المزيد من التمويل يعني المزيد من الوظائف والنمو في الشرق الأوسط

  • 2/12/2014
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

ساهم ارتفاع مستويات البطالة وانخفاض معدلات النمو الاقتصادى في عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي السائد في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويواجه صناع السياسات فى تلك البلدان مهمة جسيمة في سعيهم للقيام بإصلاحات اقتصادية تؤدى لتحقيق نمو يشمل جميع الفئات وتوفير الفرص الاقتصادية للشباب. لكن الحصول على الفرصة الاقتصادية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بإتاحة الخدمات المالية، إذ أنها تعطى المجال لبناء المدخرات، والحصول على الائتمان، واستثمار الأموال. وإضافة إلى ذلك، تساعد الخدمات المالية على دعم النمو وإعطاء دفعة لتوظيف العمالة، ومن ثم تحسين مستويات المعيشة – وكلها أمور شديدة الأهمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. لكن مستوى إتاحة هذه الخدمات منخفض إلى حد كبير في المنطقة ولا يتحقق لشرائح السكان كلها أو منشآت الأعمال بأحجامها المختلفة. وفي هذا الخصوص، توقفت عند رقمين مثيرين للدهشة: 18% من سكان المنطقة فقط يملكون حسابات في البنوك أو المؤسسات المالية الأخرى، مقارنة بنسبة 43% في البلدان النامية ككل. ويبلغ هذا الرقم 13% فقط في حالة النساء. 8% فقط من مجموع القروض المصرفية تحصل عليه المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهي التي يعلم الجميع أنها قاطرة النمو والوظائف في القطاع الخاص. ما السبب إذن في انخفاض فرص الحصول على الخدمات المالية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟ وما الذي يمكن عمله لتعزيز حصول الفئات المختلفة فى المجتمع على تلك الخدمات؟ ما السبب في انخفاض مستويات الحصول على التمويل؟ هناك أسباب متعددة لهذا الانخفاض. أولاً، هناك قصور في البنية التحتية المالية لدى الكثير من بلدان المنطقة. وعلى سبيل التحديد، يلاحَظ عدم توافر المعلومات الائتمانية بالقدر الكافى مقارنة بالمناطق الأخرى. فما الذي يعنيه هذا؟ يعني أن البنوك لا ترغب في تقديم القروض للكثيرين، وذلك ببساطة لأنها لا تملك معلومات عن التاريخ الائتماني للعملاء ومدى قدرتهم على سداد ديونهم. ثانياً، هناك حاجة لإطار رقابي وتنظيمي واضح ومتماسك يحكم عمل المؤسسات المالية غير المصرفية. فعلى سبيل المثال، تم استحداث تشريع لتمويل المشروعات المتناهية الصغر في بعض البلدان مثل المغرب وتونس والأردن، ولكن الكثير من البلدان الأخرى لا يزال يفتقد لمثل هذه التشريعات. ويترتب على هذا أن منشآت الأعمال الصغيرة ومتناهية الصغر لا تستطيع الحصول على التمويل بسهولة. ثالثاً، هناك افتقار للمنافسة وغياب لبعض الأسواق. فالمنافسة بين البنوك – وهي المؤسسات المالية السائدة في المنطقة – أقل منها في الاقتصادات الصاعدة الأخرى. ويلاحَظ عدم التطور في معظم المؤسسات المالية مثل التعاونيات الائتمانية ومؤسسات التمويل الأصغر التي تركز على احتياجات الفقراء والمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وهي ظاهرة غير مشجعة في منطقة تتسم بمعدلات فقر مرتفعة. وإضافة إلى ذلك، نجد أن المنتجات المالية المتخصصة محدودة. فعلى سبيل المثال، حدث توسع في التمويل الإسلامي في السنوات القليلة الماضية، مع استحداث منتجات رائجة مثل الصكوك والمرابحة والإجارة والمشاركة. لكن وتيرة التقدم نحو دمج التمويل الإسلامي في القطاع المالي تفاوتت بين البلدان، مما يجعل التمويل غير متاح لكثيرين ممن يحجمون عن التعامل مع المؤسسات المالية التقليدية لأسباب دينية أو ثقافية. وأخيراً، تواجه النساء مجموعة من المعوقات في الحصول على الخدمات المالية. فإلى جانب حقوق الملكية المحدودة بالنسبة لهن في بعض البلدان، غالباً ما يؤدي انخفاض مستويات الأجور والمشاركة في القوى العاملة إلى عدم امتلاك المرأة لضمانات شخصية كافية للحصول على الائتمان. ولا يزال التفاوت قائماً بين بلدان المنطقة فيما تبذله البنوك من جهود لجذب عملاء نساء وتعيين موظفات من النساء. إتاحة المزيد من التمويل تشير دراساتنا التطبيقية إلى أن التوسع في إتاحة الخدمات المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتصل إلى المتوسط العالمي يمكن أن يعزز نصيب الفرد من نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة سنوية تتراوح بين 0.3 نقطة مئوية وما يقرب من نقطة مئوية واحدة. فما الذي يمكن القيام به لزيادة فرص الحصول على الخدمات المالية؟ تحسين البنية التحتية المالية: يمكن أن يتم ذلك من خلال تحسين نظم الدفع والسجلات الائتمانية، فضلاً على تعزيز نظم الضمان وتحديث قوانين الإفلاس. تهيئة البيئة التنظيمية الملائمة للمؤسسات المالية الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر: على سبيل المثال، تمتلك مؤسسات البريد بنية تحتية مادية مستقرة وشبكات ممتدة في المناطق الريفية والحضرية، مما يؤهلها لخدمة الفقراء، وخاصة في المناطق النائية. وإضافة إلى ذلك، يمكن السماح لأطراف جديدة بتقديم المنتجات المالية لمحدودي الدخل، مثل مؤسسات التمويل الأصغر التابعة لمنظمات المجتمع المدني والتي ينبغي السماح لها بأن تتحول إلى مؤسسات مالية غير مصرفية أو حتى بنوك، إذا استطاعت إثبات قدرتها على القيام بهذه المهمة. ولتحقيق هذه الغاية، يمكن أن يستفيد صناع السياسات من التجارب الناجحة التي مرت بها بلدان مثل بوليفيا ومونغوليا. تشجيع المنافسة العادلة: من شأن زيادة المنافسة داخل القطاع المالي أن تشجع الابتكار المالي من خلال ما تتيحه من مهارات ومنتجات متنوعة تلبي احتياجات العملاء المختلفة. تنويع المنتجات، بما في ذلك إصدار منتجات للتمويل الإسلامي: يمكن زيادة اتاحة الخدمات المالية عن طريق التوسع في نشاط التمويل الإسلامي بوجه خاص – مع إخضاعه للقواعد التنظيمية الملائمة – وذلك لما يتيحه من تلبية احتياجات الأفراد الذين لا يتعاملون مع القطاع المالي التقليدي لأسباب دينية. تنمية قدرات رواد الأعمال الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر: نعلم أن زيادة فرص الحصول على التمويل تتطلب في الغالب دعم رواد الأعمال الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر حتى يمكنوا من بناء قدراتهم في مجالات المحاسبة وإمساك السجلات وتخطيط المشروعات. تهيئة مناخ داعم يتيح للمرأة فرص الحصول على التمويل: أعتقد أن هناك حاجة لإزالة العقبات التي تعيق حصول المرأة على التمويل. وينبغي أن تتضمن الجهود في هذا المجال تنظيم برامج تدريبية للنساء، وخاصة اللاتي تبدأن مشروعاتهن الخاصة، كما ينبغي تشجيع المؤسسات المالية على تشغيل عدد أكبر من النساء. ومن شأن ذلك أن يساعد على جذب عملاء من النساء اللاتي يفضلن التعامل مع موظفات من النساء أيضاً. وأخيراً، يتطلب تحسين فرص الحصول على الخدمات المالية في المنطقة التعاون بين الجهات التنظيمية والهيئات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، كما ينبغي أن يتم على المستوى الإقليمي أيضاً. إن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أمام فرصة تاريخية لصنع مستقبل أفضل لشعوبها. وتمثل زيادة فرص الحصول على الخدمات المالية عنصراً حيوياً في إنعاش النمو في المنطقة وخلق الوظائف لسكانها الذين تتزايد أعدادهم بوتيرة سريعة.

مشاركة :