عواصم - وكالات - بعد قصف استمر أياماً، أطلقت تركيا أمس، عملية «درع الفرات» ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في جرابلس شمال حلب، آخر موقع للتنظيم المتطرف على الحدود السورية - التركية، وتمكّن مقاتلون من «الجيش السوري الحر»، بدعم تركي شمل الدبابات والقصف المدفعي والغطاء الجوي، من السيطرة على المدينة بالكامل، وقتل العشرات من مسلّحي التنظيم الذين فروا جنوباً نحو مدينة الباب. وقال القيادي في «فرقة السلطان مراد» أحمد عثمان: «باتت جرابلس محررة بالكامل»، مشيرا الى «انسحاب تنظيم الدولة الاسلامية الى مدينة الباب» التي باتت معقله الاخير في حلب.وأعلنت رئاسة الوزراء التركية في بيان: «قواتنا المسلحة بدأت عملية عسكرية لحماية أرواح وممتلكات أفراد الشعب التركي ولوقف الانتهاكات الحدودية الذي تعرض له قضاء كركميش الحدودي في ولاية غازي عنتاب جنوب شرقي تركيا».وتابعت: «بدأت القوات المسلحة التركية في الرابعة صباحاً (الواحدة صباح أمس بتوقيت غرينتش) قصفا مدفعيا ضد أهداف لتنظيم داعش، تم تحديدها مسبقاً، وأسفر القصف عن تدمير 81 هدفا في جرابلس ومحيطها، بعدما وجهت المدفعية التركية المتمركزة على الحدود 294 ضربة، كما قصفت طائرات إف 16، تابعة لسلاح الجو التركي، 12 هدفا في جرابلس». وافادت شبكة «إن تي في» التلفزيونية التركية، نقلا عن مصادر أمنية، أن العملية التي حملت اسم «درع الفرات» تتم بقيادة رئيس هيئة الأركان خلوصي أكار، من مركز العمليات في مقر قيادة القوات المسلحة التركية.وذكرت وكالة انباء «أناضول» في وقت سابق على دخول «الحر» جرابلس» بأنه «عقب قصف مدفعي كثيف وغارات لمقاتلات تركية، توغّل مقاتلون من الجيش السوري الحر نحو 3 كيلومترات في الأراضي السورية، برفقة دبابات تركية، وسيطروا على أربع قرى شمال سورية وقتلوا 46 من داعش». من ناحيته، قال القيادي في «فرقة السلطان مراد» التابعة لـ «الجيش الحر» أحمد عثمان: «بدأت الاعمال العسكرية بتمهيد من المدفعية التركية لتغطية العمل في منطقة جرابلس، وبعد ساعات توغلت قواتنا من محور الشمالي والمحور الغربي للدخول إلى بلدة جرابلس التي تبعد عن قواتنا نحو كيلومتر». من جانبه، ذكر رئيس المجلس المحلي لجرابلس محمود العلي إن «قوات تنتمي إلى فيلق الشام والجبهة الشامية وفرقة السلطان مراد والفرقة 13 ولواء صقور الجبل، عبرت الحدود التركية - السورية، بعد ردم الخندق الذي حفره داعش على الشريط الحدودي»، لافتاً إلى أن «داعش أخرج المئات من عائلات مقاتليه منذ أيام باتجاه مدينة الباب». في السياق نفسه، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن العملية التركية في سورية تهدف إلى «إنهاء» المشاكل على الحدود التركية وتستهدف التنظيم المتطرف والمقاتلين الاكراد. وفي كلمة ألقاها في العاصمة أنقرة، قال اردوغان: «منذ الساعة الرابعة فجرا (1.00 بتوقيت غرينتش) أطلقت قواتنا عملية ضد مجموعتي داعش وحزب الاتحاد الديموقراطي (الكردي) الارهابيتين بهدف وضع حد للهجمات المتكررة التي تستهدف تركيا من داخل الأراضي السورية». واضاف انه «لا يمكن حل الأزمة السورية من دون الرجوع إلى أنقرة،وسنستخدم كل إمكانياتنا لحماية وحدة الأراضي السورية بما في ذلك تولي الأمر في شكل فعلي في حال الضرورة». وجاء الإعلان عن العملية أمس، مع وصول نائب الرئيس الاميركي جو بايدن إلى أنقرة، حيث التقى رئيس الوزراء بنيلي يلديريم ثم أردوغان، وأجرى محادثات تتناول بصورة خاصة الملف السوري. وأعلن يلدريم، خلال مؤتمر صحافي بعد اجتماع مع بايدن، أن «على الولايات المتحدة إعادة النظر في دعمها لوحدات حماية الشعب الكردية للحيلولة دون زيادة الخطر»، مضيفا أن «واشنطن وافقت على أنه لا ينبغي لهم التحرك إلى غرب نهر الفرات». وتابع أن «تركيا والولايات المتحدة ينبغي ألا تسمحا لأي أحداث بأن تضر بعلاقتهما»، لكنه أضاف أنه يتوقع أن تبدأ العملية القانونية لتسليم رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن، من دون تأخير. وتتهم أنقرة غولن بتدبير محاولة انقلاب في 15 يوليو الماضي. بدوره، أكد بايدن أن واشنطن أبلغت المقاتلين الاكراد في سورية بعدم العبور الى غرب الفرات. وقال، إن بلاده أوضحت للقوات الكردية السورية إن عليها العودة إلى شرق نهر الفرات بعد السيطرة على مدينة منبج السورية حتى تحافظ على الدعم الأميركي. وعن غولن، قال إن «الولايات المتحدة تتعاون مع تركيا في تقييم الأدلة» ضد غولن، لكنه شدد على ضرورة الوفاء بالمعايير القانونية. أضاف أن «لولايات المتحدة ستواصل التعاون طالما استمرت تركيا في تقديم معلومات إضافية بشأن غولن»، لافتاً إلى عدم وجود مصلحة لبلاده «في حماية أي شخص ألحق ضررا بحليف» وأن «واشنطن قدمت دعما قويا لتركيا في أعقاب الانقلاب الفاشل». على صعيد متصل، أوضح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن العملية العسكرية مستمرة وفقا لمخطط بلاده.وفي مؤتمر صحافي في أنقرة، قال إن «سكان جرابلس سيعودون إلى مدينتهم، ولن نسمح بطرد السوريين منها، وسنعيد كل المهجَّرين»، مؤكدا أن «سياسية حزب الاتحاد الديموقراطي (الكردي) واضحة، وهي تهجير المواطنين من أرضهم، واحتلالها، ونحن نؤكد أننا لن نسمح بذلك».في المقابل، نددت دمشق بعبور دبابات تركية الى اراضيها، معتبرة ذلك «خرقا سافرا»، وفق ما اعلن مسؤول في وزارة الخارجية السورية.كما أفادت وزارة الخارجية الروسية بأن موسكو منزعجة بشدة من تصاعد التوتر على الحدود التركية - السورية.
مشاركة :