يتجه كتاب «تمثيلات الذات المروية على لسان الأنا» (الدار العربية للعـــلوم - نـــاشرون)، للكـــاتــبة والأستـــاذة الجامعية السعودية منال بنت عبدالعزيز العيسى، إلى الإهتمام بالذات في نماذج من الرواية العربية من خلال ضمير المتكلم «الأنا». وتنبع أهمية البحث من كون الذات لم تلقَ عناية بارزة في النظريات النقدية إلاّ خلال الفترة الأخيرة. فهي كانت تُدرس في معظم الأحيان من خلال المُبدع المُلهم، أو صانع العمل. أمّا تشكلها في العمل الأدبي فلم يُهتمّ به في النقد إلاّ اهتماماً جزئياً، لذلك تمثلّت إشكالية هذه الدراسة في البحث عن الذات التي تبرز في العمل الأدبي وتحلّ فيه، بهدف التعرّف إليها من حيث هي ذات ومن حيث وظيفتها. ومن ثمّ فإنّ الإشكالية المنهجية لهذه الدراسة تبحث عن الذات في نمط من الروايات العربية، التي هي ليست بالروايات السير ذاتية وليست بالسير الذاتية. وكلّ ذلك بهدف تبيان مظهر من جمالية الكتابة الروائية وسمة خاصة في البناء الروائي العربي، الذي يتخذ من الذات وسيلة للتعبير عن «أنا» عربية عاصرت الواقع التاريخي العربي من ستينات القرن الماضي إلى بداية القرن الحالي. وتوصلت الدراسة إلى بروز ملامح خاصة بالرواية العربية في ما يُمكن أن يُسمّى ب «رواية الذات»، سواء أكان على مستوى الثيمة الأنوية، أم على مستوى التشكيل الفني الناطق بالأنوية في تفاصيله. والروايات التي برزت فيها الذات، كثيمة، شهدت حركة تصاعدية من حيث الكمّ في الفترة الزمنية المتأخرة، فهي في تصاعد من الندرة إلى الكثرة، مما يجعلها ترقى إلى مجال الاهتمام بدراستها والوقوف على تنوّع ملامحها كما بدت في نماذج الرواية العربية. اعتمدت الكاتبة في دراستها على أسلوب الانتخاب الذي يخضع للتنوع الجغرافي، بحيث يُغطّي معظم البلاد العربية (المغرب، مصر، لبنان، السودان، الجزائر، فلسطين)، وللإمتداد الزمني من عام 1958 حتى 2006، باعتبار أنّها مرحلة مهمة شهدت أكثر من حرب وأكثر من ثورة وأكثر من إحباط سياسي واقتصادي. ومن هنا، حرصت الدراسة على انتقاء نماذج روائية تتمثّل فيها إشكاليتا الواقعية النفسية والواقعية الجديدة، هي: «أنا أحيا» لليلى بعلبكي، «موسم الهجرة إلى الشمال» للطيب صالح، «المتشائل» لإميل حبيبي، «ليلة القدر» للطاهر بن جلّون، «مسك الغزال» لحنان الشيخ»، «محن الفتى زين شامة» لسالم حميش، الحبّ في المنفى» لبهاء طاهر، «ذاكرة الجسد» لأحلام مستغانمي، «الفردوس اليباب» لليلى الجهني، «سقف الكفاية» لمحمد علوان، «تلك العتمة الباهرة» للطاهر بن جلون، «ملامح» لزينب حفني، «الآخرون» لصبا الحرز.
مشاركة :