في تحرك غير مسبوق دعمته واشنطن براً وجواً وتحفظت عنه موسكو، أطلق الجيش التركي وفصائل المعارضة السورية المعتدلة أمس عملية واسعة النطاق داخل سورية أُطلق عليها اسم «درع الفرات» ظاهرها طرد تنظيم «داعش» من مدينة جرابلس الحدودية وباطنها قطع الطريق أمام تمدد نفوذ الأكراد الآخذ في الاتساع برعاية أميركية. وبعد عدة ساعات من بدء العملية، توجهت الدبابات التركية مصحوبة بأرتال من الآليات تقل نحو 1500 مقاتل من فصائل الجيش الحر مباشرة إلى جرابلس، التي يبلغ عدد سكانها 30 ألف نسمة بينهم الكثير من التركمان السوريين، وتشكل آخر نقطة عبور يسيطر عليها «داعش» على الحدود التركية. وقبل بلوغها وسط المدينة الاسترتيجية تحت غطاء من طائرات «إف - 16» تركية وأميركية، اجتاحت الفصائل 5 قرى وسيطرت على معظمها دون قتال، ومع نهاية النهار، أعلنت السيطرة التامة على المدينة وانسحاب «داعش» إلى مدينة الباب آخر معاقله في حلب. وقال القيادي في «فرقة السلطان مراد» أحمد عثمان: «باتت جرابلس كلها محررة»، وهو ما أكده أيضاً المكتب الإعلامي لـ«حركة نور الدين زنكي»، مشيراً إلى «انسحاب التنظيم إلى مدينة الباب». وفي تعليقه على هذه العملية، أكد الرئيس رجب طيب إردوغان أن «درع الفرات» تستهدف «داعش وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الإرهابيين»، مشيراً إلى أن «تركيا مصممة على الحفاظ على وحدة سورية، وستتولى الأمر بنفسها عند اللزوم». وقدمت الولايات المتحدة دعمها لهذه العملية في شكل تبادل معلومات ومراقبة واستطلاع ومشاركة مستشارين عسكريين في خلية التخطيط للهجوم التركي، بحسب مسؤول كبير رافق نائب الرئيس جو بايدن خلال زيارته لأنقرة، مؤكداً أن هناك دعماً جوياً إذ لزم الأمر. وقال المسؤول، الذي رفض الكشف عن اسمه، إن الولايات المتحدة أمرت قوات سورية الديمقراطية الكردية التي تدعمها، بعدم التقدم في اتجاه الشمال، مشيراً إلى أن سيطرة المعارضة على جرابلس تسمح بإنشاء «منطقة عازلة تمكنها من صد أي تقدم للأكراد». وبينما لاقى التحرك التركي دعماً من باريس و«احتراماً» غير متوقع من ألمانيا، التي رأت أن نقل المعركة ضد الأكراد إلى سورية وانخراط أنقرة في حرب «داعش» يتوافق مع أهداف التحالف الدولي ونواياه، أعربت روسيا عن «قلقها العميق»، مشيرة إلى أنها تخشى احتمال تفاقم التوتر بين أنقرة والميليشيات الكردية. وأكد ائتلاف المعارضة السورية دعمه للعملية ورحب بالدعم، الذي تقدمه تركيا والتحالف الدولي للعملية، مشيراً إلى أن «الوجود العسكري للتحالف مؤقت ومحدود لأهداف المساندة اللوجستية والدعم، وأن مقاتلي الجيش الحر هم الذين يتولون العمليات الميدانية». واعتبر نظام الرئيس بشار الأسد، الذي عجّل تسليمه الحسكة بمقراتها الأمنية والإدارية إلى الأكراد، التدخل التركي «خرقاً سافراً لسيادة سورية». ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» عن مصدر في وزارة الخارجية السورية قوله: «محاربة الإرهاب على الأراضي السورية من أي طرف كان يجب أن تتم من خلال التنسيق مع الحكومة والجيش العربي السوري،»، مبيناً أن «محاربة الإرهاب ليست في طرد داعش وإحلال تنظيمات إرهابية مكانها مدعومة مباشرة من تركيا».
مشاركة :