عندما أعلن برشلونة تعيين جوسيب غوارديولا مدربًا، قلت لنفسي: «أماه!، سنحلق في السماء، هذا الفريق سينطلق كصاروخ». كنت أعرفه بالفعل، وأعرف ما هو عليه. هو مدرب يتمتع بالثقل والإصرار ويقوم بعمل شاق ومكثف. وهو شخصية تسعى إلى المثالية. كما أنه من النوع اللحوح، وكنت أعرف أنه سيواصل المحاولة حتى يصل بالأمور إلى نصابها الصحيح. إذا قرر غوارديولا أن يكون موسيقيًا، فسيكون موسيقيًا جيدًا. وإذا أراد أن يكون خبيرًا نفسيًا، فسيكون خبيرًا نفسيًا جيدًا. وكرة القدم هي الشيء الذي يشغل تفكيره. غوارديولا من النوع الذي يولي عناية فائقة بأصغر التفاصيل. وحتى كلاعب، كان يسيطر على كل شيء، كان يعرف تمامًا ما يريده، كان كل شيء واضحًا في ذهنه. يعشق كرة القدم وطريقة محددة للعبها. كان يكره أن يفقد الكرة فعلاً، حتى كلاعب. وهؤلاء منا الذين تربوا في برشلونة، على المبادئ والمثل التي جلبها يوهان كرويف إلى النادي، كان لديهم فهم واضح لكيفية اللعب، وهو اللعب المثالي. وغوارديولا تحديدًا، شخصية راديكالية النزعة. ليس كافيًا أن تمتلك هذه المثل: عليك أن تكون قادرًا على ترجمتها أيضًا. قد يكون هناك مدربون آخرون يحملون نفس الأفكار، لكنهم أكثر ضعفًا وغير قادرين على نقلها. لكن غوارديولا يستطيع، فهو يتمتع بالقيادة، والشخصية. كنا بحاجة إلى هذا عندما تولى تدريب الفريق. يثقل نفسه بمطالب هائلة ولهذا أثر معد، فهو ينتشر ليصل إلى الجميع. لديه رؤية ويعرف كيف ينقل هذا. تصل رسالته إلى اللاعبين. فقط من خلال كونه جوسيب غوارديولا، كان اللاعبون يستمعون إليه في برشلونة. الأمر أشبه نوعًا ما بزين الدين زيدان في ريال مدريد؛ كان ملء السمع والبصر كلاعب، ويحظى بالاحترام لأنه هو من هو. ولا يمكن لهذا الاحترام إلا أن يزداد. إذا لم يكن غوارديولا أفضل مدرب في العالم، فهو بالتأكيد واحد من أفضل المدربين في العالم. لم يسبق لي أن عملت مع كارلو أنشيلوتي، على سبيل المثال، أو جوزيه مورينهو، لكن غوارديولا ولويس أراغونيس هما المدربان اللذان كان لهما أكبر الأثر علي من دون شك. إن أسلوب غوارديولا قابل للتطبيق خارج برشلونة، وكان بايرن ميونيخ دليلاً على ذلك. لعب فريقه كرة قدم جيدة جدًا، بالطريقة التي أراد بها أن تلعب كرة القدم. وصحيح أنه لم يفز بدوري أبطال أوروبا، لأن بعض التفاصيل الصغيرة لم تخدمه، لكنه استمر في الفوز وترك بصمته على الفريق. تحدث إلى اللاعبين هناك وسيقولون لك. أعرف الإسباني خافي مارتينيز وتياجو ألكانتارا، وقد سمعت آخرين يتحدثون عنه. كل هؤلاء يقولون إنه مختلف عن البقية. أنت مع غوارديولا، تتعلم فعلاً. يوضح كل شيء بشكل جيد للغاية، ليس فقط ما تفعله، ولكن لماذا تفعله. وهو بارع في جمع المعلومات وتحليلها. تحدث عن جلوسه في مكتبه يشاهد أشرطة فيديو لا حصر لها استعدادًا للمباريات حتى يتوصل إلى الطريقة المناسبة لها. ربما كان يقضي ساعتين أو 3 ساعات، أو يزيد، في مشاهدة شريط فيديو واحد، ولكن عند عرضه للاعبين، لم يكن يستغرق أكثر من 10 دقائق. هو لا يثقل عليك في هذا، فهو يطالبك بالكثير، لكن يشرح لك الأمور بأبسط المعلومات. تركز شرائط الفيديو على جوانب من المباريات، وتفاصيل محددة. لم نغير أسلوبنا بهذه الطريقة، بل كان الأمر معنيًا أكثر بتحليله للكيفية التي يمكنك من خلالها مهاجمة منافسيك. ويكشف هذا التحليل أين يمكن إيجاد المساحات - خلف المحور الدفاعي، على سبيل المثال - وشرح كيف يمكننا فتح الثغرات في هذا المكان. يتعلق الأمر كله بالوقت والمساحة. وهو يعتني بهذه التفاصيل لتحسين فرص الفريق في الاحتفاظ بالاستحواذ على الكرة وخلق الفرص. بعد ذلك تنتقل هذه الأفكار إلى ملعب التدريب. كان يطلب من اللاعبين تنفيذ التحركات التي يريدها، لكن هذا لم يكن يتكرر كثيرًا، خلال حصة تدريبية طويلة تستغرق ساعات. كانت مدة الحصة ساعة وربع الساعة عادة. كان هذا جزئيًا، تجربة ذهنية، التفكير في، وفهم ما تحاول عمله. وبعد ذلك تكون المحاضرة الختامية تلخيصًا لكل شيء استعددنا له. كانت المحاضرات تجمع بين الجانبين؛ التكتيكي والفني، لكنها كانت تنطوي على جانب نفسي وعاطفي أيضًا. عندما تكون واضحًا جدًا في أفكارك، وعندما تعرف كيف تنقلها، يكون الأمر أكثر سهولة. إذا كان هناك من بإمكانه تغيير مانشستر سيتي، فإنه هو. وبجانب هذا، فلو أنك سألتني قبل 10 سنوات، ربما كنت سأقول: «إنها مهمة صعبة». لكن كرة القدم الإنجليزية تطورت، ولم تعد مباشرة كما اعتادت أن تكون، ولن يكون غوارديولا مضطرًا لتغيير كل شيء في مانشستر سيتي. كان مانويل بيلليغريني هناك (المدرب السابق لمانشستر سيتي)، وفيران سوريانو (عضو مجلس إدارة برشلونة السابق والرئيس التنفيذي لنادي مانشستر سيتي حاليًا)، وتكسيكي بغيريستين (المدير الرياضي السابق لنادي برشلونة والمدير الرياضي لمانشستر سيتي حاليًا) هناك. أفكار هؤلاء قريبة من أفكار غوارديولا، ومر عليها زمن الآن، وهو ما سيجعل الأمر أكثر سهولة. كان لهم أسلوب لعب بحيث يريدون نقل الكرة إلى ملعب المنافس، والاستحواذ على الكرة، وأن يكونوا هم المتحكمين في سير المباراة. حافظ برشلونة على هوية واضحة وهناك عنصر من هذه الهوية متوفر في سيتي. ديفيد سيلفا، وكيفين دي بروين، وسيرجيو أغويرو، ويايا توريه، كل هؤلاء لاعبون كان بإمكانهم اللعب لبرشلونة، وسيتعاقد غوارديولا مع اللاعبين الملائمين لأسلوبه. كما أنه يستطيع البناء على هذا، وإحكام سيطرته. لن تكون لديه مشكلات مع اللاعبين غير المناسبين، فهو مباشر وصريح جدًا مع الناس. سيعرفون أنهم إذا لم يتدربوا جيدًا لن يلعبوا. ولن تكون لديه مشكلة في عدم إشراك نجم، أو الدفع بلاعب صغير السن. فعل هذا مع بيدرو وسيرجيو بوسكيتس، اللذين كانت كل خبرتهما تتمثل في اللعب في الدرجة الثالثة، قبل أن يصبحا لاعبين أساسيين. نضج غوارديولا، واكتسب خبرة من تدريب بايرن ميونيخ. هو يتطور أيضًا، ويتعلم، ويتطلع إلى التقدم دائمًا، ويبحث عن الحلول الجديدة. كانت هناك تغييرات تكتيكية هناك، مثل سحب قلبي الدفاع إلى الداخل لفتح طريق للأجنحة، على سبيل المثال، وهذا شيء لم نفعله من قبل في برشلونة. في كثير من الأحيان يكمن الذكاء في كيفية تأقلمك، وغوارديولا بغاية الذكاء. سيتأقلم مع أي مدرسة كروية، وسينجح في أي مكان، أثق بهذا. هذه تغييرات داخل المثل العليا، وليست فلسفة جديدة. قال غوارديولا ذات مرة إنه إذا استطاع أن يلعب بـ11 لاعب وسط فسيفعل، وإذا استطاع أن يستحوذ على الكرة بنسبة مائة في المائة فسيفعل أيضًا. ومن ثم فقد يتغير.. بل قد يصبح أكثر راديكالية. إذا كنت تؤمن بشيء، فعليك متابعته. وبالنسبة إلى البعض منا الذين تربوا على هذه المثل، وتشبعوا بها بشدة، يشبه الأمر الديانة. غوارديولا صفائي النزعة. ولم يغير وقد وصل إلى مثل هذا المستوى من النجاح، لا أعتقد أنه سيغير أفكاره، بل سيحاول أن يصل بها إلى الكمال. (تشافي هيرنانديز، لعب لبرشلونة تحت قيادة جوسيب غوارديولا، من 2008 إلى 2012، وفاز خلال تلك الفترة بلقبين لدوري الأبطال و3 ألقاب في دوري الدرجة الأولى الإسباني الممتاز).
مشاركة :