سجّلت مجلة «الكواكب»، في عددها يونيو 1956، قصة 4 أشهر قضَاها الفنان، محمود المليجي، في إسبانيا، أثناء قيامه بدوره في فيلم من إنتاج ماري كويني وشركة إيطالية، بعنوان «روما فيلم». ويحكي المليجي عن ذكرياته المُثيرة في تلك الرحلة، قائلاً: «عندما حُدد يوم سفري كنت قد أعددت حقائبي وما يلزمني في الرحلة إلى إسبانيا، وودعت القاهرة إلى فترة وجيزة». ويُضيف: «ركبت الطائرة التي هبطت بي إلى أرض إسبانيا في وقت متأخر من الليل، وفي المطار قضيت فترة مع موظفي الجمرك، فلما انتهيت من هذه المهمة أردت الذهاب إلى أحد الفنادق»، ولكن لم تنتهِ القصة هُنا: «وقبل أن أغادر المطار قصدت إلى مكتب استبدال النقود، ولكنني فوجئت برفض المكتب استبدال نقودي. قيل لي إن استبدال النقود المصرية من اختصاص البنك، ولم يكن هناك بطبيعة الحال بنك يفتح أبوابه في منتصف الليل، وكان حتماً أن ينتابني الاضطراب والارتباك إذ لم تكن معي عملة إسبانية». وأردف: «ولاحظ موظفو المطار ارتباكي، فتعاونوا فيما بينهم على إقراضي بعض النقود، فلما جاء الصباح ذهبت إلى البنك واستبدلت النقود وسددت ما عليَّ من دين لهؤلاء الموظفين». وعن الطعام الذي تذوقه المليجي في بلاد العجائب، قال: «ألوان الطعام في إسبانيا لا تكاد تختلف عنها في أي بلد من بلاد العالم، وقد حدث أن دعاني صديق هناك على أكلة وطنية، وذهبت في الموعد المحدد لتناول الغداء، كانت المائدة تحوي ألواناً شتى من الطعام، ومن بينها طبق كبير جعلني مظهره لا أقترب منه». وبعدها ألح الموجودين على المليجي لكي يأكُل من الطعام شيئاً، ثُم اعتذر ولكنهم أصروا فسألهم عن نوعية الطعام، فأجابوا: «طعام مصنوع من يرقات الثعابين». يتذكر المليجي ذلك ضاحكًا: « ولا تسل عما حدث لمعدتي بعد ذلك، لولا أنهم أكدوا لي أنه من ثعابين الماء». أما كواليس تصوير الفيلم، فيتذكرها المليجي، عندّما سأل ممثل إسباني «هل تعرف شيئًا عن طارق بن زياد فاتح الأندلس؟»، فأجابه «لا أعرف الفيلم الذي مثّل فيه»، وعندّما سأل ممثل آخر عن الآثار العربية التى نراها كثيرًا في إسبانيا، وقد أنشأتها دولة الأمويين، فقال «هذه هندسة معمارية نحنُ أنشأناها». ويقول المليجي: «من أغرب ما شاهدت أسماء الشوارع، نصفها باللغة العربية والنصف الآخر باللغة الإسبانية والعملة الإسبانية غير موحدة، هم يخلدون أبطالهم الذين قاموا بأعمال مجيدة بنشر صورهم على أوراق العملة». وعن الجولات الترفيهية هُناك، كمّا يذكرها: «شاهدت مصارعة الثيران، وهي حلقة ينزل فيها بعض الرجال في أزياء مختلفة الألوان، وفي أيديهم أدوات القتال كالخنجر وما إليه، وبعضهم يركب جواداً وأمامهم ثور هادئ الأعصاب حتى إذا تلقى ضربة مميتة راح ينظر إليهم مشدوهاً.. وكان يمكن أن أصبح مصارعاً ناجحاً لو أن الثيران كلها من هذا الطراز».
مشاركة :