هل يمكن الكشف عن الشيزوفرينيا وغيرها من الأمراض العقلية عبر تحليل الدم؟

  • 8/31/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تظهر أورام الدماغ في الأشعة ككتلة مشوّهة تشع بالأبيض وسط النسيج الرمادي المحيط بها. ويمكن للأطباء بحسب مجلة ، أن يبدأوا في العلاج فوراً لإنقاذ أهم أعضاء الجسم، لكن الدماغ معرض أيضاً لآفات أقل وضوحاً بكثير. آلي أورلاندو - منسّقة الخدمة الاجتماعية البالغة من العمر 23 عاماً -، حصلت على الكثير من التشخيصات لحالتها منذ زيارتها الأولى للطبيب النفسي في عمر الـ 14. أولها كان اضطراب القلق العام، وفي المرة التالية، أخبروها بأنها مصابة بالاكتئاب، ثم في الـ 17، جاء القول الفصل: إنه اضطراب الشخصية الحدّية. لكنها عندما غادرت ولايتها من أجل دراستها الجامعية، بدأت تتردد على طبيب نفسي جديد عارض بقوة ذلك التشخيص. وخلال مكوثها بالخارج استمر صراعها ودخلت المستشفى لميولها الانتحارية في العام الثاني من الكلية. واتفق الأطباء هناك على أن اضطراب الشخصية الحدية ليس التشخيص الصحيح، وربما يجب أن تتوقف عن أخذ الأدوية التي وُصفت لها. تقول آلي، "كنت محبطة لأن الوصمة المرتبطة باضطراب الشخصية الحدّية قوية للغاية". كانت آلي صريحة بشأن تشخيصها في المدرسة الثانوية، لكنها شعرت بأن ذلك ربما أخاف بعض الناس منها. "أنا واثقة بأن عدم تحديد مرضي أثر أيضاً على الأدوية التي وُصفت لي. لقد تطلب الأمر بضعة أعوام لإيجاد (التركيبة) الصحيحة من الأدوية". فبينما أوصى الأطباء ببعض الأدوية التي ساعدتها، كان الأمر خاضعاً للتجربة والخطأ، لأن آلي لم تحظ بتشخيص محدد حتى اليوم. المشكلة هي أن تشخيص الصحة العقلية قد بقي بلا تغير منذ 100 عام، معتمداً على الأعراض والأحاديث السريرية. الاضطرابات العقلية ينقصها ما تعتمد عليه أغلب التشخيصات الصحية الأخرى من علامات حيوية، كورم نراه في الأشعة، أو بكتيريا نتعرف عليها، أو كسر يظهر في صورة الأشعة السينية: كلها علامات واضحة على أن ثمة خطأ. الاضطرابات العقلية صعبة التشخيص حتى من قبل الأطباء النفسيين الأفضل تدريباً والأصدق نيةً، لأن كل ما يعملون عليه هو الأسئلة، وأحياناً الإجابات. يقول د. مايكل دولتشن - أستاذ علم النفس المساعد بالمركز الطبي بجامعة نيويورك -، "التشخيص هو طرح العديد والعديد من الأسئلة حول خبرات المرضى، والنظر إلى إجاباتهم من خلال ما قالوه، وكيف قالوه، وعدم اليقين يُمكن أن يؤدي إلى أخطاء خطيرة في التشخيص". ومن دون مثل هذه العلامات التي تؤكد تشخيصهم، يشعر المرضى عقلياً بعبء ذلك الشعور بأن علّتهم أقل بشكل ما من أغلب العلل الأخرى. لأعوام، حاول الباحثون إيجاد علامات محددة في الدماغ يمكن أن تفرق بين الاضطراب ثنائي القطب وبين الاكتئاب، على سبيل المقال. الآن، يؤمن البعض بأن الحل ربما يكمن في إدراك أن الأمراض العقلية ليست موجودة في الدماغ بالضرورة: ربما توجد علامات بيولوجية في جميع أنحاء الجسم. تقود د. سابين بان أستاذة التكنولوجيا العصبية بجامعة كامبريدج، فريقاً يبحث صحة هذه الفرضية. عندما كانت تدرس الدكتوراه، تفحصت سابين أدمغة المرضى النفسيين بعد الوفاة، وفوجئت بوجود فروقات في عمليات تنظيم الغلوكوز، وأجزاء معينة من إنتاج الخلايا في دماغ مرضى الشيزوفرينيا. ثم نظر فريق سابين إلى السائل النخاعي لمرضى الشيزوفرينيا في مراحله المبكّرة الذين لم يتعاطوا أي أدوية، ورأوا مجدداً شذوذاً في التعامل مع الغلوكوز. تقول سابين إنه كشفٌ كبير، إن هذه التغيرات يمكن اكتشافها في دم المرضى في مثل هذه المراحل المبكرة من المرض. وبدأ فريقها يفكّر، ماذا لو كان بإمكاننا ابتكار فحص دم للشيزوفرينيا؟ امتلاك مثل هذه الوسيلة لا يقدر بثمن، فطرق التشخيص الحالية المعتمدة على التحدث مع المرضى غالباً ما تفوتها أعراض الشيزوفرينيا غير الواضحة حتى يفوت الأوان، وهو ما يؤخر العلاج لأشهر وربما أعوام. وبالاستفادة من أبحاث سابقة، فصّلت سابين وفريقها جدولاً للعلامات البيولوجية في الدم لدى الأفراد المعرضين أكثر للإصابة بالشيزوفرينيا، لكن لم تظهر عليهم أي أعراض واضحة بعد. تقول سابين إن الاختبار يمكن أن يتنبأ بدقة ما إذا كان الشخص "سيصاب بالشيزوفرينيا في العامين القادمين”. اكتشاف سابين هو واحد من عدة تطورات نحو نظام شامل من الأدوات التشخيصية البيولوجية للصحة العقلية. فعلى سبيل المثال، عملت مجموعة من الباحثين مؤخراً بشكلٍ عكسي لحل مشكلة التداخل بين الاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب، فالعديد من مرضى الاضطراب ثنائي القطب يتم تشخيصهم تشخيصاً مبدئياً خاطئاً بأنهم مصابون بالاكتئاب. فقام الفريق بسحب عينات بول من مرضى كان قد تمّ تشخيصهم بأحد الاضطرابين، وبحثوا عن اختلافات بين المجموعتين. النتائج، التي نُشرت في مجلة أبحاث البروتيوم، أظهرت أن 20 مادة أيضية تفرق بين المجموعتين. فريق آخر من العلماء وجد اختلافات في بكتيريا الحلق بين المصابين بالشيزوفرينيا والأصحاء. أبحاث سابقة رجّحت وجود صلات مبدئية بين الاضطرابات المناعية، والتي تؤثر بشكل جزئي على الميكروبات في الجسم، وبين الشيزوفرينيا؛ والدراسة الجديدة، المنشورة في مجلة PeerJ، تزيد من احتمال ارتباط الفروقات في بكتيريا الفم باضطراب الشيزوفرينيا. على الرغم من هذه الاكتشافات المبدئية المثيرة، فإنه لا توجد فحوص بيولوجية للمرض العقلي تُستخدم بشكل واسع. في بعض الحالات، السبب مادي بشكل رئيسي، تقول سابين "مشكلة الشيزوفرينيا أنه على الرغم من إصابة 1% من الشعب الأميركي بها، إلا أن عدد المرضى الجدد كل عام منخفض للغاية، أقل من 0.02%، ولأن تكاليف تطوير فحصٍ مرتفعة للغاية، هناك مخاطرة ألا يكون في النهاية صالح تجارياً". وبالنسبة للأمراض العقلية الحادة مثل الشيزوفرينيا، الأمر متعلق أيضاً بعدم إدماج الفحص بنجاح في الممارسة الطبية، حتى وإن تم تطويره وطرحه في الأسواق. تقول سابين: "الاضطرابات النفسية عادة ما تتواجد إلى جانب أمراض أخرى مثل السكر وبعض الاضطرابات المناعية". لكن إن كان هناك فحص دم للاكتئاب، يمكن أن يكون جزءاً من مجموعة فحوص أخرى، وهو ما يساعد على الوصول إلى تشخيصٍ مبكر، وعلاج مبكر بالنتيجة. لكن الأشخاص المتعايشين بالفعل مع اضطراب عقلي يمكن أن ينتفعوا من ثمرة هذه الفحوص البيولوجية. تقول آلي آورلاندو، "أظن أنه في حالة ربط الجانب البيولوجي بالموضوع، حينها سيرى الناس أن وصم شخص باكتئابه هو أمر سخيف كوصمه بإصابته بمرض السكر، الناس غالباً ما يحتاجون إلى حقائق ملموسة محددة، وهذا هو ما يخيفهم بشأن المرض العقلي، وهذا هو منشأ الوصم - هم فقط لا يفهمون الأمر". هذا الموضوع مترجم عن مجلة Newsweek الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط .

مشاركة :