تدنّى مستوى اليد العاملة في شكل كبير في صنعاء والحديدة، وهي أصلاً منخفضة في شكل حاد، وفقاً لنتائج مسح نفّذته «منظّمة العمل الدولية» بالتعاون مع «الجهاز المركزي للإحصاء» اليمني. وأظهرت أن «أشدّ القطاعات تأثّراً كانت تلك التي توظّف الغالبية من الناس، خصوصاً في قطاعي الخدمات والزراعة». وركّز مسح «تقويم الأضرار والحاجات - أثر الأزمة على التوظيف وسوق العمل في اليمن»، على انعكاس الأزمة على وضع العمل، ودرجات الضعف والانكشاف، واستراتيجية التأقلم لدى الأفراد والأسر. وشمل المسح محافظات أمانة العاصمة صنعاء والحديدة وعدن، وتمثّل المحافظات الثلاث معاً 22 في المئة من السكان في سن العمل (15 سنة وما فوق). وأكدت نتائج المسح «تسجيل انخفاض قياسي لنسبة اليد العاملة الإجمالية إلى السكان إلى 32 في المئة، وزيادة في تدني هذه النسبة بين أوساط النساء إلى 6 في المئة». ولفتت إلى أن الزيادة في البطالة والمقترنة بتفاعل اليد العاملة والمشاركة إيجاباً، كانت هي التي ميّزت سوق العمل في عدن، إذ ظهرت علامات ولو كانت بسيطة جداً للتعافي». وشملت أبرز نتائج المسح «النزوح الكبير وفي شكل رئيس للنساء في سن العمل وكذلك الأطفال، وتأثّر بعض الفئات في شكل أكبر من غيرها، وهي النساء والشباب والعاملون لحسابهم الخاص». واعتبرت الدراسة أن صنعاء والحديدة هما المحافظتان الأشدّ تضرّراً من الأزمة، إذ وصلت مستويات النزوح والإحباط فيهما إلى أعلى مستوى، ما يتطلّب إعداد استراتيجية مناسبة للتعافي، حيث يظهر الانخفاض في قوة العمل في شكل أكثر وضوحاً من الانخفاض في اليد العاملة». ورجّحت أن «تنتج الأزمة آثاراً طويلة الأجل بسبب الدمار اللاحق بالمرافق، خصوصاً في قطاعي التعليم والصحة، والتي بدورها تفاقم التحديات القائمة أصلاً، والتي تواجه التعليم والتدريب واليد العاملة». وأظهرت نتائج المسح أن المحافظات الثلاث خسرت أكثر من 132.1 ألف وظيفة بنسبة 12.8 في المئة، كما أفاد 12.2 في المئة من أرباب الأسر بأنها فقدت مصدر الدخل الرئيس لها. في حين أعلن 6.7 في المئة من أرباب الأسر أنهم أجبروا نتيجة الأزمة، على بدء نشاطات اقتصادية أخرى لتعويض الدخل المفقود. وفَقد 7.7 في المئة من الأسر، أفراداً من غير رب الأسرة، مصدر دخلهم الرئيس. وبدأ 1.9 في المئة فقط نشاطات اقتصادية أخرى لتعويض مصدر الدخل المفقود. وأوضحت أن «تعويض الدخل المفقود كان جزئياً فقط، ما يشير إلى أن الأسر لجأت إلى مدّخراتها أو تكيّفت مع الحرمان المادي، إذ لا تزال حصة الدخل المخصصة لتوفير الغذاء وغيرها من السلع الأساس مرتفعة نسبياً في اليمن». وقدّرت الدراسة عدد الخارجين من قوة العمل بـ159 ألف شخص، بنسبة 13.8 في المئة. وأشارت إلى أن عددهم فاق عدد الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم، كما هو في عدن وبدرجة أكبر في الحديدة، على رغم ازدياد عدد النساء العاملات في عدن إلى جانب مَن هنّ في قوة العمل. أما في صنعاء فقد حدث العكس، حيث بدا أن العاملين خصوصاً الرجال، تمسّكوا بالأمل بصورة أكبر بإمكان تعافي الاقتصاد، على رغم الانخفاض اللافت في قطاع الخدمات الخاصة، باعتباره العمود الفقري للاقتصاد المحلي». وجاء في الاستبيان الذي شمل 704 من الأسر في المحافظات الثلاث، أن «انخفاض السكان الإجمالي في سن العمل بلغ 132.6 ألف شخص، أي ثلثي الانخفاض في إجمالي السكان. ويعد الأشخاص في سن العمل أكثر الفئات تضرّراً بالنزوح الداخلي، ومن بين هؤلاء، ترتفع نسبة النساء النازحات أكثر من نظرائهن من الذكور». ولم تغفل الدراسة المؤشّر الاقتصادي للإعالة الإجمالية، إذ أشارت إلى أن «في عام 2014 كان على كل ألف موظّف أن يعيلوا إلى جانب أنفسهم 3869 شخصاً آخرين، لكن الوضع المتعلّق بعبء الإعالة تدهور في شكل ملحوظ في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، إذ ارتفع متوسّط عدد أفراد الإعالة إلى 4374، أي بزيادة 13.1 في المئة». وأضافت أن «المحافظات الثلاث سجّلت تدهوراً في هذا الوضع ولو أن عدن هي المنطقة التي تجلّى فيها أثر الأزمة في وضع الإعالة، حيث سجّلت زيادة في عدد أفراد الإعالة بنسبة 21.4 في المئة، تلتها صنعاء 19.6 في المئة، ثم الحديدة 6.4 في المئة، ما يؤكد تأثير الأزمة في زيادة عبء الإعالة بدرجة أكبر عند المقارنة بأعداد العاملين». وحضّت الدراسة على «بناء خطة للتعافي على أساس القدرة على الصمود والتكيّف لدى السكان في اليمن قبل تلاشي الأمل، وتركيز المساعدات التي تستهدف النازحين على تنشيط سوق العمل، وإشراك السكان النازحين والمقيمين من خلال برامج استثمار كثيفة التوظيف لإعادة تأهيل البنية التحتية (طرق، مدارس، مستشفيات) فور انتهاء الحرب». وأوصت بـ«النظر إلى إعادة الإعمار كفرصة لتطوير أنماط الكفاءات والمهارات، وتعزيز المكاسب التي تحقّقت في توظيف النساء واستدامتها، من خلال مبادرات فردية وجماعية، وتطبيق المساعدات المشروطة الخاصة بتشجيع الالتحاق بالتعليم، في مقابل الاستفادة من برامج المساعدات الاجتماعية للتعافي».
مشاركة :