د. صالح سليمان العامر حصاد تجربة 4 سنوات في العمل البلدي المتعلق بالمزارع والمنتجات الزراعية وتحليل الخضار والفواكه قبل عرضها في الأسواق والصالات الصحية، تخللتها دراسات مسحية ولقاءات مع المزارعين وزيارات للمزارع عند الحاجة، توصلت فيها أن العملية الزراعية تحتاج إلى عمل وتنظيم، وكما يقال السلوك الحسن أوله كلام. فأقول تبدأ العملية الزراعية بزراعة المنتجات في المزارع ثم نقلها إلى الأسواق الخاصة بها وبمعاونة الدلالين يتم بيعها ومن ثم تجزئتها ليتم بيعها على المستهلكين، إضافة إلى دور بعض الجمعيات التعاونية، إلا أن الأمر يحتاج إلى جهود كبرى ومشاركة من قبل القطاع الحكومي ذي العلاقة والقطاع الخاص والجمعيات التعاونية والمزارعين أنفسهم وإليهم أكتب جميعا. وكما يقول الفقهاء لابد أولا من تحرير محل النزاع، وهنا يمكن أن يقال بتحديد الفراغ والفجوة بين المنتج والمستهلك وهي حاجة العملية الزراعية إلى نقطة مهمة جدا وهي التسويق خصوصا التوزيع، وأي نشاط تسويقي لا يتحقق فيه النجاح إلا من الانطلاق من نقطة البداية وهي تلبية حاجات ورغبات المستهلكين مع الأخذ في الاعتبار بمبدأين مهمين، أحدهما الارتباط بين النشاط التسويقي والعملية الإدارية، وذلك بتطبيق المفاهيم الإدارية الحديثة على التسويق. والثاني أن الوظيفة التسويقية تقوم على دراسة حاجات المستهلك ورغباته، واستمرار عمليتي التخطيط والتصميم للمنتجات ومراجعة التسعير والترويج والتوزيع، لأن الذوق الإنساني يتطور ويتغير. وأرغب هنا أن أؤكد على المفهوم الاجتماعي الذي يطالب بإعداد برامج تسويقية، تهدف إلى إشباع رغبات المستهلكين وحاجاتهم مع التركيز على الآثار والنتائج الاجتماعية لها، خاصة بعد ظهور التلوث بالمواد الكيميائية وأدوات التغليف. إذاً لابد أن يرتكز التسويق على ثلاثة مسارات 1. احتياجات ورغبات المستهلكين 2. احتياجات المنشأة في تحقيق الربح 3. احتياجات المجتمع وعدم الإضرار به. إن التسويق أو التوزيع بحسبانه نقل المنتجات من مصادر إنتاجها إلى حيث يوجد المستخدمون أو المستهلكون لها كما يوعز الفكر التسويقي هذا العمل إلى شركات يطلق عليها بمنافذ التوزيع ودورها في ديناميكية عمل قنوات التوزيع. قدماء علماء الاقتصاد كانوا يعتقدون أن التسويق عملية مضرة (محرقة الأموال) ومتطفلة على الإنتاج، كما أن المسوقين لا يضيفون إلى المنتج أي منافع باعتبار أن عملهم يقتصر على تداول المنتج بشكله الأساسي، كما يرونه يزيد في الأسعار والخدمات على الرغم من تسهيل مهمة المستهلكين، إلا أن العلم الحديث أبان أن التسويق له وظائف وفوائد كثيرة ومتعددة: 1. تجزئة كميات السلع إلى كميات أصغر، كما يقوم تاجر الجملة بشراء كميات كبيرة ويبيعها مجزأة. 2. تجميع عديد من السلع والخدمات المتشابهة والمتنافسة والبديلة في مكان وزمان واحد 3. تقليل حجم المعاملات مثل عمليات التجهيز والتغليف و النقل والتخزين. 4. الاتصال وجمع المعلومات. 5. تقديم الخدمات لتجار التجزئة والمستهلكين. 6. الوظائف التسهيلية (التمويل والائتمان وتحمل المخاطرة وظيفة التسعير والترويج). 7. إن الشركات الموزعة تربط بين المزارع المنتجة وأسواقها وسد الفجوات بين الزمان والمكان. 8. إن التسويق أحد عناصر المزيج التسويقي ولديه ارتباط كبير ببقية العناصر (المنتج والسعر والترويج). 9. ضمان استراتيجية التوزيع على ثلاثة محاور (منافذ البيع، التوزيع المادي، التسهيلات التجارية). 10. الوصول للمستهلك بأقل تكلفة وأكثر كفاءة. وفي الدول المتقدمة تقوم شركات ومؤسسات التسويق المختصة بالدور الرئيس في إنجاز هذه الوظائف، حيث تقوم بدور التسويق الكامل للمنتجات الزراعية ويكون دور المزارع مقتصرا على الإنتاج فقط، كما أنه في المشاريع والمزارع الكبيرة يتم إنشاء إدارات فرعية مع إدارة التسويق، مثل إدارة الدراسات التسويقية وإدارة الجودة والمواصفات وإدارة تنشيط قوى البيع وإدارة الدعاية والإعلان. تتنوع قنوات التوزيع ما بين القصيرة الممتدة بين المنتج (المزرعة) مرورا بتاجر التجزئة وانتهاء بالمستهلك، أما المتوسطة فتبدأ بالمنتج إلى تاجر الجملة ثم تاجر التجزئة وبعد ذلك المستهلك، أما ثالث القنوات التوزيعية (الطويلة) فتبدأ بالمنتج ثم الوكيل ثم تاجر الجملة ثم تاجر التجزئة وأخيرا المستهلك. وبالإجمال يمكن تقسيم منافذ التوزيع إلى ثلاثة أنواع 1.التجزئة، 2.الجملة، 3. الوكلاء. كما يمكن تقسيم الوكلاء إلى:(السماسرة، وكيل المنتج، وكيل البيع، التجار بالعمولة، أماكن البيع بالمزاد. أخيرا: الاستراتيجية المقترحة لتسويق المنتجات الزراعية هي أن تقوم الجهات المعنية من التجارة والزراعة والبلديات على تشجيع المزارعين على القيام بعملية التسويق والتوزيع، والعمل على سن أنظمة من قبل البلديات والتصريح لشركات تسويق للمنتجات الزراعية والحيوانية لكي يتم الإشراف والسيطرة على المنتجات وتنظيمها وطريقة عرضها بالأسواق عموما، مع الأخذ في الاعتبار فحصها لمعرفة مدى تلوثها بالملوثات الكيميائية. ويمكن تلخيص قنوات تسويق المنتجات الزراعية (من المنتج (المزرعة) إلى المستهلك مباشرة، من المنتج إلى الوسيط بحيث يسلم المنتج (المزرعة) منتجاته الزراعية للوسطاء ليوصلوه إلى المستهلك ويكون ذلك من خلال: 1: من المشروع أو المزرعة إلى جهاز توزيع متخصص (شركة توزيع) وفق اتفاقية بين المزرعة والشركة مقابل عمولة أو أجر ثابت حسب العقد). 2: من المشروع أو المزرعة إلى تجار الجملة في الأسواق الكبيرة الداخلية للمدينة ثم يقومون ببيعها على تجار التجزئة أو المستهلك. 3: من المزرعة أو المشروع إلى تجار التجزئة مباشرة مثل التوصيل من المشروع إلى محلات الخضار والفواكه. 4. من المزرعة إلى منتج آخر (محلات بيع الوجبات السريعة، المطاعم والمطابخ). 5. من المزرعة إلى متعهدي الإعاشة مثل الأجهزة الحكومية والمستشفيات والسجون.
مشاركة :