وصلتني على جوالي رسائل عديدة جميعها لنفس الموضوع عن تاريخ جدة بعد إزالة سورها. تصفحت هذه الرسائل فوجدتها تحتوي على تاريخ هذه المـدينة مـن حـيـث (رجالها أيام زمان) وصور تاريخية تظهر هؤلاء الرجال وأعمالهم الجليلة التي خدمت هذه المدينة بصفة خاصة والمعمورة كلها بصفة عامة. شعرت من قراءتها أن أشارك قراء هذه الجريدة بتاريخ مدينتنا وأذكرهم برجال زمان حيث برجالها تشقى البلاد وتسعـد. وبناء على حكمة الصينيين أن «الصورة تساوي ألف كلمة» فأجمل ما كان في الرسالة هي تلك الصور التاريخية التي تذكرنا برجال زمان ومن بر الوالد وأصدقائه (يرحمهم الله) لهذا سوف أشارك القراء بمحتوى إحدى الصور الواردة في الرسالة وهي صورة تحت مسمى «نادي السمرة» وهي صورة أخذت في مزرعة والدي في مدينة بحرة وبها أعضـاء «نادي السمرة». ورغم أن اسم النادي يوحي بأنه ناد يجتمع أعضاؤه ليسمروا ليلا إلا أن الصورة أخذت في عصر ذلك اليوم في المزرعة. وهذا إن دل عن شيء فهو يدل على أن رجال زمان السمر بالنسبة لهم كان يبدأ بعد صلاة العصر حتى بعد صلاة العشاء ثم تناول وجبة خفيفة للعشاء والانصراف لمنازلهم للنوم المبكر والاستيقاظ المبكر لبدء العمل المبكر. هكذا كان رجال زمان. اليوم السمرة تبدأ من بعد صلاة العشاء إلى الفجر. وبين من هم في الصورة كانوا يرحمهم الله جميعا ويسكنهم دار الخلد هم لا لترتيب الذكر أي أهمية فجميعهم كانوا من رجال زمان هم والدي السيد معتوق والأستاذ يونس سلامة يقابله في الصورة الأستاذ محمد محتسب والأستاذ عباس خميس يقابله الأستاذ عبدالكريم بكر. والدكتور عبداللطيف جمجوم يقابله معالي الشيخ محمد إبراهيم مسعود ومعالي السيد حسن كتبي يقابلهما الأستاذ إبراهيم بكر زهران والأستاذ محمد نور جمجوم. رجال زمان كانوا قولا وفعلا أما رجال اليوم فكثير منهم للأسف الشديد هم قول بلا فعل إلا من رحم ربي. الزمان يتغير والحكايات تعيد نفسها، عقول متحجرة وعقول متفتحة. زمان كان الدش خرابا وإن دخل البيت ما تعدى مجلس الرجال واليوم في غرفة السنيورة ستلايت والراعي راضي. زمان كان السائق لا يتحرك مع بنات البيت إلا بمحرم وغرفته معزولة عن البيت كله. اليوم أصبح السائق هو المحرم والبنت تطلع معه بسيارة مظللة وحجرته بوسط البيت وأصبح يدخل ويخرج وأبو البيت في سبات بالاستراحة مع شلة الأنس. زمان كانت الأسواق ساكنة تأتي الأم وتشتري أغراضها وتمشي واليوم أصبحت منتزها وأيادي ماسكة الجوال وهاتي بلوتوث ورسائل وغراميات مع هذا وذاك. يجب أن لا نلوم رجال اليوم وفي اعتقادي مازال فيهم خير كثير إن شاء الله. المشكلة صارت في ازدياد واختلاط الصح بالغلط وأصبحوا يسايرون الوقت ويتمسكون بالبداية والناتج رضا بالنهاية، هكذا هي التكنولوجيا. وأختم بقصة العجوز الذي مر به شاب فوجده يغرس شجرة نخيل فسأله: أيها الشيخ هل تأمل أن تأكل من هذه النخلة فهي بحاجة إلى سنوات طويلة كي تعطي ثمرا. فأجابه العجوز: زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون. فهذا العجوز من رجال أيام زمان أما رجال اليوم تقول أنا أولا وما بعدي الطوفان. يرحمكم الله يا رجال زمان. للتواصل ((فاكس 6079343))
مشاركة :