فجر : إقتصاد إن إستراتيجية التنافس هى التى تستخدمها المملكة العربية السعودية فى سوق النفط ، وبعد أن أنهت السعودية تنافسها مع إيران إنتقلت للتنافس مع روسيا بشكل عام والصين أيضا بشكل خاص وهذا ما سوف يؤثر مباشرتا على أسواق عقود الفروقات CFD وعلى رأسهم أسواق تداول النفط بشكل كبير. وترغب السعودية فى إرتفاع أسعار النفط دون المساس بالحصة السوقية لها ، وبما إن السعودية تريد الحفاظ على الحصة السوقية لها فهذا يعنى إستمرار إرتفاع مستوي المخزونات خلال الشهور القادمة وبالتالى سنجد أن أسعار النفط ستتخذ منعطف أخر غير التى ترغب بها السعودية. وخلال الفترة الأخيرة قامت السعودية برفع إنتاجها من النفط نظرا لزيادة الطلب المحلى نتيجة الإستهلاك المرتفع للكهرباء خلال فصل الصيف بالإضافة إلى إبقاء مستوى صادراتها النفطية مثل مستوياتها السابقة ، ومن المتوقع أن تقوم السعودية بزيادة صادراتها النفطية عقب إنتهاء فصل الصيف وذلك لإستعادة جزء من حصتها السوقية من روسيا وقد يؤدى الأمر إلى تراجع الأسعار بنهاية العام الحالى ، فى حين البعض يقول أن إرتفاع إنتاج النفط السعودى ما هو إلا حالة مؤقتة ولن تستمر فيه السعودية طويلا. ومن جهة أخرى نجد روسيا تهدف إلى زيادة إنتاجها بشكل محدود على المدى الطويل ، كما أن ذوبان الجليد فى القطب الشمالى سيفتح آفاق جديد لروسيا حول التنقيب عن حقول جديدة للنفط وبالتالى سيرتفع إنتاجها. وقد أظهرت العديد من البيانات التى صدرت مؤخرا أن إنتاج النفط الإيرانى وصل إلى مستويات إلى ما قبل فرض العقوبات الدولية ، ومن المتوقع أن يتراجع إنتاج النفط الإيرانى خلال الأشهر المقبلة وذلك لأسباب فنية. والسؤال المطروح حاليا ما هى الخطة التى وضعتها إيران لزيادة إنتاجها ليصل إلى مليونى برميل يومى خلال الأعوام المقبلة؟ بالرغم من أن حقول النفط الإيرانية من أقدم الحقول فى المنطقة حيث يمثل عمرها أكثر من 100 عام إلا أن إيران ليست حاليا مؤهلة لرفع الإنتاح حيث أنها بحاجة للكثير من الإستثمارات التى غير متاحة حاليا ، كما أن إفتقارها للخبرة التكنولوجية والإدارية لشركات النفط العالمية يجعلها غير قادرة على رفع إنتاجها فى الوقت الحالى ، ويعنى هذا أن رفع الإنتاج يتطلب الكثير من الوقت ليس فقط بالشهور بل بالسنين ، خاصة وأن معظم حقول النفط الإيرانية تم إكتشافها خلال السنوات الأخيرة. وهذا يعنى أنه من الصعوبة أن ترفع إيران إنتاجها لميلونى برميل يومى خلال العامين القادمين. المنافسة بين السعودية وروسيا على إنتاج النفط لا توجد أهداف سياسية وراء المنافسة بين السعودية وروسيا فى انتاج النفط الخام وبذلك نجد أن هذا التنافس إقتصادى بحت ، ونجد أن الصراع النفطى بين السعودية وروسيا لا يقل أهمية عن الصراع بين السعودية وإيران. بداية هذا الصراع بدأت منذ عدة سنوات عندما قامت شركة أرامكو السعودية بإتخاذ قرارا بشأن تصدير النفط الخام إلى الصين حيث أن معدل إستهلاك الصين للنفط يتزايد بإستمرار بالإضافة إلى تصدير المنتجات النفطية الأخرى لبعض دول آسيا الأخرى. حيث أن القاعدة العامة هى أن الحصة السوقية للسعودية للدول الآسيوية فى تزايد مستمر ولا يستطيع أحد أن ينافسها ، ولكن نجد أن السعودية قد خسرت جزء من حصتها فى كل من الجزائر وأنغولا ونيجيريا بسبب دخول الولايات المتحدة من خلال النفط الصخرى ، بالإضافة إلى إرتفاع الصادرات النفطية فى العراق للصين كان أيضا على حساب الحصة السوقية للسعودية. ولكن المشكلة الكبرى التى تواجه السعودية هى روسيا ، فبعد أن قامت روسيا بضم جزيرة القرم قامت الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوروبى بفرض حضر إقتصادى على الشركات الحكومية بالإضافة إلى شركات النفط الروسية مما أثر على صادرات النفط الروسية تراجعها. لكن الصين إستغلت هذا الوضع وأقنعت روسيا بتصدير النفط إليها فإرتفعت صادرات النفط الروسية للصين بشكل كبير خلال العامين الماضيين مما أثر سلبا على الحصة السوقية للسعودية بشكل كبير. ويعد هذا الوضع خطرا جدا على حصة شركة أرامكو السعودية ، لأن السوق الصينى إستراتيجى بالنسبة للسعودية ويشكل جزء من خطة السعودية على المدى البعيد ، وتدخل روسيا ليس بالأمر السهل حيث أنها ستسعى لبحث تعاون مشترك بينها وبين الصين فى قطاع النفط والغاز. هذا بالإضافة إلى أن روسيا بدأت تتشعب فى دول أخرى هى بالأساس جزء رئيسى من إستراتيجية أرامكو على المدى الطويل مثل الهند وإندونسيا. وفى النهاية نجد أن إحتدام الصراع بين السعودية وروسيا ليس من ورائه أهداف سياسية بل أهداف إقتصادية بحتة حيث أن الصراع على البقاء فى السوق أمر مصيرى.
مشاركة :