مشاة حفاة يتحدّون «الرمضة» في صحراء دبي

  • 8/28/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أمل سرور ماذا لو ركبت آلة الزمن لتعود بك إلى الوراء أزماناً بعيدة لتسير عبر دروب التاريخ في محاولة جادة ومتفردة، تقتفي من خلالها آثار الأجداد الذين حفروا معاناتهم بإرادتهم على تلك الرمال الصفراء الناعمة، التي كانت خير شاهد على أسرار وأساطير أصالة الزمن القديم؟ هكذا أشرقت شمس، أمس، على انطلاق 135 مغامراً قرروا خوض غمار التجربة وتحدي الصعاب من خلال سيرهم حفاة القدمين مسافة 100 متر على رمال الصحراء في رسالة واضحة تحمل كل معاني التحدي للطبيعة الساخنة في تلك الأيام. ولعلها هي البطولة الأولى من نوعها التي ينظمها نادي رحالة الإمارات، وجاءت تحت مسمى الرمضة في منطقة الهباب في دبي. تجربة استثنائية غير مسبوقة مستوحاة من حياة البدو هي تلك التي تستضيفها دبي والتي تهدف بدورها لاستعادة روح تراث الإمارات التي تخفيه بين رمال صحرائها. إليهم ذهبت لأشهد ميلاد تلك اللحظة التي استمروا في الإعداد لها ما يقرب أسبوعين، لأنقل عبر سطور مقبلة تفاصيل ملحمة الإصرار والتحدي، ها هي السيارة تشق الطريق إلي أن وصلنا إلى وجهتنا، ها هي تطل على تلك التي تختزن تحت رمالها قصص الفروسية وأشعار البادية. تشعر ما إن تتأملها بأنها ذاك الفضاء الغامض والساحر الذي يشد حواسك جميعها. إنها الصحراء التي على رمالها يهمس الريح لسعف النخيل راسماً لوحاته النادرة بين أحضان جبالها وكثبانها الرملية. وجوه هادئة وقلوب بِكر لم تعرف للتلوث طريقاً. تشدني رائحتها وتأسرني أطرافها المترامية، وآفاقها التي لا تنتهي. ملامح وجهه الودودة وابتسامته التي اعتلت وجنتيه كانت كفيلة بأن تجعلني أفيق من حالة التأمل التي انتابتني لمعشوقتي الصحراء، هكذا استقبلني عوض بن مجرن، رئيس مهرجان الرحالة العالمي رئيس نادي رحالة الإمارات الذي أجابني عن سؤالي له عن سبب اختيار فريق الرحالة السير على الرمال حفاة القدمين، قائلاً، إنها فكرة إحياء للمنافسات القديمة بين البدو في الصحراء على الرمال، ولقد أثبت كثير من الدراسات العلمية أن المشي على الرمال يساعد في تفريغ الشحنات السلبية في الجسم، ويقوي المناعة، ويقتل الجراثيم العالقة بين تجاويف أصابع القدم، ما يحسن الحالة النفسية ويعزز الطاقة الإيجابية، وأشار بن مجرن إلى أن هناك سراً غريباً في المشي على الرمال الحارة، لم يستطع الأطباء تفسيره حتى يومنا هذا، خاصة أن المشي على الجمر يسبب حروقاً وأوجاعاً تتطلب علاجاً وتدخلاً طبياً سريعاً تجنباً للمضاعفات، أمّا المشي على رمال الصحراء الملتهبة فإنه يسبب احمرار الجلد فقط، دون حدوث أي حروق، ويمنح الشخص إحساساً بوخز خفيف يجدد حيويته ونشاطه. بلطف شديد استأذن رئيس نادي رحالة الإمارات، ليستقبل الفنان الإماراتي د.حبيب غلوم، وكيل وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، الذي اعتبر الجميع حضوره ذلك الحدث دعماً معنوياً كبيراً، ما إن هدأت مراسم استقباله اقتربت منه ليتحدث غلوم، قائلاً، سعدت كثيراً، عندما وصلتني دعوة رحالة الإمارات، وصممت على الحضور في تلك الأجواء الساخنة لأنني أعتبر أن هذه المغامرة ما هي إلا رحلة تراثية من الطراز الأول نسير فيها على خطى أجدادنا وتحمل الكثير من الأهداف أهمها إحياء التراث الإماراتي، وترسيخ الهوية الوطنية وتعريف الشباب الإماراتيين بتاريخ الآباء والأجداد ونمط الحياة التي عاشوها وكيفية التعامل في الظروف والمواقف الصعبة، لتمكينهم من القدرة على اتخاذ القرار، عندما تندر سبل الراحة والتقنيات الحديثة كافة، وليكملوا مسيرة الآباء التي وصلت بالإمارات إلى مصاف الدول المتقدمة في العالم. يا بوي أبشر ترى شبلك توارت عن مداه أشبال، وثب فوق الدروب وسابقت رجله خطاويها. أحد الأبيات التي سطرها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، هى أهم ما يلفت نظرك وتقع عليه عيناك، ما إن تنظر ملياً للمشاركين الذين ارتدوا قمصاناً طُبعت عليها تلك الأبيات. إحساس ينتابك بأنك على موعد مع التاريخ القديم. تأهب ما يقرب من 135 متسابقاً من الجنسين وأعدوا عدتهم لساعة الصفر التي تحمل معها بدء انطلاق السير على الرمال حفاة، وانتهى التحدي بنجاح 42 مشاركاً في الوصول إلى خط النهاية، الجميل أنها تجربة استثنائية فريدة، واجه بها المشاركون قسوة الطبيعة، وأصروا على تحديها والوقوف أمامها وجهاً لوجه. محمد أحمد كرم، أصغر المشاركين في المسابقة لخص كل ما أجمع عليه المتنافسون في أنها مغامرة من أجل إحياء التراث قائلاً، فخور بوطني وأعشق حكايا جدي وأشارك في الرحلة لأنني عاشق للتحدي. رسالة إلى العالم شارك في التحدي الرحالتان الإماراتيتان هدى زويد وميثاء مبارك، اللتان عادتا مؤخراً من رحلتهما في القارة الإفريقية حيث عاشتا مع قبيلة المورسي، لتتحدث هدى زويد قائلة: نفخر ونعتز بتراثنا المادي والمعنوي والحفاظ عليه من الاندثار لنقله إلى الأجيال القادمة. الأمر الأهم أن هذه المغامرة تعقد للمرة الأولى وأنا شخصياً اعتبرها رسالة لمختلف بلدان العالم ليتعرفوا من خلالها إلى ثقافاتنا وتقاليدنا العربية العريقة. بينما عبرت ميثاء مبارك عن سعادتها بتلك المغامرة وهي تعتبر مشاركتها فيها رسالة منها لكل نساء العالم - والكلام على لسانها - تتزامن هذه الرحلة مع احتفالنا بيوم المرأة الإماراتية الذي استحققناه عن جدارة فلقد أصبحنا ننافس الرجال حتى في التحدي والصمود.

مشاركة :