بقلم : عبدالله صادق دحلان التعليم الجامعي في المملكة العربية السعودية ليس حكرا على الجامعات السعودية، والدليل على ذلك توجه الدولة في إرسال البعثات إلى جامعات العالم المتميزة بما فيها بعض الجامعات العربية. ثم إن قرار الدولة السماح للقطاع الأهلي بالمساهمة في التعليم الجامعي عن طريق إنشاء الجامعات والكليات الأهلية المتخصصة تحت إشراف وزارة التعليم العالي، ومن خلال ضوابط هيئة الاعتماد الأكاديمي الوطنية يعدّ قرارا صائبا وموفقا، يفتح باب المنافسة العلمية ويساهم في تطوير التعليم الجامعي من حيث النوع والجودة والأساليب الحديثة في تقديم الرسالة التعليمية. والحقيقة أنها تجربة ناجحة إلى حد كبير بفضل الله ثم بفضل جهود وزارة التعليم العالي في مراقبة ومتابعة الجودة التعليمية في الجامعات والكليات الأهلية. وبناء على نجاح هذه التجربة آمل أن يفتح الباب لدخول جامعات دولية عريقة إلى سوق المملكة، وإن كنت أعتقد أنه لا يوجد ما يمنع الدخول في اتفاقيات تعاون مشترك بين الجامعات السعودية الأهلية والحكومية والجامعات الدولية، ولا أعتقد أن ثمة ما يمنع من دخول الجامعات الأجنبية للمملكة وممارسة نشاطها مباشرة وباسمها فيها. ولكن القضية ليست في أن يسمح أو لا يسمح بل في اقتصاديات تشغيل هذه الجامعات. أولا، لأن تكلفة تشغيلها عالية جدا. وثانيا، ستمنع البيروقراطية الإدارية والضوابط التنظيمية هذه الجامعات من دخول المملكة؛ فعلى سبيل المثال هناك شروط الاعتماد الأكاديمي، وشروط الحصول على التراخيص الرسمية التي ترتبط بتوافر مساحات أراضٍ ضخمة لكل كلية ومبانٍ تعدّ مكلفة جدا بالنسبة لمشروع تعليمي اقتصادي، وشروط الاستثمار الأجنبي، بالإضافة إلى الضرائب على استثمار رأس المال الأجنبي. ثم أضف إلى ما ذكرناه شروط التشغيل والإدارة فعلى سبيل المثال تشترط الأنظمة ضرورة أن يكون رئيس الجامعة وعمداء الكليات ووكلاء الكليات من السعوديين، ويشترط النظام أن يكون 70 في المائة من أعضاء هيئة التدريس على نظام العمل الدائم وليس المؤقت. كذلك يشترط النظام لاستقدام أعضاء هيئة التدريس موازنة السعودة مع الدكاترة الأجانب في ظل القصور الكبير في حملة درجة الدكتوراه من السعوديين، ومعاملة الجامعات وأعضاء هيئة التدريس أسوة بالعمالة في المؤسسات وليس لهم استثناء لندرة أعضاء هيئة التدريس. وهذه الحقيقة على أرض الواقع ولا تعتمد على تصريحات المسؤولين المعنيين. وللحصول على تأشيرات زيارة لدكاترة زائرين لإلقاء محاضرات هناك شروط وإجراءات بيروقراطية تصل إلى شهور أحيانا. بناء عليه، لا أعتقد أن أي جامعة دولية محترمة ولها سمعتها الدولية والأكاديمية يمكن أن تقبل أن تواجه هذه المعوقات. ومن حيث اقتصاديات التشغيل فإن الجامعات الأجنبية لن تقبل بأن تتدخل الدولة في تحديد أقساطها وأسعار تكلفتها وأجور خدماتها؛ فالجامعات في الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى لا تقبل من أي دولة، مهما بلغ عدد طلبتها ممن يدرسون فيها، أن تتدخل في تحديد الأقساط لقيمة الدراسة لديها في جميع المراحل، وعلى الدول أن تقبل أو ترسل طلبتها إلى جامعات أخرى. ولهذا فإنني أقترح إما أن يكون لهذه الجامعات الدولية استثناءات خاصة، أسوة بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا فتمنح إعفاءات ضريبية لأن التعليم ليس تجارة وهو خدمة لتطوير المعرفة لدى الشعوب. أو أمامنا الحل الثاني وهو إبرام اتفاقيات تعاون وإشراف وتبادل المعرفة بين كبريات الجامعات العالمية وبعض الجامعات السعودية، علما بأن بعض الجامعات والكليات العالمية تنظر إلى هذا الموضوع من وجهة نظر اقتصادية، أي ما هو المردود الاقتصادي لها. ولهذا رأينا في بعض عروض الجامعات الدولية مبالغ خيالية مقابل منح اسم الجامعة فقط أو كتابة اسم الجامعة مع الجامعة السعودية. وهكذا، مع أنني لست ضد الجامعات والكليات العالمية في المملكة فإنني أود أن أشيد ببعض الجامعات السعودية الحكومية التي بدأت تأخذ موقعها الحقيقي على خريطة الجامعات العالمية والإقليمية، وكذلك الجامعات الخاصة الناشئة التي أثبتت أنها قادرة على تقديم تعليم جامعي متميز ومنافس للجامعات الدولية، وكذا في مستوى اللغة الإنجليزية. وهنا، مع توجيهي التحية لوزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري الذي استطاع أن يقود التعليم الجامعي الخاص ليصل إلى هذا المستوى، أود القول إنه لو حصلت الجامعات السعودية الخاصة على مزيد من الدعم والمساندة فستتبوأ مراكز متقدمة دوليا. نقلا عن الشرق الاوسط
مشاركة :