الأشعر سلسلة جبلية غرب المدينة المنورة، يحدّها شرقًا وادي ملل، وغربًا سهول تهامة بينها وبين ينبع، وجنوبًا وادي الصفراء من أعلاه (غرب الفريش) إلى نهايته جنوب بدر، وحدّها الشمالي واديا بُوَاط، وهذا أشهر أسمائه قديمًا، ومن أسمائه القديمة جبل جهينة، والقَبَليَّة، والفقارة، ويُسمّى الآن شماله الفِقْرة، وجنوبه الفَقَارة، والكلام عنه جغرافيًّا مفصل عند الهَجَري في التعليقات والنوادر، والحموي في معجم البلدان، والبكري في معجم ما استعجم، والزمخشري في كتاب الأمكنة والمياه والجبال، وفي المراجع الحديثة في كتاب معجم معالم الحجاز لعاتق البلادي، وسأذكر شيئًا من أشياء في رحلة إليه، صعدنا خلالها جبالاً، وقطعنا أودية، وشاهدنا آثارًا، وقرأنا تاريخًا. في يومي الخميس والجمعة 29 و 30 ربيع الأول 1435هـ، 30 و 31 يناير 2014م كانت لي، ولباحثين في التاريخ الاجتماعي رحلة في قمم جبال الأشعر وأوديته للوقوف على آثاره وأطلاله، والصحاب في الرحلة هم: أ. عبدالرحيم الأحمدي، ود. عبدالعزيز الحازمي، ود.سليمان الرحيلي، ود. حامد الأحمدي، وقد بدأت بالوقوف على آثار بئر الروحاء في وادي السدارة، ثم صعدنا وادي رحقان وهو أحد روافد وادي الصفراء شمال المسيجيد، وشاهدنا أطلالاً وآثارًا تشهد على تاريخ يحتاج للعناية بها والحفاظ عليها، ومنه وقفنا على قلعة عباس بن مضيان في وادي النازية، الذي تكرر كثيرًا في كتب السيرة النبوية، وكانت القلعة متداعية أركانها، ولكن بئرها ما زالت مليئة بالماء الذي يُعبّأ في الصهاريج، ومن أعجب ما في البئر أنفاق متعددة من جهة القلعة على مستويات متفاوتة حسب امتلاء البئر بالماء، وقد كان الحراس يأخذون الماء من خلالها إلى القلعة. في خيف الحزامي في وادي الصفراء هالنا ماضي هذه القرية، وبيوتها الكثيرة الخربة التي لا يستطيع أحد دخولها لتداعيها، وما أحوجها أن ترمم من هيئة السياحة والآثار؛ لتبقى مثالاً لقرى كانت ثم زالت، بعد أن نضب ماء عينها الذي كان سبب الحياة، ومنهل العين أمامها أعجوبة، ففيه بركة شرقية للنساء، ودرج جنوبي تنزل معه الخيل للسقيا، ودرج غربي من جهة المسجد ليأتي منه من يريد أن يتوضأ. ومن قرية أم ذيان اتجهنا إلى واديين قريبين يصبان في وادي الصفراء غربها هما واديا ألاب (على وزن سحاب)، ووادي طاش، ووادي ألاب وادٍ طويل كثير التعاريج، له تاريخ في الزراعة والعمران، وبه كثير من آثار الماضي، وقد كتب عنه بحثًا طويلاً د.منصور الحازمي في العدد الأول من مجلة كلية الآداب في جامعة الملك سعود، وفي العدد نفسه قراءة لكتاباته الأثرية للدكتور عبدالرحمن الأنصاري، وكانت جبال وسهول مكسوة بالعشب، وفيه عمران حديث لبعض أهله، والأمل أن يعيدوا عمرانه، أمّا قرينه طاش فيسلكه، طريق حديث مزفت يؤدّي إلى شمال الفقرة وإلى ينبع، ووصفه القدماء في مؤلفاتهم، وفيه الآن مركز تابع لإمارة المدينة المنورة ومن قرية الحمراء ذات التاريخ في كتب رحلات الحج اتجهنا غربًا لمشاهدة أطلال بئر سعيد أبو حوا ذات التاريخ في قوافل الحج، ووصلنا إليها بعد عناء لتغير معالم المنطقة بسبب الحفر لأنابيب التحيلة للمياه المتجهة إلى المدينة المنورة ثم عرجنا في عودتنا على متحف عبدالله عتيق في قرية الواسطة وهو متحف غني بالتراث المحلي للمنطقة. في يومنا الثاني زرنا قرية الجفر غرب المدينة المنورة ووقفنا على آثار عينها القديمة ثم صعدنا إلى قرية الفقرة على قمم الجبال ولا يتسع المجال للوصف إلا الإشارة إلى قدرة انسان هذه البلاد على بناء المزارع وغرس النخيل وإقامة الحياة في زمن مضى في هذا المكان لمواجهة تكاليف الحياة والأمن المعيشي، وفي فرع الردادة زرنا قرية الرس الأثرية وقد أحاطتها هيئة الآثار بسياج للحفاظ عليها والأمل أن يشمل ذلك كل القرى والأماكن الأثرية فهي تاريخ حي ناطق بعبق الماضي. في الرحلة العلمية يقف الزائر على كثير من الفوائد التاريخية والأثرية، لكن المجال لا يتسع إلا إلى إشارات، والتاريخ عمرٌ لأجيال مضت، وملهم لأجيال أتت، وسجل يتعين الحفاظ على آثاره وأطلاله فهي كتب تقرأ بالوقوف عليها. IBN-JAMMAL@HOTMAIL.COM الفاكس 01122389934 Ibn_Jammal@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (55) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :