في مشاريعنا إن صلح المراقب والمسؤول صلح المقاول

  • 8/24/2016
  • 00:00
  • 36
  • 0
  • 0
news-picture

«من أمن العقوبة اساء الادب» هذا المثل ينطبق على فساد وسوء إدارة العديد من المشاريع في المملكة ومنها مشروعات التنمية والبنى التحتية، لأنه لا يوجد نظام صارم يعاقب المخالف والشروط الجزائية المدرجة في العقود ليست رادعة وان وجدت لا تطبق لعدة أسباب منها: عدم الاعتناء بإعداد مواصفات المشاريع وشروطها قبل طرحها في المنافسة وإسناد الأعمال من الباطن وضعف الإشراف على المشاريع وضعف كفاءة أعضاء لجان الاستلام الابتدائي والنهائي للمشاريع. فالمشروع غالبا يرسو على المقاول الأقل سعرا وبطريقة تشوبها شوائب وغير واضحة وقد تكون بالتوصية، وهذا يؤثر على مدى جدية المقاول ويعد عاملا رئيسا في تعثر المشاريع لأن المقاول الكبير يُعطيها لمقاول أصغر منه بعقود من الباطن، وهكذا إلى أن تصل إلى مقاول صغير لا يهمه إلا الأرباح وغنيمة ما تبقى من الكعكة على حساب الجودة والزمن المعتمد للتنفيذ. ولأن موضوع تأخر المشاريع ورداءة تنفيذها محل اهتمام ولاة الأمر حفظهم الله. فقد قرأت تصريحا أمس للأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد أمير نجران اقتبست منه عنوان مقالي أنقله كما نُشر: «الكثير من المتابعين للمشاريع ينتقد المقاولين على سوء تنفيذ بعضها، لكنني أحمّل المسؤولية للجهة الحكومية، بدءا من مديرها وانتهاء بالمراقب، فإن صلح المراقب صلح المقاول، وخرجنا بمشروع وفق المواصفات والتصاميم المتفق عليها، ولو علم المقاول المتلاعب أن وراءه مراقبا ومدير إدارة حازما لما تجرّأ على تأخير المشروع»... انتهى. الأمير سلمه الله قال ما يدور في أذهان الناس: إذا صلح المسؤول والمراقب على المشروع صلح المقاول، وتعثر المشاريع الحكومية ورداءة تنفيذها يدفع المجتمع بأكمله ثمن ذلك في تأخر مشاريع حيوية لنا جميعا من مدارس ومستشفيات وطرق وأنفاق وشبكات تصريف للمياه وجامعات ومطارات وسكك حديدية وغيرها من المشاريع الحيوية، ويؤخر وصول هذه الخدمات إلى المواطنين، ويزيد الأعباء على الموازنة العامة للدولة التي رصدت المليارات لهذه المشاريع، التي يضيع جزء منها في تعثر وتأخر تنفيذها. الدولة تسعى لمحاربة الفساد وهي تمضي بخطوات جادة تجاه الإصلاح لكن مهما بذلت الدولة من جهد لن تستطيع أن تصل إلى نسبة الصفر في الحد من الفساد، بل مستحيل لأنها حرب أزلية بين البشرية، ومن يشاهد مشاريع البنى التحتية في مدن المملكة التي جعلتها أشبه بورش العمل يدرك أن الدولة تنفق الكثير من أجل الوطن رغم الأزمة المالية التي نمر بها ومع ذلك فنحن كشعب ودولة في نفس الخندق لكي نقف صفا واحدا تجاه محاربة الفساد وكشف خيوطه مهما كان نفوذ أصحاب الشركات الكبيرة المنفذة للمشاريع على المسؤولين عن ترسية المشاريع والضغط عليهم بطريقة او بأخرى. وهناك أمر لا يقل أهمية عن المشاريع ورداءتها وهي الشركات الاستشارية لإدارة المشروع التي تتخاذل وتتواطأ مع المقاول وتكوّن «بؤرة الفساد» فتعثر المشاريع لا يخرج عن المقاولين والاستشاريين والجهات الحكومية المعنية بالإشراف والأنظمة الحكومية المنظمة لقطاع المقاولات أو الجهات الأخرى التي لها علاقة بهذه المشاريع كالجهات المستفيدة. وأزيد على ذلك قدم الأنظمة والقوانين والتشريعات وعدم مسايرتها ضخامة الإنفاق الحكومي والأهم خلو هذه الأنظمة من إجراءات رادعة للمقاولين المتلاعبين بالمشاريع الحكومية واحتكارها من قبل شركات معينة والسماح لها بصفقات عقود الباطن ووجود دخلاء على قطاع المقاولات. هيئة مكافحة الفساد في رأيي تقوم بدور إيجابي حسب إمكاناتها المادية والبشرية وحسبما ينص عليه نظامها الذي قيّدها كثيرا وأتطلع قريبا أن تُمنح الصلاحيات الكاملة التي تضمن لها أداء دورها المأمول الذي أُنشئت من أجله. وللحد من فساد المشاريع ورداءتها أقترح تأسيس شركة سعودية مساهمة للمقاولات تدرج بعض من أسهمها للاكتتاب العام مثلها مثل أرامكو وسابك والكهرباء وتكون على مستوى عال وتضم المتخصصين في كافة أنواع المقاولات، وبذلك نضمن إنشاء مشاريع على مستوى عال من التصميم والجودة ووفق المواصفات العالمية في الإنشاء والتعمير.

مشاركة :