للبروفسور رانديل مقالات وكُتب في الضرائب ،من مسلَّماتها الاقتصادية أن الدولة السيادية تحتكر حق إصدار عملتها ويترتب عليها الصرف بالإنفاق العام على البنية التحتية لتأخذ ضرائب بمعدلات لا تحدث خللاً اقتصادياً يؤثر سلباً على دخل الفرد ،لأن كل ما يدخل خزينة الدولة بعملتها التي هي مصدرها الوحيد ليس دخلا لأنها تستطيع إصدار عملتها بأي كمية بدون تكلفة والقيد الوحيد معدل التضخم الذي تواجهه البنوك المركزية أو وزارة المالية بالضرائب والصكوك، ولهذا مهما زادت الضريبة فهي أداة لتقليص السيولة لكبح القوة الشرائية داخل الاقتصاد. ودور الضرائب بالاقتصاد الحديث علاجي للحد من سلوك سلبي مثل (ساهر) أو للحد من تلوث البيئة أو لتوجيه الاستثمارات لقطاع بعينه لإحداث توازن بين القطاعات أو لاستبعاد الاستثمارات من قطاع بذاته وأيضاً الضريبة أداة لرفع الطلب على العملة المحلية. للمقارنة حين تربط عملة كالريال بالذهب أو الدولار أو بسلة عملات فإن هذا يمثل قيداً حقيقياً على الدولة لأنها ستضطر لسحب عملتها من السوق خشية تحويل الريال الى دولار مما يستنزف احتياطاتها رغم أن قرار الربط سياسي لتقديرات مختلفة وإلا فإن الاقتصادي يجعل الريال حراً! ونضرب مثالاً ليتضح المقال ،ففي ٢٠١٤ تبين أن الحكومة الفيدرالية الأمريكية كانت تصرف ٢٠٪ من الناتج المحلي لتسترجع مقابله ١٧٪ كضرائب لإدراكها أنها ليست دخلاً لكن ان لم تسترجع تلك السيولة فإنها سترفع القوة الشرائية بقرابة ٢٠٪ وستنعكس زيادة في معدلات التضخم. ولكنها تدرك أن الطريقة المثلى لاستخدام الضرائب هي «معاكس للدورة الاقتصادية» (Countercyclically) فتزاد الضرائب عند توسع الاقتصاد وخفضها عند انكماشه ،فالدول تحتاج للضرائب لتوظيفها كأداة لسياسات الصرف (instrument of fiscal policy) وللتحكم بالقوة الشرائية ولتوزيع الثراء من الأثرياء للأقل ثراء وقد تكون تعبيراً عن سياسات تُعاقِب قطاعات وصناعات ومجموعات اقتصادية لسلبياتها (كالدخان / الكحول / التلوث / وللحد من استهلاك السلع الكمالية luxury ) أو لعزل ومعرفة دقائق تكاليف برامج ومنتجات عامة مثل الطرق والتأمينات العامة وغيرها. فالضرائب أداة للحد من هدر أصول حقيقية يحتاجها الاقتصاد الوطني ، ومعدلها «الصحيح» يجب أن يكون منفصلاً عن وضع الميزانية (فائض / موازن / عجز) لأن المعدل المستهدف هو ما سيؤدي للتوظيف الكامل داخل الاقتصاد، ولهذا رغم أن الميزان التجاري الأمريكي معجز باستمرار ويرتب عجزا عند التوظيف الكامل إلا أن الضريبة تستخدم كمعاكس للدورة الاقتصادية ،ومثلها اليابان التي ظل ميزانها التجاري فائضاً عند التوظيف الكامل أو بعجز ضئيل نسبياً ، ولكنها توظف الضرائب كمعاكس للدورة الاقتصادية لأن المعادلة تعني أن القطاعات الاقتصادية هي القطاع الخاص +القطاع العام+ التجارة مع باقي العالم (تساوي) = صفر ،وهي ورقة التوازن « Balance Sheet Public Sector +Private Sector +Rest of the world = Zero» فهذه المعادلة يطلق عليها أهل المحاسبة الموازنة أو تصفير الحسابات ومنها يتضح أن الضرائب ليست دخلاً بقدرما هي وسيلة لتحقيق أهداف تراها الدولة.
مشاركة :