فيما تبحث مؤسسات كثيرة عن مصادر دخل ذاتية، بحيث تستغني عن ارتهانها للتمويل الأجنبي لبرامجها وفاعلياتها وحتى رواتب القائمين عليها، والعاملين فيها، بادرت مؤسسة «دالية المجتمع»، أخيراً، إلى إطلاق مبادرة «دكّان» في محاولة للاعتماد على نفسها. وتجمع في حفلة الافتتاح التي أقيمت في مركز خليل السكاكيني بمدينة رام الله، شبان وفتيات ومسنون وعائلات، من بينهم متطوعون وممثلون لمؤسسات مجتمعية، وغيرهم. ومؤسسة «دالية» هي مؤسسة مجتمعية، بادرت عبر «دكّان» إلى حشد الموارد الفلسطينية لتمويل المؤسسة بدلاً من الاعتماد على التمويل الأجنبي، سواء كانت فلسطينيين مقيمين داخل فلسطين أو خارجها، فكانت المبادرة لتشجيع هذا التوجه «الذي ليس غريباً عن فلسطين، حيث ثقافة العونة شائعة منذ زمن طويل، ويجب إعادة الاعتبار إليها»، وفق عايشة منصور المديرة التنفيذية لمؤسسة «دالية». وتقوم المؤسسة التي أُسست في 2007، على فكرة حشد الموارد المحلية، سواء مادية أو غير مادية، ومنها البشرية بطبيعة الحال، لمصلحة تحقيق برامج ومشاريع مجتمعية. وتقوم فكرة «دكّان» على تحصيل دخل محلي لمصلحة مشاريع المؤسسة، عبر بيع الأغراض المستعملة، والتي يمكن عائلات كثيرة الاستغناء عنها، بل وربما يرمونها في حاويات القمامة، والتي مع حرقها قد تؤدي إلى زيادة نسبة التلوث في فلسطين، فهي من جهة تقاوم التلوث، وتساهم في الحد منه ومن أضراره المتزايدة على أكثر من صعيد، ومن جهة أخرى تحفظ هذه الحاجيات المستعملة من الإتلاف، ليتم العمل على استصلاحها وإصلاحها ومن ثم بيعها، في إطار مشروع أو مبادرة «دكّان». وتقول منصور: «هناك من قدم للمشروع أغراضاً لا يريدها، واشترى أخرى وجدها تناسبه، أو بدّل بين قوائم احتياجاته، وهذه فكرة المشروع. هناك من قدم لنا تلفزيونات مستعملة، وأجهزة كهربائية، وكتباً، وملابس، وكل ما يمكن أن يخطر أو لا يخطر على بال». الشباب هم المتحمسون لهذا المشروع، ولرؤية المؤسسة، لاقتناعهم بأن التمويل الأجنبي في السنوات الماضية لم يحقق أية نتائج إيجابية على الأرض، ولم يجلب التنمية المنتظرة التي كان يتم الترويج لها، ولم يساهم في بناء حقيقي لاقتصاد فلسطيني وطني مستقل، لذا هم يبحثون عما هو مختلف، ومن هنا تقاطعت توجهات «دالية»، ومبادرة «دكّان» مع اقتناعاتهم، فكان من بينهم العديد من المتطوعين. ولعل من أبرز ما يمكن أن يقف في مواجهة هذا المشروع، أو اعتماده كنموذج لدى مؤسسات أخرى، هو تحول الاعتماد على التمويل الخارجي إلى نمطية تفكير لا يمكن الاستغناء عنها، وهذا يجعل مؤسسات كثيرة رهينة لهذا التمويل. فإن جاء تستمر المنظمات وتتابع عملها، وإن لم يأت، فإن شبح الانهيار سيطاردها. وعليه، ومن هنا، جاءت مبادرة «دكّان» ومؤســـسة دالية للتنمية المجتمعية لتقاوم حالة الاعتماد المستشرية على التمويل الأجنبي، والتي خلّفت بعد قرابة ربع قرن من قيام السلطة الفلسطينية، نتائج قد تكون كارثية في بعض الحالات. وقامت «دكّان» بجهود تطوعية، فإدارة مركز خليل السكاكيني الثقافي في مدينة رام الله، والرفوف التي وضعت عليها الأغراض المتبرع بها صنعت بأيد فلسطينية لنجارين محترفين وهواة، والأغراض لا تزال تقدم بغزارة وتنوع لمبادرة «دكّان»، التي من المقرر أن تتنقل بين أماكن متعددة على فترات غير متباعدة. وتستضيف مبادرة «دكّان» خلال فترة إقامتها في مركز خليل السكاكيني الثقافي، التي تستمر حتى نهاية شهر آب (أغسطس) الجاري، العديد من المنتجين المحليين الفلسطينيين، علماً أن حملة قبول التبرعات لن تنتهي بانتهاء الشهر الجاري، فهي حملة متواصلة ما دامت هناك أغراض يسعى أصحابها الى التخلص منها، شرط أن تكون بحالة جيدة أو قابلة للإصلاح، ليستطيع فريق «دكّان» ترميمها وعرضها للبيع.
مشاركة :