في بداية الأسبوع المنصرم أخبر الرئيس الروسي نظيره المصري بنيته استضافة محادثات مباشرة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتينياهو في موسكو. هاتف بوتين نتنياهو يوم الخميس، وطبقاً للتقارير الصحفية، فقد ناقشا عملية السلام الفلسطينية-الإسرائيلية. ومع تورّط روسيا في الحرب الأهلية السورية منذ سبتمبر/أيلول الماضي، هل يمكن اعتبار بوتين صانع سلام في الشرق الأوسط؟! ولو كان جاداً - ويصعب التأكد من هذا - فعلى واشنطن أن تدعه يجرب، بحسب تقرير لشبكة الأميركية. بالنظر لعملية السلام الفلسطينية-الإسرائيلية المتعثرة، ففي الغالب سيفشل بوتين، وفي الأغلب سيريق ماء وجهه ويغضب الفلسطينيين والإسرائيليين في العملية. ننتقل إلى الأسئلة المحورية: هل بوتين جاد؟ في الأغلب بوتين يستطلع الأمر. فكان باستطاعة بوتين أن يعلن عن عرضه مباشرة. لكنه فضل استخدام السيسي المعروف بقربه من الإسرائيليين، فبهذه الخطوة أمن بوتين خروجاً لنفسه في حال رفض الفلسطينيون أو الإسرائيليون عرضه. وقد عرض السيسي استضافة مباحثات بين الجانبين في القاهرة من قبل، ولكن يبدو أن الوقت لم يحن بعد. إذا أراد بوتين متابعة العملية - دون المخاطرة بفشلها - فيمكنه دعوة نتنياهو وعباس إلى موسكو في مباحثات منفصلة ليستطلع إن كان من الممكن أن يجتمع عباس ونتنياهو معاً مباشرة. ما مصلحة بوتين من السلام؟ بوتين شغوف بالاستعراض خاصة لو تضمن الأمر إحراجاً للأميركيين، في الماضي كانت رعاية عملية السلام – أو ما تبقى منها - حكراً على الأميركيين. ويعلم بوتين الجهود المضنية التي بذلها جون كيري للإبقاء على عملية السلام. على مدار السنوات الماضية تمت مساعي السلام الفلسطيني-الإسرائيلي على مستوى دبلوماسي عال مستبعدة الروس. بدخول روسيا إلى لعبة السلام فهي تعلن ملئها الفراغ الذي خلفته إدارة أوباما بتخليها عن قيادة المنطقة. ومهما كانت نتيجة العرض الروسي لاستضافة المحاورات فبوتين يحب إحراج دبلوماسيي واشنطن. هل سيتفق عباس ونتنياهو؟ بدا واضحاً أن عباس ونتنياهو غير راضيين عن وساطة وجهود واشنطن. فلدى نتنياهو تخوفاته مما قد تقدم عليه إدارة أوباما في شهورها الأخيرة، كدفعها لقرار من الأمم المتحدة أو الضغط عليه بشكل آخر. أما عباس فهو محبط ويرى أن الأميركيين لا يضغطون على نتنياهو بشكل كافٍ. من المؤكد أن نتنياهو يتطلع للرئيس الأميركي القادم، ويتعامل مع عرض بوتين للتخلص من ضغوط إدارة أوباما المحتملة في الشهور القادمة، ولنفس السبب شجع نتنياهو السيسي على استضافة محاورات السلام في القاهرة. على نتنياهو التفكير في عواقب رعاية روسيا لعملية السلام، فلإسرائيل مصالح في سوريا ولبنان. وهل يمكن لنتنياهو الثقة بروسيا، حيث كانت وجهة النظر الروسية - فيما يخص الحدود والقدس واللاجئين - أقرب للفلسطينية منها للإسرائيلية. وماذا سيكون تأثير قبول نتنياهو للعرض الروسي على إسرائيل وأميركا فروسيا مقربة من إيران ونتنياهو على وشك التوقيع على حزمة مساعدات أمنية أميركية لمدة 10 سنوات وبقيمة تتعدى المليارات. أما من ناحية عباس فقد يظن أن الروس يشاركونه وجهة نظره حيال بعض الأمور الحيوية، ولكن يبدو أنه سيستغل عدم قبوله الحوار المباشر مع الإسرائيليين في الفترة السابقة، للطلب من روسيا الضغط على إسرائيل لتقديم ضمانات. ولابد أنه يتساءل: هل يمكن لبوتين أن ينجح فيما أخفقت فيه إدارة أوباما في السنوات الثماني الماضية؟ في الأغلب، عرض بوتين مجرد استعراض درامي لإظهار أن روسيا قادرة على الوساطة في عملية السلام. وقد يتم عقد بعض اللقاءات - الفارغة - في موسكو. ولكن أفكار بوتين محكوم عليها بالفشل. ولو أصر الرئيس الروسي فعلى واشنطن التراجع وإعطاؤه الفرصة ليجرب. فالوساطة الروسية لعملية السلام الفلسطينية - الإسرائيلية ستستهلك مجهوداً روسياً جباراً غير مشكور لأنه لن يحقق نتائج. الأزمة لا تنحصر في سوء التوقيت ولكن أيضاً في إظهار الوسيط كضعيف عاجز أمام الغضب والعداء الفلسطيني والإسرائيلي الذي سيجعل المضي قدماً في عملية السلام أمراً عسيراً. يعلم بوتين كل هذا بالتأكيد، ولذا يبدو واضحاً أنه لن يهدر مجهوده في هذا الأمر، ولكن من يدري بعد الأزمة الأوكرانية والسورية فلعله يظن أنه محظوظ. مضى أكثر من 20 عاماً على محاولاتي لدفع عملية السلام، أتمنى التوفيق لبوتين. - هذا الموضوع مترجم عن موقع شبكة CNN الإخبارية الأميركية..
مشاركة :