بقلم : علاء عبدالحي ملا كان بدران طفلاً صغيراً يلعب في فناء مدرسته ولا يعلم؛ ولا يريد أن يعلم ما سيحدث له غداً، كان وجهاً هادئاً منطوياً على نفسه طوال الوقت ولا توحي ملامحه بأي شيء؛ ولكن كانت الشكوى الدائمة من المدرسين هي نومه المتكرر أثناء الحصص! ؛ كانت لغة التفاهم بين المدرسين والطلاب في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي تعتمد على الأمر والطاعة؛ وعند الخطأ من الطالب يكون الضرب هو سيد الموقف؛ فكانت كلمة المعلم لبدران حاضرة دائماً بقوله (أصحى يا بدران) مصحوبةً بضربة قاصمة على رأس بدران الأجوف الصغير؛ وأسفرت عن هذه الضربة صرخة من فم بدران تشبه صوت الغراب. تكررت الضربات على رأس بدران حتى أصبح منظراً يومياً اعتاد على رؤيته طلاب تلك المدرسة! . فلم يكن يمر يوم أو يومين إلا ويسمع الطلاب صرخة الغراب !!؛ مرت السنوات بطيئة على بدران والضرب والصرخات تتوالى حتى وجد بدران نفسه فجأة مسئولاً كبيراً في جهة ما؛ ولكن الحياة لم تعد كما كانت أيام ضربات المعلم؛ أصحبت الحياة رتيبة لمخلوق اعتاد على الأضواء و الظهور والجميع يحيط به بعد صرخاته الغرابية؛ كان لا بد من التميز و الترزز حتى تكون الإحاطة به سواءً من أجل صرخة غراب أو من أجل رشوة توصل لتصنيف عالمي أو سرقة تجعل الغزال شارداً في الصحراء أو كذبة تجعلهم حائزين على جائزة وهمية في المياه أو التقية العلنية في قضية الشهادات الوهمية. كل هذا سيلقى جزاءه عليه؛ فالمسئولية دائماً لا تجزأ؛ إنطلاقاً من حديث نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ)؛ وقد يسكت الناس وتنسى أو تتناسى وتتجاوز عن كل شيء إلا الموت؛ فتجد هذا الشعب المسالم عند إزهاق أرواح يتحول لما يشبه معلم السبعينات والثمانينات؛ فيفاجئ بدران بضربة قاصمة على رأسه لإفاقته من الوهم الذي يعيش فيه؛ وقد يتخيل له مع هذه الضربة؛ صوت معلمه العتيد يقول له بصوته الأجش (أصحى يا بدران) وقد نسمع بعد الضربة صرخة تشبه صرخة الغراب أيضاً؛ يتمنى بدران لو يعود طفلاً اليوم؛ ولكن هيهات فقد وقعت الفأس في الرأس يا بدران. تويتر: @AlaaMulla1
مشاركة :