني سيدخل في أفضل الأحوال تعديلات طفيفة على برنامجه من غير أن يتوقع أي إعلان خاص الشهر المقبل، وأن البنك المركزي قد يفضل انتظار صدور قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المرتقب بعد ساعات على انتهاء اجتماع البنك المركزي الياباني في أيلول(سبتمبر) المقبل.

مشاركة :