تفاقمت تداعيات الأزمة المالية التي تعصف باليمن، بخاصة في ما يتعلّق بتأخّر دفع رواتب موظّفي الدولة وتعثّره، على خلفية التراجع الحاد للإيرادات العامة ونقص السيولة، وإعلان الحكومة اليمنية (الشرعية) وقف التعامل مع مجلس إدارة المصرف المركزي اليمني في صنعاء. وأدّت الخصومات غير القانونية من رواتب الموظّفين ومستحقّاتهم إلى حال من الغضب والاستياء، ما دفع موظّفي بعض المؤسسات إلى الإضراب عن العمل. وأصدر «اتّحاد نقابات موظّفي الجهاز الإداري للدولة» بياناً في شأن «خصم الحوافز وإجراء تعيينات مخالفة للقوانين النافذة»، أكد فيه «حالة السخط والغليان والهيجان التي سادت بين موظّفي الجهاز الإداري للدولة ونقاباتهم المطالبة ببعض حقوقهم القانونية والمشروعة، ونتج منها قيام موظّفي الكثير من الجهات بقيادة نقاباتهم بالتصعيد القانوني من احتجاجات واعتصامات وصلت إلى حد الإضراب العام عن العمل». ويقدّر عدد موظّفي الدولة بأكثر من 1.2 مليون، بخلاف عشرات الآلاف من الأشخاص الذين تم تعيينهم في القطاعات المدنية والعسكرية والأمنية كافة، خصوصاً منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في أيلول (سبتمبر) 2014. وبرّر البيان تلك الخطوات التصعيدية بـ «الوضع الاقتصادي المتردّي بسبب سياسة الدولة التقشّفية التي حرمت موظّفي الجهاز الإداري للدولة من المستحقات القانونية التي كانت تعينهم إلى جانب الرواتب الضئيلة على مواجهة نفقات المعيشة الضرورية، والتي كان آخرها قرار محافظ المصرف المركزي الجائر الذي حرمهم من الحوافز التي كانت تكاد تعين الموظّفين على مواجهة نفقاتهم المعيشية البالغة الضرورة، في ظل الغلاء الفاحش للأسعار واستمرار الارتفاع الجنوني لها من دون رقيب أو حسيب، وتقبّل الموظّفين على مضض تحمّلها استثنائياً نتيجة الظروف التي يمر بها البلد». واتّهمت النقابات المسؤولين في صنعاء بإلغاء معظم الحقوق المالية القانونية من «إضافي وعلاوات وإكراميات، ومكافآت وغيرها»، على رغم وجود خيارات اقتصادية وتصرّفات مالية عملية تغني الدولة عن اللجوء إلى تلك الاستقطاعات وتعين الموظّفين على مواجهة تلك الظروف. كم هائل من القرارات ولم يغفل البيان الإشارة إلى قيام مسؤولي الدولة «بإصدار كم هائل من القرارات الإدارية بتعيينات لشغل مناصب مجموعة وظائف الإدارة العليا في الجهاز الإداري للدولة، في مخالفة صارخة للقوانين والأنظمة النافذة، ولم تراع قواعد التوصيف الوظيفي وشروط شغل الوظيفة العامة، بل لم تراع سنوات الخدمة لكوادر موظّفي كل جهة والاستحقاق القانوني لهم، إضافة إلى عدم مراعاة قواعد المفاضلة القانونية الواردة في تشريعات الخدمة المدنية». وأكد أن غالبية تلك التعيينات «تمّت لأشخاص غير مؤهلين وليسوا من كوادر الجهات المعيّنين فيها، ناهيك بالأعباء المالية التي تكبّدتها الدولة نتيجة تلك التعيينات المخالفة للقوانين النافذة ورفعت الكثير من الموظّفين درجات عدّة دفعة واحدة، ما يعد أحد مسبّبات الغليان والهيجان اللذين سادا بين الموظّفين». وطالبت النقابات ما يسمّى «المجلس السياسي الأعلى» الذي شكّل أخيراً لإدارة شؤون البلد، بـ «التوجيه بصرف حوافز موظّفي الجهاز الإداري للدولة التي خصمت منهم، وصرف حوافز للجهات المحرومة من تلك الحوافز أسوة بزملائهم في بقية الجهات الحكومية لإعانتهم إلى جوار رواتبهم على نفقات المعيشة الضرورية، والتوجيه بإلغاء قرارات التعيينات الهائلة كافة، الصادرة قبل تشكيل «المجلس السياسي»، بل إنها طالبت بإعادة النظر في كل قرارات التعيينات السابقة كاملة، المخالفة للقوانين النافذة ومن أبرزها قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية وقواعد التوصيف الوظيفي وشروط شغل الوظيفة العامة في الجهاز الإداري للدولة». وشدّد على «عدم إقحام الوظيفة العامة في المعترك السياسي الحاصل على الساحة اليمنية وذلك بتجنيب مجموعة وظائف الإدارة العليا وما دونها للمحاصصة الحاصلة بين الأطراف السياسية في اليمن، وانتهاج الشفافية في توضيح الحالة الاقتصادية للبلد كمصدر رسمي عن قيادة الدولة، بخاصة أن المؤشّرات الاقتصادية تدقّ ناقوس الخطر عن تدهور أكبر للأوضاع». وفي خطوة جديدة من شأنها أن تفقد صنعاء مزيداً من الموارد المالية، أوعز مدير إدارة منطقة صنعاء في شركة «الخطوط الجوية اليمنية» علي محمد المتوكّل، وفقاً لتوجيهات الإدارة العليا، إلى مديري مكاتب المبيعات وموظّفي المبيعات والمحاسبين، بوقف بيع التذاكر وإصدارها على الخطوط التي تبدأ رحلتها من صنعاء وإليها، على أن يتم البيع من المناطق المفتوحة والتي يتم فيها تسيير الرحلات منها، وذلك بالنظر إلى توقّف التشغيل من مطار صنعاء الدولي بسبب الحظر الجوي.
مشاركة :