لا أخاطبك بالعاطفة التي أحفظها لك منذ ستين عاماً، ولا أبجلك وأنت المبجَّل بالعفة والمحصَّن بالحب والصدق والوفاء. كتابك «ثلاث سنوات نقيباً» ليس هو الكتاب الذي يؤلَف عنك. عملك الصحافي توّجك نقيباً، ومدة جلوسك على كرسي النقابة إلى الآن ثلاث سنوات لا يحصر بها عملك الحافل والسخي. فمن بدء توليك العمل النقابي شعرنا كأنك تشغله منذ زمن طويل، فالأعمال لا تقاس بالأشبار والأمتار بل بالأحجام والأقدار. وعلى رغم علاقتي المتينة مع النقيب الراحل ملحم كرم إلا أنني لا أعتبرك رديفاً لنقيب المحررين ولا صورة ولا شبيهاً. مزاياك وتكوينك وخصائلك هي مفتاح نجاحك المهني والاجتماعي، والسيف قوته ليس بنصله بل بالساعد الذي يضرب به، وجزّين التي تنتمي إليها أخذت من وهجك وشعاع عطائك مثل ما أعطتك. إنك علم لبناني إعلامي نقي يرفرف في جزين ولبنان ولست علماً جزينياً فقط. كنتَ، كما أعرفك، بصمة واضحة في عالم الإعلام. في وكالة الأنباء المحلية وأنت حرفها وألفها وياؤها. وفي نقابة أصحاب الصحف ممثلاً الصحافة غير السياسية. وفي أمانة صندوق النقابة. وفي جولاتك الإعلامية ورئاسة تحرير «البيرق» والأمانة العامة للصحافيين العرب... قلم لامع ومؤلف ناجح. كنت أنتظر صدور كتاب عنوانه نقابة المحررين بين الأمس واليوم، بين الماضي والحاضر. نقابة المحررين في نهضتين: نهضة الراحل ملحم كرم بعد مسيرة تقليدية طويلة، ونهضة النقيب الياس عون في مسيرةِ تحصينها قانونياً واجتماعياً واقتصادياً وصحياً. خطواتك المتواضعة وأنت في أول الطريق ترينا بوضوح ما أنت فاعله ومخطط له سر القوة السلطان الساكت. سكوتك لا يعني عدم وجودك بل ثقل هذا الوجود وسخاء العطاء. إن معرفتي بما قدمتَ وسعيتَ إليه تبشرني بثمار يانعة، فقد أغنيت الجدول بنوعية ذات حيوية لتكون الدم الجديد في الجسم النقابي. ونرنو إلى يوم تتكون في لبنان حكومة وسلطة فعّالة تحقق المشاريع التي رسمتها وقدمتها كمشروع الصرح الإعلامي الجديد، وخفض الرسوم البلدية على بيوت عائلات المحررين، ومشروع صندوق التعاضد لتأمين الغطاء الصحي للصحافي، والحماية القانونية من الصرف التعسفي ووضع ضوابط له. وتحصين الجسم الصحافي بقوانين تضمن حرية العمل فلا يشط المحرر ويخرج عن الانضباط، ولا تتمادى السلطة من أجل الإخضاع والسيطرة، وتأمين إصدار قانون تقاعدي لكبار السن والمتقاعدين. مشاريعك هذه أعاقها العجز الحكومي لكنها حيّة في مخططاتك. زاملت وعاصرت وصادقت معظم الذين تولوا رئاسة نقابتي الصحافة والمحررين. تبقى يا الياس عون النقيب المناسب للمكان المناسب الذي مذ أن توليت مسؤوليته حتى ملأته وأنعشته، خصوصاً بعد الفراغ الذي حدث برحيل النقيب السابق ملحم كرم. كتابك «ثلاث سنوات» يصح أن يكون مقدمة كتاب عنوانه «نقابة المحررين حياة جديدة وعصر ذهبي مع نقيب المحررين الياس عون». فهذا الكتاب على رغم ما تضمنه لم يعطك ما أنت فيه وما يعكس حقيقتك. ولا تصح شهادة أحد فيك مثل شهادتي، فأنا أعرفك منذ عام 1959، تلازماً مهنياً وشخصياً. فمن يعرفك يصبح مدمناً على صداقتك ومحبتك وهي شهادة صادقة وغير مجروحة لأنها من صديق صادق.
مشاركة :