سيطرت المعارضة السورية المسلحة، أمس، على بلدة حلفايا الاستراتيجية في محافظة حماة، في حين واصلت قواتها التقدم باتجاه مدينة منبج بريف حلب الشرقي. وفيما قال الجيش التركي إن طائرات التحالف قصفت أهدافاً قرب مدينة جرابلس الحدودية، بالتزامن مع توغل قوات مدعومة من أنقرة في شمال سورية، حذر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، من «مخاطر تصعيد شامل» في سورية، مع التدخلات المتكررة والمتضاربة لتركيا وروسيا.وتفصيلاً، قال معارضون مسلحون والمرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، إن المعارضة حققت مكاسب في حماة، وسيطرت على بلدة حلفايا الاستراتيجية، في هجوم كبير يهدد بلدات موالية للحكومة، تسكنها الأقليتين المسيحية والعلوية، إلى الشمال من عاصمة المحافظة. وجرى اقتحام بلدة حلفايا يوم الاثنين الماضي، بعدما شنت جماعة جند الأقصى المتشددة وكتائب تابعة للجيش السوري الحر، هجوماً خلال الليل، سيطرت خلاله على نقاط تفتيش عدة للجيش السوري وقوات موالية للحكومة في ريف حماة الشمالي. وتقع البلدة قرب طريق رئيس يربط المناطق الساحلية بطريق حلب ــ دمشق السريع، وهي على بعد بضعة كيلومترات فقط من بلدة محردة المسيحية التاريخية إلى الغرب. وسمح الانهيار السريع للدفاعات الحكومية، للمعارضة المسلحة أيضاً بالسيطرة على سلسلة من القرى، بينها البويضة وزلين والمصاصنة، وتهدد قوات المعارضة بلدة طيبة الإمام إلى الشرق من حلفايا. وقرّب الهجوم المعارضة المسلحة من صوران، معقل الجيش السوري وبوابته الشمالية إلى مدينة حماة عاصمة المحافظة. وقال مصدر عسكري سوري إن ضربات جوية نفذها الجيش قتلت عشرات من مسلحي المعارضة، ورفض تأكيد أو نفي سقوط حلفايا بأيدي المعارضة. وقالت مواقع إلكترونية موالية للحكومة، إن الجيش يرسل تعزيزات من أجل استعادة البلدات التي خسرها. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان سقوط حلفايا، وقال إن طائرات يعتقد أنها سورية ضربت مواقع للمعارضة في المنطقة، وإن ما لا يقل عن 20 مسلحاً من المعارضة قتلوا في الاشتباكات. ويأتي هجوم المعارضة المسلحة بعد أسابيع من القصف الروسي والسوري الكثيف لريف حماة وريف إدلب الجنوبي، وهي مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة. وشنّ الجيش السوري هجمات مدعومة بضربات جوية روسية كثيفة، لاستعادة أراض من المعارضة في ريف حماة، لكنه لم يحقق نجاحاً يذكر. في الأثناء قال قيادي في الجيش السوري الحر، إن قوات المعارضة السورية المسلحة تواصل التقدم باتجاه مدينة منبج بريف حلب الشرقي، كما أصبحت على تخوم مدينة الباب معقل تنظيم «داعش» في ريف حلب الشرقي، وسيطرت المعارضة السورية الاثنين على 10 قرى بريف جرابلس. وذكر القائد في فرقة حمزة التابعة للجيش السوري الحر، الملازم أول سيف أبوبكر، أن قواته تواصل التقدم باتجاه مدينة منبج بريف حلب، وأنها سيطرت على قرى عدة في جنوب جرابلس وغربها. وأصبحت قوات المعارضة على تخوم مدينة الباب (جنوب غرب جرابلس)، أهم معقل للتنظيم شرقي حلب، كما بات الجيش الحر على بعد نحو 15 كيلومتراً من مدينة منبج، أكبر معاقل قوات «سورية الديمقراطية» المشكلة أساساً من وحدات حماية الشعب الكردية. وقال مصدر إن معارك ما تعرف بعملية «درع الفرات» العسكرية التي بدأت في الـ24 من أغسطس الجاري، بدعم من الجيش التركي، أسفرت عن سيطرة قوات المعارضة على 15 قرية جديدة في محيط جرابلس، وذلك بعد سيطرتها على العديد من القرى في الأيام الماضية. وذكرت وكالة الأناضول نقلاً عن هيئة الأركان العامة التركية، أن الجيش الحر تمكن الاثنين من السيطرة على 10 قرى في محيط مدينة جرابلس، ومن هذه القرى اليعقوبية وعرب حسن صغير. وأكدت تركيا أنها ستواصل استهداف المقاتلين الأكراد ما لم ينسحبوا إلى شرق الفرات، وأعلن الجيش التركي في بيان له أنه أطلق النار 61 مرة على مواقع في الشمال السوري، إلا أنه لم يحدد الجهة المستهدفة. وقال الجيش التركي أمس، إن طائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قصفت الليلة قبل الماضية، أهدافاً لتنظيم «داعش» قرب مدينة جرابلس الحدودية السورية، بينما توغلت قوات مدعومة من أنقرة في شمال سورية. وأضاف الجيش في بيان دون تفاصيل، أن طائرتين من طراز (إيه-10) قصفتا ودمرتا أهدافاً للتنظيم المتشدد. على صلة حذر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أمس من «مخاطر تصعيد شامل» في سورية، مع التدخلات المتكررة والمتضاربة لتركيا وروسيا، وذلك خلال خطاب ألقاه أمام مؤتمر السفراء في قصر الإليزيه. وقال هولاند «هذه التدخلات المتكررة المتضاربة تحمل مخاطر تصعيد شامل»، مشيراً بشكل خاص إلى التدخل العسكري التركي ضد الأكراد. وأضاف أن «الضرورة القصوى، هي وقف المعارك». وأضاف أن «فرنسا تدعو هنا، وعلى الفور، إلى هدنة فورية»، مذكراً بأن «سورية تعيش منذ خمس سنوات مأساة رهيبة»، لاسيما في حلب، حيث «تجري كارثة إنسانية واسعة النطاق». وتابع الرئيس الفرنسي «منذ نحو سنة، تقدم روسيا خبراتها لنظام بشار الأسد، الذي يستخدم هذا الدعم لقصف المعارضة، وأيضاً السكان المدنيين، ما يصب في مصلحة المتطرفين من كل الجهات». وقال «اليوم اختارت تركيا نشر جيشها في الأراضي السورية للدفاع عن نفسها في مواجهة (داعش)، ما يمكن تفهمه تماماً بعد الهجمات التي شهدتها البلاد، ومن اجل ضبط حدودها، وهذا الأمر يمكن تفهمه أيضاً». لكن تركيا تقوم «بأعمال ضد الأكراد الذين يواجهون هم أيضاً تنظيم (داعش) بدعم من التحالف». وحول تقرير الأمم المتحدة الذي أشار إلى مسؤولية نظام دمشق في استخدام أسلحة كيماوية بعد العام 2013، قال هولاند إن «هذه الجرائم لا يمكن أن تبقى دون عقاب».
مشاركة :