بكثير من الخوف والقلق ينظر التجار وأصحاب المحال في سوق المباركية إلى المزايدة العامة الخاصة بإدارة السوق، والتي أعلنت هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص أخيراً فتح باب تقديم العطاءات فيها. خوفُ وقلقُ هؤلاء ليس نابعاً فقط من مجرد إمكانية انتقال إدارة السوق من جهة إلى أخرى، وإنما من تداعيات الزيادة «الكبيرة» المرتقبة في الإيجارات على ما يقول محمد ناصر حجي. يؤكد الرجل السبعيني الذي أمضى جلّ سنوات حياته في دكانه الصغير، أن المزايدة ستفتج باب زيادة الإيجار على مصراعيه، مستدركاً «مع العلم بأن الزيادة الأخيرة لم يمض عليها سوى 4 أشهر فقط»، لافتاً في هذا الإطار إلى أن«الإيجارات زادت من 265 ديناراً إلى 560 ديناراً دفعة واحدة». ويوضح بوعباس الذي اشتعل رأسه شيباً لـ «الراي» أن «المحل يبيع بدنانير قليلة طوال اليوم، فكيف لنا أن نتدبر أمورنا بدفع هذه القيمة الإيجارية العالية جداً»، مبيناُ «أن التجار قرروا اللجوء للقضاء لرفضهم دفع الزيادة، خصوصاً وأنهم غير قادرين على تحملها بأي حال من الأحوال». ولفت «بالإضافة إلى اللجوء للقضاء، فإن هناك تحركاً من قبل التجار لزيارة بعض المسؤولين وشرح المعاناة التي نعيشها لهم، ونتمى أن يراعوا ظروفنا وظروف السوق، وماهية البضائع التي تباع في محلات (المباركية)، التي تتوزع بين الخضار واللحم والسمك وبعض الحرف اليدوية والألبسة، وهي منتوجات استهلاكية وأسعارها معروفة للزبائن، وبالتالي فإن أرباحها قليلة ومحدودة، ومن هنا نحن نأمل أن تتم إعادة النظر في الزيادة الأخيرة، قبل أن تهبط علينا زيادة أخرى بعد انتهاء المزايدة الحالية». من ناحية ثانية، يشير بوعباس إلى أن «هناك إنذارات تلقّاها بعض أصحاب المحلات بالفعل، تقضي ضرورة إخلاء (العين المؤجرة) بموجب كتاب رسمي صادر من وزارة العدل بسبب رفضهم دفع القيمة الإيجارية الجديدة، مطالباً بالعمل على حل هذه الأزمة، وإلا فإن التجار لن يكون أمامهم في نهاية المطاف سوى ترك هذه المحلات وإقفالها رغم تاريخها وتراثها العريق»، متسائلاً «كيف سيبقى سوق اسمه (المباركية)؟». من جانبه، يبدي بوصالح، وهو أحد التجار من مستأجري المحلات في السوق أيضاً، تخوفه من تبعات الزيادة الراهنة، والتي قد تتبعها زيادة أخرى حال انتقال إدارة السوق إلى جهة أخرى، قائلاً «شنو نبيع ... ذهب؟». وطالب بوصالح الجهات المسؤولة بالتدخل على الفور لحل مشكلة كثير من التجار في سوق «المباركية»، مشيراً إلى «أن ملفات أجدادنا لديكم، ومن المفروض أن تكون القيمة الإيجارية (ببلاش)، خصوصاً وأننا من القدامى في السوق، وهذه المحلات ورثناها عن آبائنا وأجدادنا». وتابع «نطالب بتخفيض الإيجارات على الكل، أو النظر بحال أهل السوق القدامى وتخفيض القيمة الإيجارية تكريماً لهم ولدورهم في أن يكون هذا السوق معلماً سياحياً فريداً في الكويت». ولفت إلى أن هناك كثيراً من التجار ذهبوا أكثر من مرة إلى أعضاء في مجلس الأمة، وحاول إيصال صوتهم ولكن الأمور بقيت على حالها، مشدداً «على أنه لو تمت زيادة الايجارات مرة أخرى، فإنه لا خيار لنا سوى الرفض واللجوء إلى القضاء ثانية». من جهته، لفت أحد العمال في أحد محلات السوق إلى أنه تلقّى كتاباً بضرورة إخلاء المحل بسبب رفض صاحبه دفع القيمة الإيجارية الجديدة. وأكد أن «أصحاب المحلات لا يمانعون زيادة الإيجارات، ولكن ليس بهذا الشكل الذي وصلت معه نسبة الارتفاع إلى 100 في المئة، محذراً من أن تلك الزيادة اذا استمرت من الممكن أن تكون عكسية على أداء المحلات، وتؤثر على السوق ككل تمهيداً لإقفاله».
مشاركة :