أعلن البنك المركزي التركي خفضا جديدا على أسعار الفائدة للشهر السادس على التوالي أمس الثلاثاء وسط ارتفاع مؤشرات ثقة المستهلكين في الاقتصاد التركي بشكل كبير عقب محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد منتصف يوليو (تموز) الماضي. وبلغ حجم التخفيض على فائدة الإقراض لليلة واحدة 25 نقطة أساس رغم ارتفاع مستويات التضخم ومخاطر التعرض لاحتمال خفض التصنيف الائتماني. وخفض البنك المركزي معدل الفائدة الأعلى بين أسعار الفائدة المتعددة التي يستخدمها لتحديد سياسته النقدية إلى 8.5 في المائة. وأبقى على سعر إعادة الشراء (ريبو) لأجل أسبوع - وهو سعر الفائدة الرئيسي - دون تغيير عند 7.5 في المائة. وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان دعا مرارا إلى خفض تكلفة الائتمان، إذ يسعى إلى تحقيق نمو أقوى يقوده الاستهلاك. وأكد إردوغان للبنوك التجارية عقب محاولة الانقلاب أنه ينبغي عليها ألا تتبنى أسعار فائدة مرتفعة ووعد باتخاذ إجراء ضد من «يسلكون الطريق الخطأ». في الوقت نفسه، أعلنت هيئة الإحصاء التركية أمس عن ارتفاع كبير في مؤشر المستهلكين في الاقتصاد التركي بلغ 11.1 في المائة خلال أغسطس (آب) الحالي مقارنة بالشهر الماضي. وذكرت الهيئة في بيان لها أن المؤشر سجل خلال أغسطس 74.44 نقطة مقابل 67.03 نقطة في يوليو الماضي. وسجل المؤشر أدنى مستوى في 6 سنوات ليهبط إلى 58.52 نقطة في سبتمبر (أيلول) الماضي، ولكن منذ ذلك الحين تعافى إلى حد ما، حتى بعد محاولة الانقلاب الفاشلة. وزاد مؤشر توقعات الوضع المالي للحالة المعيشية أيضا بنسبة 6.6 في المائة مقارنة بالشهر السابق، لتصبح 94.19 نقطة في أغسطس. ويتوقع المزيد من المستهلكين أيضًا انخفاضا في معدلات البطالة مما سيجعلهم أقل تشاؤما حيال آفاق مدخراتهم. كانت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني خفضت من توقعاتها لتصنيف تركيا الائتماني الجمعة الماضي مبدية مخاوف حيال الغموض الذي يخيم على الوضع السياسي بعد محاولة الانقلاب الفاشلة. وقالت «فيتش» في بيان إن التوقعات لتصنيف الدَين التركي المحدد حاليًا بدرجة BBB - خفضت من مستقر إلى سلبي، ما يشير إلى احتمال خفض التصنيف في الأشهر المقبلة. وأوضحت أن «الغموض السياسي سينعكس على أداء الاقتصاد ويطرح أخطارًا على السياسة الاقتصادية». وبمعزل عن محاولة الانقلاب، رأت الوكالة أن الظروف الأمنية تراجعت مع الهجمات الأخيرة التي وقعت في تركيا وتسببت بسقوط الكثير من الضحايا. كما حذرت من أن تسريح الكثير من كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين في أعقاب محاولة الانقلاب في 15 يوليو قد يطرح مشكلات في الحفاظ على الأمن. وأشارت الوكالة إلى أن قطاع السياحة الذي يشكل 3 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي ويؤمن لتركيا 13 في المائة من عائداتها الخارجية، بات يعاني من الوضع المتأزم. متوقعة أن تشهد تركيا تباطؤًا في النمو الاقتصادي بسبب انخفاض الاستثمارات. ولفتت الوكالة إلى تراجع إمكانية تنفيذ إصلاحات بنيوية كبرى كان يمكن أن تبدل نمط النمو الاقتصادي التركي. كما توقعت أن يواجه البنك المركزي التركي ضغوطًا سياسية في شأن سياسته النقدية. وسيرتفع الدَين الخارجي وفقًا لتوقعات «فيتش»، من 35 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي في نهاية عام 2015. إلى 39.3 في المائة في نهاية 2018. واعتبر نائب رئيس الوزراء التركي للشؤون الاقتصادية أن تغيير «فيتش» تصنيفها الائتماني لتركيا إلى درجة سلبي بالنظر إلى ما مرت به تركيا في الآونة الأخيرة أمر لا يثير الدهشة كثيرا، لكن الإبقاء على التصنيف «استثنائي»، ويشير إلى أن الدعائم الأساسية لتركيا قوية. وأوضح شيمشك أن مخاطر تراجع النمو زادت بعد الأحداث في الربع الثالث من العام عندما جرت محاولة الانقلاب الفاشلة، مضيفا أنه يعتقد أن مراجعات ستجرى للبرنامج متوسط الأجل للحكومة في نهاية سبتمبر أو أوائل أكتوبر (تشرين الأول) القادمين. وكان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم سعى إلى تبديد المخاوف على الاقتصاد التركي بعد الانقلاب لافتا إلى أن تركيا دخلها منذ 15 يوليو مليار دولار وهو حجم أكبر من الأموال التي خرجت منها. في سياق مواز، منعت السلطات التركية في مدينة أضنة (جنوب البلاد) 25 رجل أعمال من بينهم الدكتور عظيم أوزتورك، وهو رئيس بلدية سابق تابع لحزب العدالة والتنمية الحاكم، من السفر، كما صادرت أموال وممتلكات بعض رجال الأعمال الذين يعمل أغلبهم في مجال الإنشاءات في المدينة، وتضمنت القائمة خبير العقارات أحمد دوروك.
مشاركة :