يعقد حكام المصارف المركزية مؤتمرهم السنوي نهاية الأسبوع الجاري في جاكسون هول في الولايات المتحدة وعلى جدول أعمالهم ركود النمو والتضخم الضعيف، في وقت تنتظر مداخلة رئيسة مجلس الاحتياط الفيديرالي جانيت يلين بترقب كبير. وسيبحث خبراء الاقتصاد وحكام المصارف المركزية خلال المؤتمر المزمع عقده بين مساء غد والسبت، في الآليات التي تساعد برأيهم في «ابتكار إطار لسياسة نقدية فعالة في المستقبل»، وفق عنوان المؤتمر. وبعدما تغيبت يلين عن مؤتمر العام الماضي، تلقي بعد غد كلمة حول «الأدوات النقدية» في متناول مجلس الاحتياط، ستشكل النقطة المركزية في اللقاء. وستكون كلمتها موضع متابعة عن كثب من الأسواق التي تترصد منها أي مؤشرات حول الجدول الزمني للزيادة المقبلة في معدلات الفائدة التي يتوقعها كثيرون اعتباراً من أيلول (سبتمبر) المقبل. وقال الخبير في معهد «باركليز ريسيرتش» مايكل غابن: «على رغم أن الكثير من أعضاء اللجنة النقدية في مجلس الاحتياط قلقون حيال التضخم، فإننا نتوقع من يلين أن تعطي إشارة أقوى لإمكان رفع معدلات الفائدة في مستقبل قريب». ورجح رفع هذه المعدلات اعتباراً من الاجتماع المقبل للجنة النقدية في المجلس في 20 و21 أيلول. وفي الفترة ذاتها العام الماضي، كانت أسواق المال تترقب من مجلس الاحتياط أن يقرر أول زيادة في معدلات فائدته خلال عقد، على أن تدخل حيز التنفيذ في أيلول، ولكن القرار أرجئ إلى كانون الأول (ديسمبر) بسبب تباطؤ النمو الصيني والتقلبات في الأسواق. وبمعزل عن مسألة زيادة معدلات الفائدة الأميركية وتوقيتها، ثمة جدل جوهري بين خبراء الاقتصاد لمعرفة ما إذا كان نمط النمو تبدل بشكل بنيوي بفعل التطور الضعيف للإنتاجية، ما سيتطلب معدلات فائدة أكثر تدنياً بعد. ورأى نائب رئيس مجلس الاحتياط ستانلي فيشر، أن هذه التساؤلات تنطلق من تسجيل «تراجع في معدل الفائدة المحايد»، وهو معدل التوازن الذي يفترض ألا يؤثر في النمو سواء لتسريعه أو إبطائه، في وقت يشهد العالم مرحلة من «الانكماش المطول». وحرّك رئيس فرع مجلس الاحتياط في سان فرانسيسكو جون ويليامز الجدل أخيراً، إذ اعتبر أن من الأنسب السماح بمزيد من التضخم لإعطاء المصارف المركزية هامش تحرك أكبر والاستمرار في دعم الاقتصاد من دون أن تضطر المصارف إلى خفض معدلات الفائدة التي تقارب الصفر أساساً. وهذه الفكرة تعيد النظر في الهدف الثابت الذي حدده المجلس صراحة منذ العام 2012، بتحقيق نسبة نمو بلغت 2 في المئة، معتبراً أن تخطي هذه النسبة يفرض تشديد السياسة النقدية لتفادي حصول تسارع في النمو. ويقترب التضخم في الولايات المتحدة ببطء من تحقيق هذا الهدف، ويبلغ حالياً 0.9 في المئة وفقاً لمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي التي يعتمدها مجلس الاحتياط. غير أن فيشر يرى أن النمو يبقى ضعيفاً، ولم يتخط في الفصول الأربعة الأخيرة 1.25 في المئة، ومن غير المتوقع أن تُحدث التقديرات الثانية للفصل الثاني من السنة والمتوقع صدورها بعد غد، أي تغيير في المعطيات. ولكن على الصعيد العملي، فإن الحلول المتاحة لتحريك النمو تتطلب كذلك حضّ الحكومات وسلطات ضبط الأوساط المالية على التحرك. وقال فيشر إن «سياسة الاقتصاد الكلي لا يمكن اختصارها بالسياسة النقدية»، وهي لازمة قد يرددها المشاركون في المؤتمر، داعين إلى تبني تدابير مالية على صعيد البنية التحتية والتربية خصوصاً، لتحل محل سياسات المصارف المركزية من أجل دعم النمو. وقد يلتقي المشاركون في المؤتمر، وبينهم عضو لجنة إدارة البنك المركزي الأوروبي بونوا كوريه ومساعدة حاكم «بنك إنكلترا» نعمة شفيق، ناشطي تحالف «فيد آب»، وهي عبارة معناها «طفح الكيل» ومستوحاة من لقب مجلس الاحتياط «فيد». وتمكن تحالف المنظمات الاجتماعية من تعبئة 120 ناشطاً سيعقدون مؤتمراً موازياً، ونشر تقريراً يطالب مجلس الاحتياط بمزيد من الشفافية والمحاسبة وبتعيين قادة يعكسون بشكل أكبر تنوع المجتمع الأميركي. تركيا تخفض الفائدة إلى ذلك خفض البنك المركزي التركي أسعار الفائدة للشهر السادس على التوالي أمس، بمقدار 25 نقطة أساس لفائدة الإقراض لليلة واحدة، على رغم ارتفاع مستويات التضخم وأخطار التعرض لاحتمال خفض التصنيف الائتماني. وكما كان متوقعاً، خفض المركزي معدل الفائدة الأعلى بين أسعار الفائدة المتعددة التي يستخدمها لتحديد سياسته النقدية إلى 8.5 في المئة، بينما أبقى على سعر إعادة الشراء (ريبو) لأجل أسبوع، وهو سعر الفائدة الرئيس، عند 7.5 في المئة. وكان 15 خبيراً اقتصادياً من أصل 17 استطلعت وكالة «رويترز» آراءهم في مسح، توقعوا خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في سعر فائدة الإقراض لليلة واحدة، في حين توقع اثنان خفضاً بمقدار 50 نقطة أساس. ودعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مراراً إلى خفض كلفة الائتمان، إذ يسعى إلى تحقيق نمو أقوى يقوده الاستهلاك. وقال للمصارف التجارية عقب محاولة انقلاب فاشلة، إن عليها ألا تتبنى أسعار فائدة مرتفعة، ووعد باتخاذ إجراء ضد من «يسلكون الطريق الخطأ». العملات والمعادن وفي السوق، تراجع الدولار أمس مع تحوّل تركيز المستثمرين من تصريحات تميل إلى رفع الفائدة الأميركية أدلى بها مسؤولون في مجلس الاحتياط، إلى كلمة يلين بعد غد. وتراجع مؤشر الدولار 0.1 في المئة إلى 94.411، مقترباً من أدنى مستوياته في شهرين البالغ 94.077 والذي لامسه الأسبوع الماضي. وهبط الدولار لفترة وجيزة دون 100 ين في التعاملات المبكرة، قبل أن يتعافى إلى 100.165 ين، مسجلاً انخفاضاً نسبته 0.2 في المئة. وكان الدولار النيوزيلندي صاحب أكبر تحرك بين عملات الدول المتقدمة، إذ ارتفع 1 في المئة إلى 0.7340 دولار، بعدما أعلن محافظ مجلس الاحتياط النيوزيلندي غريم ويلر أنه لا يرى ضرورة للتعاقب السريع لخفوضات أسعار الفائدة. وزاد اليورو 0.1 في المئة إلى 1.1332 دولار، مقترباً من أعلى مستوياته في شهرين الذي سجله الأسبوع الماضي عند 1.1366 دولار. وارتفع سعر الذهب 0.1 في المئة إلى 1339.86 دولار، بعدما بلغ أدنى مستوياته في أسبوعين عند 1331.35 دولار للأونصة في الجلسة السابقة، في حين استقر سعره في العقود الأميركية الآجلة عند 1343 دولاراً. وارتفع سعر الفضة 0.9 في المئة إلى 19.04 دولار، بعدما انخفض أكثر من 2 في المئة إلى أدنى مستوياته في أكثر من 7 أسابيع أول من أمس، كما صعد البلاتين 0.7 في المئة إلى 1104.40 دولار، والبلاديوم 0.6 في المئة إلى 694.15 دولار.
مشاركة :