جيران يضمرون لنا الشر

  • 8/30/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

د. حسن قايد الصبييحي لم يعد لدى أي مواطن شك في أن الانقلابيين في اليمن ما يخفونه من شراكة في التآمر على المنطق، بعد عبارات التبجح ولغة التهديد التي أطلقها وزير الدفاع الإيراني حول تقييمه الاستراتيجي لقدرات بلده الصاروخي، حين اعتبر أن اليمن ولبنان يعتبران ضمن دائرة الأمن القومي الإيراني، وأن في مقدور بلده الوصول إلى عشرات القواعد العسكرية الأمريكية ملوحاً، بإمكانية وصول صواريخه إلى الأراضي الأمريكية ذاتها. والمتفقهون في السياسية الإيرانية، وألعابها البهلوانية الخبيثة يدركون المغزى الحقيقي لهذه الرسائل التي يوجهها المسؤولين الإيرانيون. فالقول إن إيران تهدد الجيش الأمريكي يعلم الجميع بأنها شطحة لا تساوي قيمة جهاز الميكروفون الذي نقل هذه التصريحات، فإيران تعرف، والعالم يعرف أن إيران محاطة بقواعد عسكرية وبمخزونات عسكرية استراتيجية أمريكية، كما أن إيران تعلم أن بمقدور السلاح الجوي الأمريكي إنزال ضربة قاصمة، وبمقدوره أن يحول دولة الملالي إلى كيان خال من السلاح في غضون أيام، وأن سيناريو احتلال بغداد المؤلم لنا نحن العرب سيتكرر، إن لم يكن أسوأ لدى احتلال طهران. ولا تقل إن الشعب الإيراني غير الشعب العراقي الذي أنزل الهزيمة بإيران، وأجبر الخميني على الاعتراف بالهزيمة، مردداً على مسامع المحيطين به أنه شعر كأنه يتجرع السم. في استفتاء للرأي بين الأمريكيين بثته ونشرته شبكة السي إن إن قال الأمريكيون إن عدوهم الأول هو إيران، وإن أي خطر على أمريكا يأتي بالدرجة الأولى من إيران، وليس من كوريا الشمالية، أو حتى من روسيا. أما نحن العرب الأقرب إلى مركز النبض الإيراني، فنرى رأياً آخر اكتسبناه من المعايشة والتجربة مع هذا الكيان المزعج، ونعلم أن قدرنا هو الذي وضعنا على مقربة منه، وأن هذه الجيرة ظلت تعمل لمصلحته، ولا تعمل لمصلحتنا على مدار القرون. فحين كانوا أقوياء، وكانت لهم حضارة، ونفوذ، ومنعة، وكان العرب يعانون شحة الموارد في صحرائنا الممتدة، كانوا يطلقون جنودهم لمطاردتنا، وكانت هي الصحراء ذاتها التي تصدّهم وتردّهم على أعقابهم، وتردعهم عن محاولة إفنائنا، وهو هدف استراتيجي ظل قائماً حتى اليوم. أما نحن فقد كان ردنا على إساءاتهم بالحسنات فحين خصنا الله بهدية الإسلام كان الفرس أول من شاركناهم هذه الهداية العظيمة فأصبحوا أخوة لنا في الإسلام، بل إن عاصمة الخلافة في المرحلة الأولى من عهد المأمون كانت أصفهان دونما حساسيات تاريخية أو تعصب قومي، لكنهم ظلوا يحيكون المؤامرات ضد المسلمين رغم أن اسم دولتهم الآن يحمل كلمة الإسلامية. نعود مرة ثانية للتعرف إلى المقاصد الحقيقية للتصريحات الإيرانية بعد أن استبعدنا أن يكون المقصود بها اللاعب الأمريكي، ونؤكد أن الخطاب الناري والتهديد الحقيقي كان موجهاً لجيران إيران، والعرب على وجه الخصوص. فالعلاقة الإيرانية الباكستانية لا يشوبها عيب، والعلاقة مع الهند ودّية، وحتى تركيا مع تعارض بعض المواقف إلا أن إيران ليست بصدد استهداف تركيا، لا حرباً، ولا سلاماً. أما العدو الحقيقي الذي يسكن الوجدان الإيراني فهو الجار العربي الذي يجسده الحقد المتأجج في صدور من يفترض أن يكونوا إخوة في العقيدة والإسلام. لم تعرف إيران الأمان أو الهدوء، ولم تجرب الاستقرار منذ اليوم الأول الذي انطلقت فيه طائرات التحالف لمنع الانقلاب الحوثي على الشرعية في اليمن، فقد تصورت وعاشت على وهمها بأن العرب لن يحركوا ساكناً، ولا يوجد بينهم من لديه لا القدرة ولا الإرادة لمقاومة الاستباحات الإيرانية المتكررة لسيادة الدول العربية، وكانت هبّة الدول العربية الفاعلة، مثل السعودية والإمارات، ضربة مؤلمة أفقدت إيران القدرة على التفكير والتقدير. نحن الآن نتابع عن كثب حالات التشنج التي أصابت العقلية الإيرانية. ونوبات الصرع التي تنتابها كلما تذكرت أن جهد ثلاثة عقود من حياكة المؤامرات ضد جيرانها العرب بدأ يتسرب من بين أيديها، لاسيما في اليمن الذي ظل حلماً إيرانياً منذ عهد أنو شروان إلى عهد خامنئي.

مشاركة :