وش تشجع؟!

  • 2/10/2014
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

في طفولتنا وعندما كان يحل علينا ضيوف، أو يسكن في حينا جار جديد، ويأتي أولاده للعب معنا، كنا نبادر بسؤالهم عن أمر مهم، حتى قبل أن نعرف أسماءهم: وش تشجع؟! كان القبول من عدمه يعتمد على الميول الرياضية، إن وافقنا الميول، فلن يجد متاعب في اللعب معنا كأساسي، بل ربما يصبح مهاجما للفريق إن أراد، مع العلم أن مركز الهجوم لا يمنح بسهولة!. أما إن كان يشجع الفريق الخصم، فسيقضي "العصرية" و "هي الفترة الرسمية لمباريات الحارة" جلوسا على مقاعد الاحتياط ولو كان الفريق ناقصا، هذا إن لم يتم تحويله إلى "لحّاق كور" خلف المرمى!. اليوم كبرنا وكبر معنا سؤال: "وش تشجع؟"، بل وأنجب أسئلة تجاوزت إلى فكرية وعقائدية واجتماعية. فتحول من: أنت "هلالي" وإلا "نصراوي"، إلى "ليبرالي" "وهو الوصف المطور لتصنيف علماني" وإلا "إسلامي"، هل أنت "مع ذلك" الموقف أو"ضده"؟! حتى مشاهدة قناة معينة لم تسلم من التصنيف، وأصبحت كافية لاتهام المشاهد بالانتماء لفكر معين، أو تأييد تيار محدد، ولو كان ضد سياسة تلك القناة، لكن الحظ قاده إلى مشاهدتها في حضرة "موزع التصنيفات"! أصبح أي حوار يومي عابر مادة خصبة لزج المتحاورين ببعضهم في تصنيف معين لمجرد الاختلاف بالرأي، وقد لا يتوقف الأمر عند علاقتهم ببعض، بل يتمادى إلى اتهامات أخرى، وصولا إلى التخوين واللا وطنية!. مكمن الخطر، أن تبعات بعض التصنيفات تتجاوز إلى تفاصيل الحياة، وصولا إلى الأسرة، والعلاقة مع المجتمع، وربما إلى التضييق في مصدر الرزق، وعرقلة الوصول لمراتب وظيفية مستحقة!. المؤلم عندما يأتي التصنيف ممن أشغل الناس وملأ الدنيا بشعارات وجوب تقبل الرأي الآخر، واحترام التوجهات الفكرية والدينية والاجتماعية المخالفة، ثم بعد حوار قصير لم يرق له، يزج بك في إحدى دوائر التصنيف!. في كلمته لأهالي إحدى المناطق خلال زيارته لها، حذر خادم الحرمين الشريفين من خطورة التصنيفات الفكرية، ومن عواقبها الخطيرة، وقبل 4 سنوات وخلال تسلمه التقرير السنوي لنشاطات مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني؛ حذر الملك من مغبة غياب الحوار، والوقوع في فخ التصنيفات الفكرية، عادا اختلاف الآراء وتنوع التوجهات أمرا واقعا، ونتيجة طبيعية من طبائع الناس. في استطلاع قامت به وحدة استطلاعات الرأي العام بمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني العام الماضي، أظهرت نتائجه أن "68.6%" من المجتمع لديهم قلق حول الآثار المترتبة على وجود التصنيفات الفكرية، بل ويرون أن هناك حالات عداء وتنافر بين فئة وأخرى سببتها تلك التصنيفات!. لا أعلم لِم تذكرت قصة رواها زميلنا الدكتور علي الموسى قبل سنوات، عندما امتنع الأطفال في الحي الذي يقطنه اللعب مع ابنه، بدعوى أن والده "علماني"!. أنتهي هنا قبل أن يتم تصنيفي!.

مشاركة :