مع تحرير الُمكلا في 28 ابريل 2015م بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة تكشفت حقائق كبيرة حول علاقة العناصر الإرهابية بتنظيم الإخوان (المسلمين) في اليمن عموماً وفي حضرموت بشكل أكثر دقة، وإذا كان كثير من المهتمين بالشأن اليمني حاولوا غض الطرف عن دور تنظيم «الإخوان» في اليمن لاعتبارات مختلفة فإن ارتدادات مشهد ما بعد تحرير العاصمة الجنوبية عدن في 14 يوليو 2015م وإلى ما بعد تحرير المُكلا يضعنا أمام الأهداف والغايات لهذا التنظيم الذي لا يمكن اعتباره سوى جزء من أجزاء المشكلة في اليمن وليس جزء من أجزاء الحل. وفي خلفية التاريخ فإن ظهور تنظيم الإخوان (المسلمين) في اليمن بدأ مبكراً ففي العام 1929م فلقد ألقى مؤسس التنظيم حسن البنا محاضرة التقى بعدها مع السيد محمد زبارة الحسن اليمني أمير قصر السعيد في صنعاء حينذاك، وبعد أن توطدت الصداقة بينهما زار زبارة مصر واطلع على منشآت الإخوان في الإسماعيلية، وكان الإخوان في اليمن يستلهمون من التنظيم في مصر كثيرا من مناشطهم الاجتماعية والدينية، حتى حاولوا الانقلاب باغتيال الإمام يحيى بن حميد، وكانت الحادثة التاريخية مؤشرا للدرجة التي بلغها التنظيم في اليمن وارتباطه بالتنظيم في مصر، حتى أن تنظيم «الإخوان» في مصر أصدر بياناً وضحوا فيه القضية وأبعادها وعلاقتهم باليمن والإمام يحيي وابن الوزير، الذي قاد الثورة وتولى الحكم وقد حكم عليه بالإعدام بعد سيطرة أحمد بن الإمام يحيي على الحكم مرة أخرى، وبعد ذلك عاد الفضيل الورتلاني وعبد الحكيم عابدين من اليمن بعد تدخل جامعة الدول العربية. بعد ثورة 26 سبتمبر 1962م عاد محمد الزبيري إلى صنعاء مع عدد من نشطاء التنظيم وعملوا على نشر أفكار جماعة الإخوان وتأسيس العديد من المدارس الدينية والتي أسهمت في كسب أفكار الإخوان أرضية كبيرة باليمن بالإضافة إلى الدعم القبلي، وأسهمت في تأجيج الصراعات الداخلية وظهور التيارات الفكرية التي كان كل تيار منها يحاول السيطرة على دفة القيادة وإضفاء نكهته على المعطيات الجديدة للثورة اليمنية، مما أسفر عن أجواء مرتبكة سادها التوتر والحذر وسوء الظن، وشارك الإخوان في مؤتمر الجند عام 1966م لتنقية الأجواء بين الأطراف المتصارعة في اليمن عقب قيام الجمهورية، وقد حضر هذا المؤتمر المشايخ والأعيان والمسئولون وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية عبد الله السلال، وكان عبده محمد المخلافي المرشد الأول لجماعة الإخوان ممثلا للإخوان بالمؤتمر. حاولت حركة الإخوان (المسلمين) في اليمن على «أسلمت الثورة» من خلال محاربة التيارات التي وصفها عبد الملك الشيباني في كتابه (عبده محمد المخلافي شهيد القرآن) بالتيارات الإلحادية التي كانت تستهدف إنكار وجود الله تعالى وسب الدعاة إلى الله وتشويهم صورتهم وسمعتهم. واصلت جماعة الإخوان أنشطتها الدعوية والاجتماعية خلال الجمهوريتين الأولى والثانية, إلا أن وصول العقيد إبراهيم الحمدي إلى سدة الحكم في يونيو 1974م مع مشروعه التصحيحي كان فرصة ذهبية للإخوان, خاصة أن الحمدي اختارهم في البداية لينشر من خلالهم رسائله للجماهير اليمنية وليثبت دعائم دولته التي لم يجد المشائخ والقبائل مكانا لهم فيها. ولكن الأمور لم تسر كما يريد الرئيس الحمدي فقد خيب الإخوان الآمال التي عقدها عليهم الحمدي في القيام بالدور الإعلامي اللازم من خلال الإشادة بشخصه وبسياسته التي أغضبت مراكز النفوذ الاجتماعي والقبلي والمتمثلة في إلغاء مجلس الشورى وتعليق الدستور الدائم للبلاد وعزل الشخصيات الاجتماعية الكبيرة ذات النفوذ القبلي والعسكري، عجز الرئيس إبراهيم الحمدي في احتواء جماعة الإخوان (المسلمين) كما عجزت الجماعة في احتوائه, لهذا بحث عن تيار آخر فلم يجد غير الناصريين الذين وجدوا أنفسهم بين عيشة وضحاها على بوابة القصر الجمهوري. في أكتوبر 1977م لقي الرئيس الحمدي مع أخيه عبدالله مصرعهما في ظروف غامضة وقبل يوم واحد من السفر إلى عدن لترتيب أوضاع الوحدة بين شطري اليمن, وأُعلن في صنعاء عن اختيار المقدم أحمد حسين الغشمي رئيساً للبلاد لفترة لم تتجاوز التسعة الأشهر إذ لقي مصرعه في تفجير انتحاري بمكتبه في 24 يونيو 1978م. تسلم علي عبدالله صالح قائد لواء تعز مقاليد الحكم في البلاد في 17 يوليو 1978م , وكان صالح أحد الشخصيات العسكرية البارزة في محاربة المد الماركسي القادم من جنوب البلاد, لهذا فقد أنشأ الرئيس الجديد تحالفاً مع جماعة الإخوان التي كانت تسعى بدورها للتصدي للأيدلوجية الماركسية التي كانت السبب الرئيسي لإنشاء تحالف استراتيجي بين علي عبدالله صالح والإخوان استمر لما يقرب من ربع قرن ولم يسقط حتى الآن. في مطلع الثمانينيات خاض علي عبدالله صالح بالتحالف مع الإخوان المسلمين مواجهات عسكرية ضارية ضد اليمن الجنوبي، وعلى الرغم من تكبد الشمال اليمني لخسائر فادحة في كل تلك المواجهات العسكرية مع حكام عدن، وفي عام 1981 تقرر تشكيل لجنة الحوار الوطني برئاسة حسين المقدمي, وقد شكل الإخوان المسلمين 25 % من أعضاء اللجنة. وقامت اللجنة بصياغة الميثاق الوطني الذي خرج بصيغة وافق عليها الإخوان خاصة وأن القيادي البارز والسابق عبدالملك منصور كان له بصمات واضحة في الصياغة. وفيما كان علي عبدالله صالح مشغول بتثبيت حكمه وترتيب البيت اليمني الداخلي, حقق الإخوان توسعاً كبيرا في مناطق عموم شمال اليمن من خلال نشر المعاهد العلمية التي تزايد عدد المنتسبين إلى صفوفها، وترافق مع انتشارها توسع في عدد مدارس تحفيظ القرآن الكريم، وإنشاء معاهد خاصة بالفتيات. وبحلول عام 1985 أصبحت المعاهد العلمية مؤسسة تعليمية موجودة في عموم محافظات شمال اليمن. مع قيام الوحدة اليمنية عام 1990 أعلن الإخوان عن تشكيل حزب سياسي باسم التجمع اليمني للإصلاح, وفقاً لقانون الأحزاب, وما انضم إليها من فعاليات سياسية إسلاموية، وشيوخ قبائل وضباط وعسكريين. فيما كان اللواء على الأحمر وهو ابن عم صالح يمثل المؤسسة العسكرية وكان دور اللواء الأحمر بارزاً في قتال الجنوبيين عندما نشبت الحرب بين علي صالح ونائبه على سالم البيض عام 1994 وللحرب إفرازاتها فقد اصطف الإخوان المسلمون والقبائل يقاتلون بشراسة ضد الجنوبيين حتى تم فرض سياسة الأمر الواقع في 7 يوليو 1994م. يقول الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر في مذكراته : « تم تأسيس الحزب بطلب من علي عبدالله صالح، بعد الوحدة، وذلك ليكون رديفاً للمؤتمر، ويضم مجموعة الاتجاه الإسلامي، وذلك في مواجهة الحزب الاشتراكي، الذي - بعد دخوله الوحدة - سيضم إليه الأحزاب اليسارية في الشمال من ناصريين وبعثيين، وسيشكلون كتلة واحدة أمام المؤتمر، ولهذا فلا بد من وجود كتلة مقابلة شمالية «. بعد حرب اليمن في 94م استولت حركة الإخوان التي دخلت مع جحافل الجيش اليمني على كثير من المراكز الدينية وحاولت منذ دخولها على بث الأفكار المتشددة وتعزيز التطرف الديني، إلا أن واقع المدرسة الشافعية الحضرمية التي كانت تسود الجنوب السياسي فرضت أجندة مغايرة منذ انتفاضة المكلا في العام 1997م وتعززت في عام 2007م الذي انطلق فيه الحراك الجنوبي السلمي والمطالب بفك الارتباط السياسي عن الشمال اليمني. وفي انتخابات برلمان 1997 حقق حزب صالح (المؤتمر الشعبي العام) أغلبية مريحة لينفرد بالسلطة ويخرج الإصلاح إلى المعارضة ولكن بصورة خجولة، وظل الود بين الجانبين سنوات حتى إن الإصلاح سبق المؤتمر إلى إعلان صالح كمرشح له في أول انتخابات رئاسية مباشرة جرت في 1999. وشهدت السنوات العشر الأولى من الألفية الثالثة طلاقاً نهائياً بين صالح والإسلاميين. وسعى صالح إلى الاستفادة من أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة والحرب على القاعدة لتضييق الخناق على تنظيم الإخوان، غير أن الحرب التي أعلنت في 1994 لم تكن مفصولة عن البعد العقائدي (حرباً دينية) ضد قوى الجنوب السياسية والاجتماعية كذلك لذلك استخدمت في هذه الحرب كافة الأدوات بما فيها الاستعانة بالمجاهدين الأفغان العرب، ورغم ذلك فإن المنطق «البرجماتي» الذي ينتهجه تنظيم الإخوان الدولي هو أيضاً ما يتماشى مع التنظيم في اليمن لذلك لم يجد هذا التنظيم من حرج في الانضمام إلى ما أطلق عليه (اللقاء المشترك) والذي جمع خليطاً من الأحزاب اليسارية بما فيها بقايا الحزب الاشتراكي. كل هذا السرد الطويل في تاريخ تنظيم الإخوان (المسلمين) في اليمن يعطينا مؤشرا لأسباب الصدام العنيف بين الحوثيين والإخوان (المسلمين) فالمرجعية الأيدلوجية بينهما والتنافس على السيطرة الجغرافية في شمال اليمن سبب هذا التصادم العنيف بين حركتين كانت الأولى (الحوثيين) حاكمة لليمن منذ ما يزيد عن الألف عام وسقط حكمها عبر تحالف الثانية مع مختلف القوى وإن كان الإخوان لم يستطعوا حكم اليمن بشكل مباشر عبر سيطرة مطلقة لكن تحالفهم مع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح مكّنَ لهم التأثير المباشر في اليمن سياسياً واجتماعياً واستفادوا بشكل كبير من موارد اليمن المختلفة النفطية وغيرها وبسطوا نفوذهم على كثير من المساحات في أراضي الجنوب في العقدين الأخيرين. لقد شكلت حرب صيف العام 1994م بين شمال اليمن وجنوبه المنعطف الأخطر في عموم الحركة الإخوانية العالمية، فحالة التقاطع مع رأس السلطة في صنعاء تعد حالة شاذة تماماً في علاقات الحركات الإخوانية كلها مع أنظمة الحكم السياسية، وقد ذكر راشد الغنوشي ذلك بعد زيارته إلى اليمن عندما أبدى تعجبه من أن إخوان اليمن يعيشون في قصور ومنازل فخمة ويتمتعون بحياة فارهة بعكس غيرهم في البلدان الأخرى الذين كانوا يقضون حياتهم في السجون والمعتقلات. تحالفات الإخوان باليمن مع النظام الحاكم هي التي رجحت كفة صالح من غزو الجنوب، فلقد شكلت الفتاوى التكفيرية الصادرة عن علماء حزب الإصلاح اليمني قبيل حرب صيف 1994م ذريعة شرعية تم بموجبها الاستيلاء على كل شيء في ارض الجنوب، واقع «حضرموت والجنوب» يختلف في تركيبته الدينية تماماً عن شمال اليمن، فالشافعية هي المذهب الشامل، وتعد الوسطية هي السمة الطاغية نظراً لوجود مدرسة آل البيت التي عٌرف عنها التسامح وعدم التطرف في مواقفها، كما أنها مدرسة لا تتخذ أية مواقف سياسية، ولا تتخذ من علاقاتها مع أنظمة الحكم السياسية ذرائع للحصول على مكتسبات مادية أو غيرها. تعتبر السنوات التي لحقت بما يسمى ثورة التغيير (فبراير 2011م) هي الفترة الأكثر بروزاً في علاقة تنظيم القاعدة الإرهابي وحركة الإخوان (المسلمين) في اليمن، فلقد وجدت عناصر القاعدة أموالاً متدفقة من الإخوان، برغم أن العلاقة بين الطرفين كانت متناغمة خلال الفترة التي كانت بعد غزو الجنوب في 1994م، فلقد استخدم الطرفان عناصر القاعدة من أجل ابتزاز دول الإقليم، كما استخدم صالح هذه العناصر في ابتزاز الولايات الأمريكية ونجح من خلالها على الحصول على ملايين الدولارات والعديد من فرص التدريب للقوات الخاصة التابعة لنجله أحمد علي صالح، ومع تطور الأحداث السياسية تم استخدام ذراع القاعدة من كلا الطرفين الإخوان والرئيس المخلوع صالح في موجة تصفيات واسعة للكوادر العسكرية الجنوبية، فلقد ارتفعت معدلات الاغتيال منذ 2011م بشكل لافت. خلال الحرب التي شنها الحوثيون وقوات المخلوع صالح على الجنوب، لم تنفذ القاعدة أو وليدها «داعش» أي أعمال ضد الحوثيين وقوات المخلوع صالح، لكن وعقب دحر الميليشيات عن باب المندب في 14 يوليو 2015م، نفذت (القاعدة وداعش) سلسلة هجمات ضد المقاومة الجنوبية وقوات التحالف في عدن. وبدأ أول ظهور لما عرف بتنظيم داعش في اليمن عقب هجوم انتحاري استهدف قصر معاشيق ومعسكرات للقوات الحكومية في عدن، في أكتوبر 2015م استهدف دولة رئيس الوزراء خالد بحاح. في مطلع أبريل 2015م سلمت وحدات عسكرية موالية للمخلوع صالح عتادها للقاعدة في محاولة لإرباك التحالف العربي الذي تدخل لدعم شرعية الرئيس هادي. وأكدت حكومة هادي أن هذه الجماعات هي في الأصل قوات عسكرية تابعة للمخلوع صالح، وأنها فقط ارتدت لباس التنظيمات الإرهابية، في حين أكد التحالف العربي أن التدخل في اليمني هو من أجل استعادة الدولة اليمنية، كانت العملية بمثابة تطور نوعي في « البراغماتية « الإخوانية، بل يمكن تصنيف العملية التي تمت في المُكلا بأنها واحدة من أهم العمليات الإستراتيجية لتنظيم الإخوان الدولي، فمحافظ حضرموت عادل باحميد ذو التوجه الإخواني كان في - مهمة محددة - وهي أن لا تسقط المُكلا في يد أي طرف من أطراف النزاع غير أن ما حدث أن القاعدة استولت على المدينة في لحظات فقط. فيما رحبت الأوساط الشعبية في الجنوب بعملية تحرير المُكلا جاءت الصدمة من توافق الإخوان والحوثيين والرئيس المخلوع صالح في رفضهم لضرب القاعدة، فلقد أصدر القيادي البارز عبدالمجيد الزنداني بياناً يطالب فيه بحقن الدماء والتفاهم مع القاعدة في زنجبار لانسحاب آمن، فيما قال القيادي الحوثي أسامة ساري «الغارات التي ينفذها التحالف على القاعدة في جنوب اليمن مرفوضة»، في مؤشر يؤكد مسألة نهائية وأن هذه الأطراف سواء الحوثيين أو الإخوان أو القاعدة إنما يشكلون أدوات مشتركة في يد اللاعب علي عبدالله صالح. كشف علي شائف الحريري وهو شخصية قبلية اجتماعية كبيرة عن وجود علاقة وثيقة تربط الإخوان بتنظيم القاعدة، موضحاً في تصريح للاتحاد الإماراتية «أن هذه العلاقة في اليمن تعود إلى ما قبل 30 عاماً، عندما ابتعث التنظيم عناصره إلى مناطق التوتر مثل أفغانستان التي شهدت ميلاد هذا الفكر الإرهابي. وقال «عاد أولئك المقاتلون بأفكار القاعدة، أي تطورت فقط أفكارهم، وتم تنميتها، لأنهم يحملون نفس الفكر المتقارب مع القاعدة، وتم إنشاء المعاهد في اليمن التي تخرج فيها عناصر كانت فيما بعد قيادات للقاعدة، ومنها جامعة الإيمان التي كان يرأسها عبدالمجيد الزنداني». وأضاف «خاض هؤلاء الإرهابيون حرب 94 إلى جانب المخلوع صالح وإخوان اليمن ضد الجنوب، وتم تكفير الجنوب وإصدار فتوى آنذاك، وضمن قادة الأخوان لعناصر القاعدة الرتب والرواتب وأماكن الإيواء والدعم الاستخباراتي، وتم استخدامهم طوال 25 عاماً لابتزاز دول الجوار والعالم باسم مكافحة الإرهاب». وتابع «من عام 2008 إلى أواخر عام 2009 كنت أنا أحد المعتقلين السياسيين في سجن المخابرات اليمني في صنعاء، وهناك أتيحت لي الفرصة، والتقيت بعدد من معتقلي القاعدة الذين كشف لي بعضهم أنهم يستلمون مرتبات من الإصلاح اليمني، ويخرجون لتنفيذ عمليات، ثم يعودون، وكانت معاملتهم من إدارة السجن تختلف عن معاملتنا تماماً، وهناك لقاءات مسجلة إعلامية مع بعض قيادات هذا التنظيم، وقد اعترفوا بذلك أمام ملايين المشاهدين». مرة أخرى كشفت عملية تحرير المُكلا حجم العلاقة بين تنظيم الإخوان والقاعدة، ويكفي الإشارة إلى أن كثيرا من أتباع حزب الإصلاح كانوا هم الذراع السياسي للقاعدة خلال فترة سيطرتهم على المُكلا، ومن اللافت أن كل عمليات الاغتيال والاستهداف المباشر التي تتبناها القاعدة في اليمن لا تستهدف أتباع تنظيم الإخوان في مؤشر يضاف لمؤشرات التوافق بين الطرفين فلقد تعمد تنظيم الإخوان وضع ملصقاته الحزبية على إغاثة دول التحالف العربي في حضرموت وسلمتها القاعدة للسكان المحليين. تنظيم القاعدة خرج من عباءة الإخوان، والاثنان ينتميان إلى نفس الفكر المتشدد الذي أسسه كل من حسن البنا وسيد قطب، وبالتالي فهم يحملان نفس المرجعية الفكرية، هذا الانسجام الداخلي يقود دائماً الإخوان لاستخدام القاعدة كخزان احتياطي في مواجهة الخصوم، كذلك يفعل الرئيس المخلوع صالح، ويفعل غيرهما، فهذه الثعابين المتفشية في جنوب الجزيرة العربية تعيش صراعات دائمة، وتخوض حروباً لا تتوقف فيما بينها البين، والمحصلة هي أن الإخوان الذين كانوا حتى 26 مارس 2015م مازالوا في صنعاء يتحاورون مع المبعوث الأممي السابق جمال بن عمر ومع طرفي الأزمة الحوثيين والمخلوع صالح، كانوا في أزمة حقيقية مع انطلاق «عاصفة الحزم» فلم تجد دعوتهم للنفير صداها، ولم تستطع كوادرهم من تحقيق انتصارات تذكر على الأرض، وكانوا يراهنون طويلاً على قدرتهم الاحتفاظ بالمُكلا والاستفادة من مخزوناتها النفطية حتى تحررت بقرار سيادي سعودي قطع أوصال أوهام الإخوان في اليمن الواحد.
مشاركة :