مبتدعة البوركيني اللبنانية الأصل «تشكر» فرنسا على ترويجه

  • 8/25/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

منع البوركيني ... قرار أخرق أم حقّ مشروع؟ سؤال لا يزال يبحث عن جواب منذ أن بدأت فرنسا حربها الشعواء ضدّ البوركيني، تارة بحجة العلمانية والحماية الأمنية، وطوراً بحجة المساواة الجندرية. بلدة تلو أخرى، أخذت رقعة المنع تتسّع صوناً لمبادئ الجمهورية. لكنّ القرار الذي ألهب صيف أوروبا لم يتجاوز حدود السواحل الفرنسية و«شطآنها»، غير أنّه أوقد سجالاً عميقاً غزا الصحف العالمية ومواقع التواصل الإجتماعي. بعضهم يرى المسألة من وجهة نظر نسوية، فأيّد فكرة المنع حرصاً على حرية المرأة ومساواتها مع الرجل، بينما دحض آخرون القرار باعتباره تدخلاً مشيناً في حقّ المرأة في أن ترتدي ما تريد. «البوركيني تحمل جزءاً من كلمة برقع، وهو اللباس الذي انتشر في زمن طالبان في أفغانستان وغدا رمزاً للتعصب والرجعية والسلطة»، يقول موالون لقرار المنع. بينما يرى مناهضون له أنّ البوركيني «لا يُكرّس القيم المتطرّفة. بل يسمح للمرأة أن تتشارك متعة السباحة مع الآخرين، نساءً ورجالاً، ما يُعاكس فكر المتطرّفين ممن يرفضون الاختلاط في شكل جذري». وبين هذا وذاك، نجد أنّ جسد المرأة، مخفياً ببرقعٍ أو مكشوفاً بالبيكيني، لا يزال ساحة صراع للخطابات المتناقضة. وكم أصابت الأسترالية من أصل لبناني عاهدة الزناتي حين اختارت «بوركيني» اسماً لتصميمها المبتكر الذي اصبح عالمياً، وقد اشتقته من كلمتين متضادتين برقع وبيكيني، في وقت يعيش العالم ممزقاً بين تيارين ليبرالي علماني حرّ وراديكالي رجعي تكفيري. فحمل الاسم أبعاداً لم تقصدها مخترعته، فبدا كأنّه اختصار لعلّة هذا العصر المتأرجح بين قيم متضادة إلى حدّ التطرّف. ولكن، ما القصة الحقيقية وراء البوركيني؟ ما الذي أرادته المصممة الطرابلسية الأصل من وراء هذا اللباس حين أطلقته عام 2004؟ هل كانت تتوقّع أن يُثير تصميمها كلّ هذه الضجة؟ كيف واجهت قرار المنع؟ هل أثّر في مبيعاتها؟ أسئلة كثيرة تبادرت إلى الأذهان بعدما شنّت فرنسا «المتوترة جداً»، بُعيد هجمات إرهابية بشعة تعرضت لها خلال السنــتيــن الـمـاضــيتــين، فسارعت الصحف الفرنسية والعالمية إلى الاتصال بصاحبة «البوركيني»، التي تعيش في الجانب الآخر من الكرة الأرضية (أستراليا) مع زوجها اليوناني وأبنائها الأربعة ومؤسستها «عاهدة» التي يعمل فيها عشرات الــموظــفين تلبــية لــحاجة السوق مزيد من البوركيــني و«الحــجاهود»، وهو لباس رياضة محتشم اشتقت تسميته من كلمتي «حجاب» و»هود». وما قالته عاهدة الزناتي في صحف عالمية يؤكّد أنّها ترى المعركة ضدّ تصميمها كأنها معركة دونكيشوتية، تقودها فرنسا ضد طواحين هواء، تعتقدهم أحياناً «دواعش» وأحياناً أخرى دخلاء. وهي تقول في هذا السياق: «أنا متفاجئة جداً من هذا الجدل العبثي حول البوركيني. كلّ إنسان حرّ بأن يُعبّر عن شخصيته بالأسلوب الذي يريد، ما دام لا يؤذي أحداً. ثمة من يُفضّل ثقافة العري، وهناك من يختار ثقافة الاحتشام من دون أن يعني ذلك انعزاله عن العالم. البوركيني هو الحلّ لمثل هؤلاء. إنه مايوه شرعي للمسلمات غير أنه لا يتنافى مع الثقافة الغربية. يسمح بالاختلاط، السباحة، الاستمتاع بالبحر، الشعور بالحرية». لا تفهم الزناتي سبب الحملة ضدّ لباس يُمكن أن يُخرج المرأة من عزلتها ويضعها تحت الشمس والضوء. وهي حين اختارت أن تصمّم هذا المايوه فإنما كان تلبية لرغتبها هي ومحجبات أخريات يعشن في دول غربية، في مزاولة الرياضة المائية من دون أن يعيقهن حجابهن في ذلك. لذا فإنها تنفي الأبعاد السياسية والسلفية التي أُلصقت بالبوركيني. «على العكس من ذلك، البوركيني يحقٌّق معادلة بين أن تكون المرأة مسلمة وفي الوقت ذاته غربية». وتُضيف: «حرية، مرونة، ثقة... هذه الصفات الثلاث تختزل التصميم الذي أطلقته عام 2004 قبل أن يتحوّل إلى لباس بحري تطلبه نساء من العالم كلّه». وتؤكّد الزناتي أنّ البوركيني لا يخصّ المرأة المسلمة وحدها، وإن كانت اخترعته لها في الأساس. «40 في المئة من نساء غير مسلمات يرتدين أيضاً البوركيني لأسباب مختلفة. ثمة مسيحيات ويهوديات وبوذيات يرتدين البوركيني لعدم رغبتهن في تعريض أجسادهن لأشعة الشمس المباشرة». وترى أنّ المكان العام ملك الجميع، ومن حقّ كلّ منّا أن يستمتع به بالطريقة التي تحلو له. وأردفت: «من لم يجد مكاناً كي يرتدي البوركيني في فرنسا يمكنه أن يقصد أستراليا. سيكون مُرحّباً به كيفما كان، مسلماً يهودياً بوذياً مسيحياً. هنا لا نفرّق بين شخص وآخر». وتلمّح هنا إلى «عنصرية» فرنسا التي لا تتقبّل الآخر، في وقت تُقدّم نفسها كدولة أوروبية علمانية منفتحة. «البوركيني هو مايوه، لا أكثر ولا أقلّ». تقول مصممته. لن تؤثّر هذه الضجة على نسبة مبيعاته. فبعدما بيعت منه 700 ألف قطعة بين العامين 2007 و2016، زادت خلال الفترة الأخيرة مبيعاته بنسبة 40 في المئة. «شكراً فرنسا»، تختم الزناتي حديثها.

مشاركة :