الأوراق الثبوتية تعرقل تعليم وعلاج الأطفال مجهولي النسب

  • 8/28/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

كشفت أسر حاضنة لأطفال مجهولي النسب أنها تواجه صعوبات في إنجاز معاملات أطفالها، المتعلقة بالحقوق التعليمية والصحية، بسبب عدم منحهم الأوراق الثبوتية. وأعربوا عن تفهمهم أن سبب التمهل في منح الأوراق الثبوتية لهذه الفئة من الأطفال، يكون خشية أن تكون هناك محاولات للاحتيال من قبل أهلهم الحقيقيين، مقترحين صدور قرار يتم بموجبه سحب الأوراق الثبوتية عن الطفل، في حال ظهور أهله البيولوجيين، والثاني أن تسقط عن أهله البيولوجيين حقهم في كفالته، بمجرد حصوله على الأوراق الثبوتية الإماراتية. فيما ذكرت هيئة تنمية المجتمع في دبي، وهي الجهة المسؤولة عن تطوير أطر التنمية المجتمعية في دبي، أن مسألة الأوراق الثبوتية أو سحبها أمر خاضع لشروط وضوابط منصوص عليها في القانون، لكن هذا لا يمنع من عرض اقتراحات الأسر الحاضنة في هذا الشأن على لجنة أهلية الأسر الحاضنة، في أول اجتماع لها بعد إعادة تشكيلها، والمقرر مطلع الشهر المقبل. طبيب نفسي: حرمان الطفل غريزة الانتماء تعزله داخلياً أكد خبير قطاع الرعاية والتنمية الاجتماعية، في هيئة تنمية المجتمع في دبي، الطبيب النفسي حسين المسيح، أن لدى الطفل والإنسان عموماً، سواء كان معلوماً أو مجهول النسب، حاجة غريزية ملحة للانتماء لأسرة ووطن، حتى يشعر بالحماية وبقيمة ذاته. وأكد أن حرمان الطفل حقوقه الأساسية، وعلى رأسها الانتماء لأسرة ومجتمع، لابد أن يتسبب له في إحساس متلازم بعزلة داخلية، نتيجة شعوره بأنه منبوذ وضعيف وغريب عن محيطه ومجتمعه، ما يؤدي إلى خلل نفسي، وعدم اتزان لديه، ويخلق لديه حالة دائمة من عدم الرضا عن ذاته. وتابع المسيح أن الطفل مجهول النسب، يمكن أن يعيش حياة طبيعية وينعم بمشاعر إيجابية، بعيداً عن أي أحساس بالنقص، أو أي خلل نفسي أو فكري، إذا تربى في كنف أسرة، توفر له كل شروط الرعاية. ولفت إلى دور الاخصائيين الاجتماعيين والنفسيين، الذين يقومون بتقييم الأسرة المقدمة لطلب الاحتضان، ويستخدمون أدوات، للكشف عن مدى صلاحية تلك الأسرة، لتحقيق الشروط التي تكفل أن يعيش الطفل في بيئة مستقرة وطبيعية. طيار قالت أم حاضنة لطفل مجهول النسب (ست سنوات)، إن معلمة الطفل سألته خلال درس اللغة العربية، ماذا يتمنى أن يعمل عندما يكبر؟ فأجاب: طيار، وحينما روى لها هذا الحوار ظنت أنه منجذب لهذه المهنة، إلا أنه أوضح أن اختار فقط هذه المهنة، لرغبته الشديدة في زيارة كل مكان في العالم. إحصائية تشير أحدث إحصاءات هيئة تنمية المجتمع في دبي إلى وصول عدد الأطفال مجهولي النسب، المسجلين لدى الهيئة، في الفترة بين عام 2014 والعام الجاري، إلى 324 طفلاً. وقالت رئيس قسم الأسر البديلة في الهيئة، بدرية الشامسي، إن عدد الطلبات التي قدمت للهيئة، من قبل الأسر الراغبة في الاحتضان وصل إلى 93 طلباً، فيما بلغ عدد الأطفال، التي تم إيجاد أسر بديلة لها في الفترة المذكورة نفسها 12 طفلاً. وأوضحت أن عملية تقييم الطلب تمر بمراحل عدة، وتستند إلى زيارات ميدانية للأسرة مقدمة الطلب، تتم خلالها دراسة وضعها بدقة، ليرفع بعدها المقيمون من الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين تقريرهم إلى لجنة أهلية الأسر الحاضنة، التي بدورها تبت في الطلب، بعد تأكدها من استيفاء الأسرة كل الشروط المطلوبة. وتفصيلاً، قال مدير عام هيئة تنمية المجتمع في دبي، خالد الكمدة، إن هناك ثلاثة عوائق، تحول دون إيجاد أسر حاضنة للأطفال مجهولي النسب، أولها: عدم وعي الأسر بوجود برامج وآليات في دولة الإمارات، تمكنهم من احتضان أطفال مجهولي النسب، وفق شروط ومعايير واضحة، والعائق الثاني تردد الأسر الإماراتية في احتضان الذكور، وتفضيلهم الإناث بسبب مسألة الحرمة الدينية حينما يصل الذكر إلى سن البلوغ، والعائق الثالث هو عدم الإقبال على احتضان الأطفال فوق عمر السنتين، نظراً للحرج الشرعي بسبب عدم انطباق شروط الرضاعة. وأضاف الكمدة، لـ«الإمارات اليوم»، أن مسألة إيجاد أسر بديلة حاضنة للأطفال مجهولي النسب، بالغة الأهمية لهيئة تنمية المجتمع وغيرها من المؤسسات المعنية، لأن تلك الفئة ليس لها أي سند أو دعم في الحياة سوى مؤسسات الرعاية في الدولة، مشيراً إلى إطلاق الهيئة برنامج «احتضان»، الذي يعنى بتنظيم عملية الاحتضان، وفق شروط وإجراءات تكفل ضمان حصول هؤلاء الأطفال على حقوقهم في توفير بيئة عائلية طبيعية تتيح لهم سبل التنشئة السوية، بما يعزز لديهم الإشباع العاطفي، ويحميهم من الأثر السلبي للحرمان من العائلة. إلى ذلك، قالت أسر حاضنة، طلبوا عدم نشر أسمائهم باستثناء المواطنة «أم سالم»، إنهم واجهوا مشكلات عقب احتضانهم أطفالاً مجهولي النسب، بسبب عدم حيازتهم الأوراق الثبوتية، التي تكفل لهم الحصول على حقوقهم التعليمية والصحية. وأكدوا ثقتهم التامة بعدالة القانون الإماراتي، موضحين أنهم يعلمون أن هناك أسباباً وجيهة، تتطلب التمهل في عدم منح أوراق ثبوتية للأطفال مجهولي النسب، خشية أن تكون هناك محاولات للاحتيال من قبل أهلهم الحقيقيين. واقترحوا أن يتم اتخاذ أحد إجراءين، لحماية المجتمع الإماراتي والحقوق القانونية لأبنائه، أولهما أن يصدر قرار يتم بموجبه سحب الأوراق الثبوتية عن الطفل في حال ظهور أهله البيولوجيين، والثاني أن تُسقط عن أهله البيولوجيين حقهم في كفالته، بمجرد حصوله على الأوراق الثبوتية الإماراتية. وقالت المواطنة «أم سالم»، وهي أم لستة أطفال (أربع إناث، وذكران، أكبرهما ابنها المحتضن سالم)، إن من الضروري أن يمنح الطفل مجهول النسب أوراقاً ثبوتية خلال فترة وجيزة، حتى يستطيع ممارسة حقوقه المكفولة بالقانون. ودعت «أم سالم»، التي احتضنت «سالم» في عمر سنة وشهرين، وأنجبت بعد ذلك ولداً آخر، إلى نشر ثقافة احتضان هذه الفئة من الأطفال، والتشجيع على تربيتهم تربية صالحة تعزز قيمتهم تجاه أنفسهم أولاً، ما يكفل لهم أن يعيشوا باستقرار نفسي، يؤهلهم لأن يكونوا أفراداً فاعلين في المجتمع. وأوضحت أن من أبرز الصعوبات التي واجهتها، هي عدم حصول «سالم»، الذي يبلغ حالياً خمس سنوات على أوراق ثبوتية، الأمر الذي يضعها في ضغط شديد كأم، لأن ذلك يحول دون حصوله على حقوقه الطبيعية، أسوة بأبنائها الآخرين. وأشارت «أم سالم»، إلى موقف تعرضت له في المستشفى، حينما تعرض «سالم» لوعكة صحية حادة، اضطرتها إلى التوجه ليلاً إلى قسم الطوارئ في أحد المستشفيات، حيث سألها الموظف المختص عن الأوراق الثبوتية والهوية، واستغرق إيضاح الوضع له مدة طويلة، في وقت كان فيه الطفل في حالة صحية سيئة. وتابعت أن كلفة ساعتين معالجة في قسم الطوارئ بلغت 1000 درهم، لافتة إلى أن أي مبلغ يهون مقابل صحة وشفاء ولدها، لكنها مقتنعة بأن الوضع الطبيعي للطفل أن يتمتع بحقوقه، ويُعالج مجاناً. وأضافت: «من الصعوبات الناتجة عن عدم حصول طفلها على أوراق ثبوتية، التأخر في تسجيله في واحدة من أفضل المدارس في الإمارة التي تقيم فيها، وعندما استخرجنا أوراقاً لتسهيل التحاقه بالتعليم، لم تكن هناك أماكن شاغرة في هذه المدرسة، وتالياً تم تسجيله في مدرسة أقل مستوى». وقالت «أم سالم»: «أمر آخر غاية في الأهمية، هو موضوع السفر إلى خارج البلاد، إذ إن طفلي محروم من السفر، وبالتبعية الأسرة بالكامل محرومة، لأن باعتباري أماً أرفض سفر أبنائي الآخرين دونه». من جهته، رأى مدير إدارة التلاحم الأسري في هيئة تنمية المجتمع، الدكتور عبدالعزيز الحمادي، أن اقتراحات الأسر الحاضنة تستحق المناقشة، ضمن الأطر القانونية المختصة، مؤكداً أن التسريع في حصول الأطفال مجهولي النسب على حقوقهم المنصوص عليها بالقانون، أحد الأسباب المهمة وراء اتخاذ قرار بإعادة تشكيل لجنة أهلية الأسر الحاضنة في إمارة دبي، المختصة بدراسة طلبات الاحتضان. واعتبر الحمادي أن «التحديات التي تواجه الأسر الحاضنة، والمؤسسات المعنية برعاية حقوق هؤلاء الأطفال أشد وأعمق بعد عملية الاحتضان»، مؤكداً أنه رغم إطلاق عدد من المبادرات والبرامج المختصة في رعاية هذه الفئة من المجتمع، إلا أنه لايزال هناك كثير من التحديات، التي تتطلب حلولاً جذرية. وأشار إلى أن مسألة الأوراق الثبوتية أو سحبها، أمر خاضع لشروط وضوابط منصوص عليها في الدستور والقانون، الذي يضطلع بمهمة تطبيقية لجان مختصة مخولة قضائياً، موضحاً أن ذلك لا يمنع من عرض اقتراحات الأسر الحاضنة في هذا الشأن على لجنة أهلية الأسر الحاضنة، في أول اجتماع لها بعد إعادة تشكيلها، والمقرر مطلع الشهر المقبل.

مشاركة :